نواف الزرو
في الحديث عن اقدام الموساد الاسرائيلي على اغتيال القائد المجاهد محمود المبحوح في دبي، لعلنا نفتح اولا ملف الارهاب الصهيوني منذ اكثر من قرن من الزمن، ونفتح ثانيا ملف ما يسمى عملية السلام والمفاوضات التي ساهمت على مدى نحو ثمانية عشر عاما في ذبح فلسطين، ونفتح ثالثا ملف الصراع على حقيقنه وجوهره.
فمرة اخرى ربما بعد المائة او الالف او اكثر، اخطأ من راهن، ويخطىء اكثر من يواصل من الفلسطينيين والعرب المراهنة على عملية السلام المزعومة مع تلك الدولة الصهيونية التي قامت منذ بداياتها على الحراب والحروب والاغتيالات والمحارق.
فتلك الدولة الصهيونية لم يرد في حساباتها الاستراتيجية منذ اقامتها امكانية السلام والتعايش، بل وضعت على قمة اجندتها"الحرب اولا ودائما"، فهي تعتبر نفسها في حروب مفتوحة مع الفلسطينيين والعرب وغيرهم ممن يهددونها، ومرتكزاتها في التصدي للتهديدات حربية الغائية مجازرية اغتيالية وخاصة على الصعيد الفلسطيني. ولهم في الاغتيالات كما هو معروف سجل حافل يعود الى اكثر من ستين عاما من الاغتيالات، ولهم في ذلك ايضا ادبيات ونظريات وتبرارات امنية وايديولوجية.
فان كانوا قد وصلوا الى المبحوح اليوم، فقد كانوا اغتالوا عددا كبيرا من القيادات في مراحل سابقة، وكذلك فان المزيد من القيادات الفلسطينية وفي مقدمتهم قادة حماس في دائرة الاسهداف الاغتيالي الصهيوني.
ومن ابرز واخطر الاغتيالات التي نفذوها خلال انتفاضة الاقصى على سبيل المثال:
1- عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين بتاريخ 22/3/2004.
2- عملية اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بتاريخ 17/4/2004.
3- عملية اغتيال أربعة نشطاء من كتائب الأقصى في نابلس يوم 2/5/2004.
4- عملية اغتيال ثلاثة من كوادر حركة حماس في غزة يوم 30/5/2004.
5- عملية اغتيال سبعة نشطاء من كتائب القسام وسرايا القدس وشهداء الأقصى في نابلس بتاريخ 26/6/2004 ، وكان من بينهم قائد شهداء الأقصى في نابلس وقائدان من القسّام وسرايا القدس.
6- عملية اغتيال خمسة نشطاء من كتائب الأقصى في طولكرم بتاريخ 25/7/2004.
يضاف إلى كل ذلك عمليات الاغتيالات الآتية على بنك اهدافهم. . فهاهو المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني كان اعلن في لقاء اجرته معه فضائية "الجزيرة" ان اسرائيل "تشن حربا مفتوحة على الارهابيين"- ويقصد الفلسطينيين و"ان هذه الحرب ستستمر".
وفي تصريحات مثيرة على سبيل المثال لرئيس الاركان الاسرائيلي الاسبق، طالب الجنرال امنون ليبكين شاحاك "الجيش بتوجيه ضربات ساحقة الى قيادات التنظيمات الفلسطينية وعدم الانتظار للتصعيد المتواصل الذي تقوم به" "الإثنين 11/ 1/ 2010"، وقال شاحاك للاذاعة العبرية الرسمية "لا يمكن لاسرائيل انتظار سياسية التصعيد التي تقوم بها التنظيمات الفلسطينية ويجب توجيه ضربات ساحقة وتصفية قياداتها ومخازن السلاح وعدم انتظار تنفيذ عملية كبرى"، وقال "يجب استهداف قيادات مؤثرة في حماس وبقية التنظيمات الفلسطينية حتى لا نصل الى المواجهة الكبرى والدخول الى قطاع غزة". ودعا سيلفان شالوم، لاستئناف سياسة اغتيال مسؤولي "حماس" فى قطاع غزة، وقال: "ينبغى استئناف التصفيات الهادفة ضد زعماء حماس الإرهابيين".
وكان "آفي ديختر" رئيس "الشاباك" الإسرائيلي ووزير الامن الداخلي سابقا قد سبق في التنظير للاغتيالات، اذ اعلن: "أن هنية ليس محصنا ضد الاغتيال كونه رئيسا للحكومة الفلسطينية"، ليكشف لنا عن تلك النوايا المبيتة ضد قيادات وزعماء وكوادر الشعب الفلسطيني. . ثم يعود الينا ليعلن مجددا "إن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ليس في مأمن من عملية تصفية قد تستهدفه في أول فرصة تسمح بذلك"/ عن وسائل الاعلام العبرية. ويضيف ديختر في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي "إن القضاء على مشعل هدف أكثر من مشروع، وإنني مقتنع بأنه في أول فرصة سنتخلص منه رغم صعوبة المهمة". ويتابع: "إن رئيس المكتب السياسي لحماس ليس منيعا عن الاغتيال، مثله مثل محمد ضيف مسؤول الذراع العسكري لحركة حماس، وإن إسرائيل سبق ووصلت لهما من قبل وتستطيع ان تصل إليهما مستقبلا".
ويلحق به نائب وزير الجيش الإسرائيلي افرايم سنيه مؤكدا: "أن أياً من قياديي حماس لن يكون في مأمن"، وفي السياق قالت مصادر إسرائيلية "إن الجيش الاسرائيلي كان رفع إلى القيادة السياسية قائمة اغتيالات بأسماء قيادات من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في أعقاب قرار المجلس الوزاري المصغر استئناف التصفيات ضد ناشطي وقادة الحركتين".
وهكذا نتابع ان هنية ومشعل وكبار القادة الفلسطينيين في دائرة الاستهداف والاغتيال، وان دولة الاحتلال تعود الى طبيعتها كدولة اغتيالات ارهابية، بل بوصفها اكبر واخطر دولة اغتيالات على وجه الكرة الارضية.
لقد بات من الواضح ان من أهم تداعيات سياسة الاغتيالات الاسرائيلية ضد قيادات ورموز الشعب الفلسطيني والانتفاضة والتي تتوجها دولة الاحتلال باغتيال نخبة من خيرة القيادات الفلسطينية السياسية والفكرية والميدانية، أنها تفتح لنا أولاً وقبل كل شيء، ملف سياسة الاغتيالات الارهابية الصهيونية، التي تشكل أخطر عنوان من عناوين الحرب العدوانية الإسرائيلية المحمومة المفتوحة التي اكدها الجنرالات اعلاه ضد الشعب الفلسطيني وضد أبرز نشطاء وقادة هذا الشعب وهذه الانتفاضات.