;

الانتخابات الإيرانية.. نتائج القوة والنفوذ 1294

2010-02-10 04:35:10

د. ماجد
بن عبدالعزيز التركي


بعد نتائج انتخابية رئاسية إيرانية غير متوقعة،
بدأت المواجهات الإعلامية بين الاتجاهين المتنافسين في إيران، التي تحوّلت إلى
الشارع ثم إلى مواجهات دامية عزّزت مساحة الخلاف بين الطرفين، وكشفت نوايا وتوجهات
الحزب الحاكم المحافظ، وقذفت بإيران إلى عدد من الملفات المحلية الشائكة، التي يصعب
الخروج منها ولو في المنظور القريب، وفي المقابل بدا المجتمع
الدولي يراقب الأوضاع المحلية الإيرانية، وخَفَتَ
بريقُ الملف النووي الإيراني بتشاغل الحكومة الإيرانية بالأوضاع الداخلية، التي
بدورها لم تشغل إيران عن دعم التمرد الحوثي في اليمن، والتصادم الإعلامي مع
السعودية في مواجهاتها للتسلل الحوثي للداخل السعودي.
الحقيقة تقول إن
الانتخابات الإيرانية لم تأت وفق ما توقعه المراقبون، فهي نتائج مخيبة لآمال الجهود
الأميركية التي عملت كثيراً للتغلغل في الداخل الإيراني، إذ اعتقدت الولايات
المتحدة الأميركية - إلى ما قبل ظهور النتائج - أنها ضربت في عمق الداخل الإيراني،
وأنها إلى حد كبير تمكّنت من التأثير في مسارات الحراك السياسي الإيراني! ولكن
نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية أثبتت أن الحراك السياسي الديموقراطي الإيراني
لا يمكن أن يتقاطع بأي شكل مع الخط الاستراتيجي الفارسي بعباءة ولاية الفقيه، فسقط
الإصلاحيون أمام المحافظين، عندما بدت ملامح تحركهم بنَفَسٍ خارجي وتأييد أميركي،
نعم سبق أن نجح الإصلاحيون في الوصول للسلطة في إيران، ولكن حينها محمد خاتمي لم
يخرج من عباءة المرشد العام، ولم يتجاوز مجلس صيانة الدستور، أو بعبارة واقعية
صيانة الثورة الخمينية، ولكن الإصلاحيين في تجربتهم الجديدة التي فشلت، أو بالأصح
أجهضت حينما تنفست خارج الفضاء الإيراني، وهذا ما لا يسمح به حراس الثورة، فهل
فَشَلُ الإصلاحيون الإيرانيون بسبب برنامجهم الرئاسي، أم بسبب البرنامج الاستراتيجي
الإيراني الشامل الذي يرعاه بعناية فائقة مجلس صيانة الدستور، أم بسب التأييد
المتعجل الذي أظهره الأميركيون والبريطانيون قبل أن تنضج ثمرتهم في إيران؟ وعموماً
فإنه في كل مرة تخطئ أميركا في حساباتها في الداخل الإيراني، وفي هذه المرة بالغ
الأميركيون في تفاؤلهم، واعتقدوا أنهم أمسكوا بزمام الأمور الإيرانية، وتسارعت
خطواتهم تجاه إيران بقيادة المتهور روبرت غيتس «آخر تركة الجمهوريين الذي يُعدُ
عنصر التناقض في سياسة أوباما الديموقراطية»، إلى درجة أنها أغضت الطرف الدولي عن
بعض مراحل الملف النووي الإيراني، لقد تعجلت أميركا في تحركها تجاه إيران، ولم تحسب
حتى حدود تصريحات مسؤوليها، حتى زعزعت ثقة حلفائها في المنطقة، «ومن ذلك تصريح أمين
مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية، بعد القمة الطارئة التي عقدت في الرياض،
الذي تمنى ألا تكون التوجهات الإيجابية الأميركية تجاه إيران على حساب دول منطقة
الخليج»، هذه التصريحات الأميركية وردود الأفعال تجاهها كشفت مسار التوجه الأميركي
نحو إيران، والذي يشكّل الخط الأحمر في أجندة «ملالي» الثورة، فجاءت نتائج
الانتخابات الإيرانية وفق قراءة معهد «تشاتام هاوس»، الذي يعتبر أن الفوز الساحق
لأحمدي نجاد غير منطقي وفقاً لقراءة الشارع الإيراني، إلا أن يكون سبق هذا الفوز
تغيّر جذري في سلوك الناخبين، وهو الأمر المستبعد للغاية، إذ أظهرت هذه الدراسة أن
النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية الإيرانية تكشف عن «نقاط خلل» في نسب
المشاركة، وتبدل في التوجه العام «غير قابل للتصديق إلى حد بعيد» لمصلحة الرئيس
أحمدي نجاد، بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، وصدرت هذه الدراسة بعد دخول
الاحتجاجات «غير المسبوقة في إيران على إعادة انتخاب أحمدي نجاد لولاية ثانية
«أسبوعها الثاني».
ورأى معهد تشاتام هاوس أن تحليل الأرقام التي أعلنتها وزارة
الداخلية الإيرانية يكشف أنه لم يكن من الممكن لنجاد تحقيق مثل هذا الفوز الساحق من
دون تغير جذري في السلوك الانتخابي لسكان الأرياف وتبدل «مستبعد للغاية» في توجه
الناخبين الإصلاحيين السابقين لمصلحة أحمدي نجاد، وبحسب الدراسة، فإن أرقام وزارة
الداخلية الإيرانية تشير إلى تبدل في المزاج لمصلحة الرئيس طاول 50. 9 في المئة من
الناخبين، كما توحي بفوزه ب 47. 5 في المئة من أصوات الناخبين الذين أيّدوا مرشحين
إصلاحيين في انتخابات 2005.
ورأت الدراسة أن «هذا تحديداً أكثر من أي نتيجة أخرى
غير قابل للتصديق إلى حد بعيد، وكان موضع جدل محتدم في إيران.
وكشفت نتائج
الانتخابات أيضاً أن نسبة الإقبال على التصويت في محافظتي مزندران (شمال) ويزد
(وسط) المعروفتين بتوجهاتهما المحافظة تخطت 100 في المئة، بحسب أرقام النتائج، وشكك
التحليل الذي جرى تحت إشراف مدير معهد الدراسات الإيرانية في جامعة سانت أندروز في
فرضية أن فوز أحمدي نجاد كان نتيجة لمشاركة كثيفة من غالبية محافظة كانت صامتة في
الانتخابات السابقة، ولفت المعهد النظر إلى أنه في انتخابات 1997، و2001، و2005 لم
يكن المرشحون المحافظون وعلى الأخص نجاد يحظون بشعبية في المناطق الريفية، لكن
نتائج هذه السنة أظهرت أن الرئيس حقق نتائج لافتة في هذه المناطق، وأفادت الدراسة
بأن «زيادة الدعم لأحمدي نجاد بين سكان المناطق الريفية والأقليات العرقية لا تمت
بصلة للنزعات السابقة، وحصل احمدي نجاد على حوالى 13 مليون صوت إضافي في انتخابات
2009 من مجموع أصوات المحافظين في 2005 بحسب النتائج الرسمية، والحصول على النسبة
التي أعلنتها السلطات الإيرانية في عشر من المحافظات ال30 يفترض أن أحمدي نجاد حصل
على أصوات جميع الناخبين الجدد وجميع ناخبي الوسط و44 في المئة من الناخبين الذين
كانوا يصوّتون للإصلاحيين، إلا أن العديد من هذه المحافظات هي التي حقق فيها
الإصلاحي مهدي كروبي نتائج جيدة عام 2005، ما يعني أنه إن كانت النتائج المعلنة
صحيحة، فإن أنصاره قرروا التصويت لأحمدي نجاد وليس لمنافسه مير حسين موسوي، وقالت
الدراسة إن «هذا الوضع غير قابل للتصديق في نظر العديد من الإصلاحيين»، وكان كروبي
حصل على دعم قوي في المناطق الريفية عام 2005، غير أن النتائج التي حققها بحسب
الأرقام الرسمية تفيد بانهيار تام في عدد ناخبيه هذه السنة حتى في محافظته لورستان،
إذ تدهورت نسبة الأصوات التي حصل عليها من 55. 5 في المئة عام 2005 إلى 4. 6 في المئة
عام 2009.
ولفتت الدراسة إلى أن أنصار أحمدي نجاد يبررون هذا الأمر بكون كل من
نجاد وكروبي يعتبر «رجل الشعب»، وبحسب النتائج الرسمية فاز نجاد بالانتخابات
الرئاسية في الدورة الأولى بحصوله على 62. 63 في المئة من الأصوات.
باحث سعودي في
الشؤون السياسية majedat@gmail. com الحياة اللندنية

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد