منير قائد
القانون في اليمن موجود كنص تشريعي نطلق عليه بأنه نافذ بعد إقراره، لكن فاعليته ووظيفته وفعله ودوره مغيب وثقافته غير متمثلة من قبل أبناء المجتمع لعدم وجود سلطة القانون التي تمارسها الدولة ولا ينازعها فيها أي سلطة أو أشخاص أو مراكز قوى ونفوذ، وهذا المعضلة الكبيرة أدت إلى إضعاف علاقة المجتمع بالدولة وشجعت الكثير من الأفراد ليعلنوا التمرد والخروج عن النظام والقانون كرد فعل على ممارسات تعطيل الدستور وعدم الالتزام به وتجاوز القوانين من قبل أصحاب النفوذ بكل أنواعه في الدولة والمجتمع معاً، ووصل الأمر إلى تهديد الدولة بوجودها من خلال رفع السلاح ضدها من قبل حركة التمرد الحوثي في محافظة صعدة وممارسة الأعمال التخريبية والعدائية من قبل ما يسمى "الحراك" في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية وممارسة الإرهاب من قبل تنظيم القاعدة، وكثيرة هي مظاهر وظواهر الخروج عن النظام والقانون مثل الاختطافات للأجانب أو لمواطنين، التقطع في الطرقات العامة، الفساد بكل أنواعه ومستوياته والسبب هو غياب سلطة القانون التي يتساوى أمامها كل أبناء المجتمع ويطبق القانون عليهم جميعاً ولا شخص فوقه أكان صغيراً أو كبيراً، وهذه السلطة التي يفترض ان تصون وتنتصر لحقوق كل أبناء المجتمع وخاصة المظلومين والمستضعفين وغير موجودة وحلت بدلها سلطات القوة والنفوذ في الدولة والمجتمع فغاب دورها وأضعف اداؤها مما أدى إلى فشلها في وظائفها لأنها أصحاب النفوذ فيها واستخدامه من قبلهم عطل قوة الدستور وسلطة القانون فيأتي الفعل منهم باسم الدولة متناقضاً ومتعارضاً مع هذه الوظائف مما يشجع الخارجين والمعادين للنظام والقانون على استمرارهم في ممارسة السلوك والأعمال الخارجة عن النظام والقانون إما لإشباع نزعات ورغبات عدائية ضده أو رد فعل على غياب سلطة القانون.
النفوذ وسلطته غير المشروعة أفرغت سلطة الدولة من مضمونها باعتبارها سلطة الشعب، وحل النفوذ بدلاً عن النظام والقانون بل والدولة وتجاوز العقد الاجتماعي حتى غدى أصحاب النفوذ لا يهمهم إلا مصالحهم غير المشروعة وحمايتها والمتناقضة مع مصلحة الشعب في أن يسود في المجتمع وإدارة الشأن المجتمعي على كافة المجالات الحياتية سلطة القانون، فكل الظواهر والممارسات والأعمال المتعارضة مع الدستور وسلطة القانون يقف وراءها أصحاب النفوذ بكل أنواعه في إطار الدولة والمجتمع معاً لكن الدولة تتحمل المسوؤلية الكبيرة عن تغييب سلطة القانون وعدم الانتصار لها لأن حمايته وصونه والتنفيذ الصارم له من صميم وظائف الدولة، فغالبية أبناء الشعب يدركون ويعون أن أصحاب النفوذ والمصالح غير المشروعة ومراكز القوى لها تأثير كبير في صياغة القوانين بما يضمن مصالحها غير المشروعة وحمايتها.
ومع ذلك ينشد الشعب ويتطلع إلى وجود سلطة حقيقية وقوية للقانون يخضع إليها كل أبناء المجتمع ويضمن فعلها ووجودها إنهاء الفاعلية العبثية لقوى النفوذ والفساد وأصحاب المصالح الضيقة والأنانية، فهذه القوى والمحسوبون عليها هم من ينتهكون الدستور ويقفون وراء الاعتداءات والممارسات المعادية للقانون وصدور الأحكام الجائرة والقبض التعسفي على كل شخص يفضح ممارستهم وأساليبهم ولم يصلوا إلى هذا التمادي إلا نتيجة ضعف وغياب سلطة القانون واعتبار الدولة بضعفها والمجتمع ملكاً خاصاً لهم، وهكذا نجد المفارقة بالخروج عن القانون اشكالية ومعضلة كبيرة في واقع الدولة وسلطتها وفي المجتمع الأمر الذي يتطلب إرادة مجتمعية وان تعيد الدولة اعتباراً لهيبتها ودورها ووظائفها وسلطة القانون لضمان إعادة كل الخارجين عن القانون إليه وهذه مهمة كل أبناء المجتمع الذين يفترض ان يمارسوا الضغط بالوسائل السلمية والحضارية والقانونية على الدولة لإصلاح الإدارة فيها والتخلص من أصحاب النفوذ ومراكز القوى والفساد والذين أضعوفها وغيبوا دورها وسلطة القانون فيها فتحول الكثير من المسؤولين في الدولة ليس لموظفين يخدمون الشعب ومصالحه فيها وإنما إلى موظفين لدى تلك القوى وخدمة مصالحها وهي تتكفل بحمايتهم وعدم محاسبتهم ومعاقبتهم جراء أي فعل أو ممارسة منتهكة للدستور ومتجاوزة للقانون.
إن ظاهرة الخروج على القانون لم يطل أثرها وانعكاساتها فقط في تفشي الفساد بكل أنواعه في الدولة والمجتمع بل وصل الأمر إلى تهديد وجودها والوحدة الوطنية والسلم الأهلي مما يتطلب من القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ/ علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية إعادة الاعتبار لسلطة القانون في ظل دولة النظام والقانون والمؤسسات، وتحت سقف هذه السلطة تستوعب المصالح المشروعة ولوج عهد جديد هو عهد سلطة القانون ليعود إليه كل الخارجين عنه بقوة سلطته المعبرة عن إرادة الشعب اليمني وخياراته المصيرية في هذه المرحلة لأن غياب سلطة القانون سيؤدي إلى ان يتقاتل أبناء اليمن كعشائر ومناطق ويتحول الوطن إلى غابة القوي فيها يأكل الضعيف ولا خيار لأبناء اليمن في هذه المرحلة إلا أن يستجاب لارادتهم في إيجاد الدولة اليمنية العصرية الحديثة دولة النظام والقانون.