مصطفى الدفعي
سيمضي الوطن إلى الأمام بأمان وتطور، فالشباب يضحون بلا حدود في الحروب ..
وفي
أوقات السلم هم الذين يشقون الطرقات يعمرون المباني والجسور والأنفاق وهم من شيد
الحضارة اليمنية، وقد تعلقوا بالأمل في الخلود فشقوا طريقهم بين الصخور وعمروا
ووسعوا المباني والطرقات وعبدوا طريقنا إلى المستقبل في كل مكان من الوطن..دون أن يطلبوا من الكبار مقابل
تضحياتهم، ففي أوقات الحروب يضحي الشباب لترصع صدور الكبار بالنياشين وأكاليل
الورود ، وفي أوقات السلم يقيمون العمران..
ليعيش الكبار في القصور والمفترض أن
شباب المجتمعات يعتبر ميزة لها حيث من شأنه أن يدفع في شرايين المجتمع دماء جديدة
وفي أوصاله طاقات متجددة وفي عقله الجمعي أفكار طازجة ومتدفقة وفي وجدانه جرأة
تعينه على مواجهة التحديات والتغلب عليها وعبورها.
ولكن الحال عندنا كما هو عند
سوانا من المجتمعات المتخلفة على خلاف هذا، بل على نقيضه ولأسباب عديدة ولعل من
أبرزها هو أن حكومتنا أو أن أولي الأمر فينا يتميزون بنظرة تعتبر الأجيال الجديدة
عبئاً يتلخص في أفواه تطلب الطعام وليس في طاقات تجدد حيوية المجتمع وتضيف إليه،
وربما يجد أصحاب هذه النظرة مبرراً لها في نظرات اقتصادية وإحصائية شائعة في
البلدان المتقدمة ولكن تلك النظرات الاقتصادية والإحصائية الشائعة هناك تتحدث في
الحقيقة عن مجتمع فعال وشغال ، أما عندنا..
فالأخطر من نظرية "الأفواه" والنظرة
المعدية إلى المجتمع هو ما يكاد يكون نقيض نظرية معدل الإعالة، رغم أن من ملامح
المجتمع اليمني أنه مجتمع شاب فهو لا يكاد يكون فيه مكان إلا الشيوخ ،حتى أنه ينظر
إلى من تجاوز عمرهم دون هذا العمر المتوسط ، أو بالأحرى العمر المتقدم فهم مجرد
عيال، فهل بوسع مجتمع هذه مقاييسه أن يتجرأ على التجريب وأن تكون له شجاعة اقتحام
مجالات عديدة.
هل يمكن أن يكون إلا مجتمعاً ينظر على الوراء استمد الهامة من
الماضي ويتقدم نحوه؟.