روب
صبحاني
صبحاني
نبهت المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة متجهة إلى
«ديترويت» في يوم عيد ميلاد الجميع إلى الخطر الذي تشكله الخلايا الإرهابية التي
تتدرب في اليمن، إن هذه الدولة الواقعة في الطرف الجنوب لشبه الجزيرة العربية بحاجة
إلى مساندة دولية عاجلة، لأن من شأن وجود دولة فاشلة على حدود المملكة العربية
السعودية - أكبر منتج للنفط في العالم - أن تكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد
العالمي والحرب على الإرهاب.
وقد
ذكّرني المؤتمر الدولي، الذي عُقد في لندن أخيراً لدعم اليمن، بآية كريمة ظل العاهل
السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز يستشهد بها على الدوام: (إن الله لا يغير ما
بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وتلخص هذه الآية الكريمة نهج الملك عبدالله لما
نسميه، نحن الغربيين، «بناء الأمة»، وفيما ينجرف اليمن نحو وضع الدولة الفاشلة، من
خلال مزيج من الحكم غير الراشد، والدعم الذي يشتبه بأن إيران تقدمه للمتمردين
الحوثيين، والتجنيد الذي لا يخضع لرقابة الذي يقوم به تنظيم «القاعدة»، وحركة
انفصالية في الجنوب، وبطالة يصل معدلها إلى 35 في المئة، فإن الأحرى بالولايات
المتحدة أن تدرس إمكان الطلب من الملك عبدالله ان يعرض رؤيته لبناء الدولة حتى يتم
إنقاذ الدولة اليمنية.
ولكن واشنطن في سياق سعيها إلى احتواء التهديد الأمني،
ينبغي ألا تكرر الأخطاء التي ارتكبتها إدارة الرئيس جورج بوش في أفغانستان والعراق،
إذ أفرطت في تركيز جهودها على حل المشكلات الأمنية المباشرة بدلاً من معالجة السياق
الأكبر للتهديد الإرهابي.
إن المسار السليم الذي يتعين أن يتبعه اليمن يتمثل في
بناء حكم راشد وتنمية اقتصادية، والشخص المناسب لقيادة ذلك الجهد الاستراتيجي هو
الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإذا كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يريد أن يتفادى
«أفغنة» اليمن فعليه ان يمد يده إلى العاهل السعودي، ومن شأن مشاركة من ذلك القبيل
أن تعيد الاستقرار إلى اليمن على صُعُد عدة: أولاً: يمكن وضع حد للتجنيد والاستقطاب
الفكري الذي تقوم به «القاعدة» من خلال برنامج لإعادة تأهيل ومناصحة «الجهاديين»
يحظى بتمويل جيد ويخضع للإشراف السعودي، فقد حقق برنامج «المناصحة السعودي» نجاحاً
طيباً ويمكن تطبيقه في اليمن.
ويقول ابناء الملك عبدالله - الأمير متعب والأمير
عبدالعزيز - إن والدهما ملتزم التزاماً تاماً باستخدام القرآن لنزع التطرف من نفوس
المتشددين، وبإمكان الولايات المتحدة والسعودية تمويل برنامج يمنح حوافز مالية
للجهاديين التائبين لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع.
ثانياً: يجب ان نظل
متقدمين خطوة على مسؤولي تجنيد العناصر في «القاعدة» بإيجاد فرص تستوعب الشباب
اليمنيين العاطلين عن العمل، وهي استراتيجية أخرى يتمسك الملك عبدالله بن عبدالعزيز
بقدرتها على احتواء التطرف، ومن شأن بناء مرافق رياضية ملحقة بمراكز إعادة التأهيل
والمناصحة في أرجاء اليمن بتعاون سعودي - أميركي ان يمثل بداية طيبة، وتمكن تخصيص
أجور للشبان اليمنيين نظير بناء المرافق، والواقع أن هناك شركة في ولاية فيرجينيا
تملك شهادة براءة اقتراع تكنولوجيا قادرة على إنشاء مثل تلك المرافق في يوم
واحد.
ثالثاً: ينبغي علينا الإقرار بأن التنمية الاقتصادية في اليمن أحد السبل
المفضية حقاً إلى تقويض تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، وكثيراً ما أشار الملك
عبدالله، بحكم معرفته بالتاريخ، إلى خطة مارشال عقب الحرب العالمية الثانية في
أوروبا، نموذجاً لما هو مطلوب لبسط الاستقرار في اليمن.
ولعل السعودية، بما
تملكه من أرصدة سيادية تقارب الألف بليون دولار، تملك المال الذي يماثل قدرات
أميركا المالية والتكنولوجية لإيجاد واقع مختلف في اليمن.
وما ينبغي الاهتمام به
الموارد المائية المتضائلة في اليمن، إذ إن 46 في المئة فقط من سكان الريف اليمني
هم الذين يحصلون على حاجتهم من إمدادات المياه.
ومن شأن إقامة مصانع لتحلية مياه
البحر حل تلك المشكلة ليفضي ذلك إلى تنمية اقتصادية، وهكذا يمكن تطوير صناعة
السياحة على امتداد الساحل اليمني، ما سيوفر فرص عمل ومصدراً منتظماً للدخل تفيد
منه الحكومة المركزية.
رابعاً: على رغم ان حاجات النفط اليمني المتواضعة بلغت
ذروتها في عام 2001 وأخذت تتضاءل، إلا أن اليمن يملك احتياطات كبيرة من الغاز
الطبيعي الذي يمكن ان يصبح مصدراً لدخل تعود به صادراتها منه، ويمكن ان يتولى فريق
سعودي - أميركي معه الخبراء القانونيون والتجاريون مساعدة اليمن في التفاوض على
عقود تصدير الغاز الطبيعي إلى السعودية التي هي بحاجة إليه.
يضاف إلى ذلك ان
موقع اليمن يعد مميزاً من الناحية الاستراتيجية لجميع أسواق الغاز الطبيعي المُسال،
في آسيا وحوض المحيط الهادي وعلى جانبي المحيط الأطلسي، وحين ينعم اليمن بمزيد من
الاستقرار، ستكون شركات النفط الأجنبية راغبة في درس توفير استثمارات مالية ضخمة
يتطلبها التطوير الكامل لاحتياطات الغاز الطبيعي في اليمن.
لقد تعهدت وزيرة
الخارجية هيلاردي رودام كلينتون أخيراً بتعزيز العودة الأميركية لليمن الذي يبلغ
حالياً 121 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، فيما تعهدت السعودية بتقديم مساعدات
إلى اليمن تبلغ 1.25 بليون دولار، وإذا عملت واشنطن والرياض معاً على هذا الصعيد
فستكونان قادرين على تحقيق الغايات القصوى من مساعداتهما لليمن.
بيد أن نجاح
الشراكة السعودية - الأميركية لإنقاذ اليمن من التفتت ومن ان يصبح ملاذاً
للإرهابيين يتوقف على تعاون الرئيس اليمني علي عبدالله صالح مع تلك الجهود، وهنا
أيضاً فإن المفتاح بيد الملك عبدالله بن عبدالعزيز وليس أوباما، إذ إن علاقات وثيقة
تربط الملك بالرئيس اليمني.
ويُنظر إلى خادم الحرمين على نطاق واسع باعتباره رجل
دولة حكيماً لا يخشى في قول الحق لومة لائم.
والرئيس علي عبدالله صالح بحاجة
الآن أكثر من أي وقت مضى إلى حليف يمثل تلك السجايا.
حليف يقول الحقيقة ويهمه
مستقبل اليمن ويستطيع أن يسند أقواله بأفعاله.
* استشاري أميركي في شؤون الطاقة
- الحياة اللندنية
«ديترويت» في يوم عيد ميلاد الجميع إلى الخطر الذي تشكله الخلايا الإرهابية التي
تتدرب في اليمن، إن هذه الدولة الواقعة في الطرف الجنوب لشبه الجزيرة العربية بحاجة
إلى مساندة دولية عاجلة، لأن من شأن وجود دولة فاشلة على حدود المملكة العربية
السعودية - أكبر منتج للنفط في العالم - أن تكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد
العالمي والحرب على الإرهاب.
وقد
ذكّرني المؤتمر الدولي، الذي عُقد في لندن أخيراً لدعم اليمن، بآية كريمة ظل العاهل
السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز يستشهد بها على الدوام: (إن الله لا يغير ما
بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وتلخص هذه الآية الكريمة نهج الملك عبدالله لما
نسميه، نحن الغربيين، «بناء الأمة»، وفيما ينجرف اليمن نحو وضع الدولة الفاشلة، من
خلال مزيج من الحكم غير الراشد، والدعم الذي يشتبه بأن إيران تقدمه للمتمردين
الحوثيين، والتجنيد الذي لا يخضع لرقابة الذي يقوم به تنظيم «القاعدة»، وحركة
انفصالية في الجنوب، وبطالة يصل معدلها إلى 35 في المئة، فإن الأحرى بالولايات
المتحدة أن تدرس إمكان الطلب من الملك عبدالله ان يعرض رؤيته لبناء الدولة حتى يتم
إنقاذ الدولة اليمنية.
ولكن واشنطن في سياق سعيها إلى احتواء التهديد الأمني،
ينبغي ألا تكرر الأخطاء التي ارتكبتها إدارة الرئيس جورج بوش في أفغانستان والعراق،
إذ أفرطت في تركيز جهودها على حل المشكلات الأمنية المباشرة بدلاً من معالجة السياق
الأكبر للتهديد الإرهابي.
إن المسار السليم الذي يتعين أن يتبعه اليمن يتمثل في
بناء حكم راشد وتنمية اقتصادية، والشخص المناسب لقيادة ذلك الجهد الاستراتيجي هو
الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإذا كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يريد أن يتفادى
«أفغنة» اليمن فعليه ان يمد يده إلى العاهل السعودي، ومن شأن مشاركة من ذلك القبيل
أن تعيد الاستقرار إلى اليمن على صُعُد عدة: أولاً: يمكن وضع حد للتجنيد والاستقطاب
الفكري الذي تقوم به «القاعدة» من خلال برنامج لإعادة تأهيل ومناصحة «الجهاديين»
يحظى بتمويل جيد ويخضع للإشراف السعودي، فقد حقق برنامج «المناصحة السعودي» نجاحاً
طيباً ويمكن تطبيقه في اليمن.
ويقول ابناء الملك عبدالله - الأمير متعب والأمير
عبدالعزيز - إن والدهما ملتزم التزاماً تاماً باستخدام القرآن لنزع التطرف من نفوس
المتشددين، وبإمكان الولايات المتحدة والسعودية تمويل برنامج يمنح حوافز مالية
للجهاديين التائبين لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع.
ثانياً: يجب ان نظل
متقدمين خطوة على مسؤولي تجنيد العناصر في «القاعدة» بإيجاد فرص تستوعب الشباب
اليمنيين العاطلين عن العمل، وهي استراتيجية أخرى يتمسك الملك عبدالله بن عبدالعزيز
بقدرتها على احتواء التطرف، ومن شأن بناء مرافق رياضية ملحقة بمراكز إعادة التأهيل
والمناصحة في أرجاء اليمن بتعاون سعودي - أميركي ان يمثل بداية طيبة، وتمكن تخصيص
أجور للشبان اليمنيين نظير بناء المرافق، والواقع أن هناك شركة في ولاية فيرجينيا
تملك شهادة براءة اقتراع تكنولوجيا قادرة على إنشاء مثل تلك المرافق في يوم
واحد.
ثالثاً: ينبغي علينا الإقرار بأن التنمية الاقتصادية في اليمن أحد السبل
المفضية حقاً إلى تقويض تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، وكثيراً ما أشار الملك
عبدالله، بحكم معرفته بالتاريخ، إلى خطة مارشال عقب الحرب العالمية الثانية في
أوروبا، نموذجاً لما هو مطلوب لبسط الاستقرار في اليمن.
ولعل السعودية، بما
تملكه من أرصدة سيادية تقارب الألف بليون دولار، تملك المال الذي يماثل قدرات
أميركا المالية والتكنولوجية لإيجاد واقع مختلف في اليمن.
وما ينبغي الاهتمام به
الموارد المائية المتضائلة في اليمن، إذ إن 46 في المئة فقط من سكان الريف اليمني
هم الذين يحصلون على حاجتهم من إمدادات المياه.
ومن شأن إقامة مصانع لتحلية مياه
البحر حل تلك المشكلة ليفضي ذلك إلى تنمية اقتصادية، وهكذا يمكن تطوير صناعة
السياحة على امتداد الساحل اليمني، ما سيوفر فرص عمل ومصدراً منتظماً للدخل تفيد
منه الحكومة المركزية.
رابعاً: على رغم ان حاجات النفط اليمني المتواضعة بلغت
ذروتها في عام 2001 وأخذت تتضاءل، إلا أن اليمن يملك احتياطات كبيرة من الغاز
الطبيعي الذي يمكن ان يصبح مصدراً لدخل تعود به صادراتها منه، ويمكن ان يتولى فريق
سعودي - أميركي معه الخبراء القانونيون والتجاريون مساعدة اليمن في التفاوض على
عقود تصدير الغاز الطبيعي إلى السعودية التي هي بحاجة إليه.
يضاف إلى ذلك ان
موقع اليمن يعد مميزاً من الناحية الاستراتيجية لجميع أسواق الغاز الطبيعي المُسال،
في آسيا وحوض المحيط الهادي وعلى جانبي المحيط الأطلسي، وحين ينعم اليمن بمزيد من
الاستقرار، ستكون شركات النفط الأجنبية راغبة في درس توفير استثمارات مالية ضخمة
يتطلبها التطوير الكامل لاحتياطات الغاز الطبيعي في اليمن.
لقد تعهدت وزيرة
الخارجية هيلاردي رودام كلينتون أخيراً بتعزيز العودة الأميركية لليمن الذي يبلغ
حالياً 121 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، فيما تعهدت السعودية بتقديم مساعدات
إلى اليمن تبلغ 1.25 بليون دولار، وإذا عملت واشنطن والرياض معاً على هذا الصعيد
فستكونان قادرين على تحقيق الغايات القصوى من مساعداتهما لليمن.
بيد أن نجاح
الشراكة السعودية - الأميركية لإنقاذ اليمن من التفتت ومن ان يصبح ملاذاً
للإرهابيين يتوقف على تعاون الرئيس اليمني علي عبدالله صالح مع تلك الجهود، وهنا
أيضاً فإن المفتاح بيد الملك عبدالله بن عبدالعزيز وليس أوباما، إذ إن علاقات وثيقة
تربط الملك بالرئيس اليمني.
ويُنظر إلى خادم الحرمين على نطاق واسع باعتباره رجل
دولة حكيماً لا يخشى في قول الحق لومة لائم.
والرئيس علي عبدالله صالح بحاجة
الآن أكثر من أي وقت مضى إلى حليف يمثل تلك السجايا.
حليف يقول الحقيقة ويهمه
مستقبل اليمن ويستطيع أن يسند أقواله بأفعاله.
* استشاري أميركي في شؤون الطاقة
- الحياة اللندنية