زياد
ابوشاويش
ابوشاويش
ارتكب الجانب الفلسطيني خطأً كبيراً عشية انتهاء
المبعوث الأمريكي جورج ميتشل من جولته التاسعة بفشل متوقع يبدو أنه لن يكون فشلاً
كاملاً بسبب هذا الخطأ حيث قدم الفلسطينيون وعداً للرجل بدراسة اقتراح إجراء
مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي بإشراف أمريكي، كما وافق الرئيس عباس على
إجراء مباحثات مع الجانب الإسرائيلي بذريعة بناء الثقة بين الطرفين ولتخفيف إجراءات
الحصار الصهيونية عن الضفة الغربية دون أن تتناول هذه المباحثات الشق
السياسي.
الموقف الفلسطيني ظل
متماسكاً حتى اللحظات الأخيرة ورافضاً أية مباحثات قبل التزام الطرف الإسرائيلي
بشروط بديهية، وكما حددتها خارطة الطريق ليس إلا.
الجديد أن هذا التماسك يوشك
على الانهيار إن لم تتخذ قيادة منظمة التحرير موقفاً واضحاً برفض كل أشكال
المفاوضات طالما بقي الجانب الإسرائيلي متمسكاً بموقفه تجاه مسألة الاستيطان
والحصار، وليس كافياً أن تقوم إسرائيل بفك حاجز هنا أو طوق هناك، أو حتى الإفراج عن
بعض المعتقلين لنهرول مجدداً لمفاوضات نضع لها محددات سرعان ما نتجاوزها لنعود لنفس
الدوامة ولمزيد من الإرباك في الموقف الفلسطيني والانقسام بين صفوف الفصائل الوطنية
بما فيها فتح وحماس.
إن إصرار العدو الإسرائيلي على عدم تقديم تنازلات أو إبداء
مرونة تجاه خطوات بناء الثقة دون ثمن يدفعه الفلسطينيون والموقف الفلسطيني الجديد
سيكون الوصفة الإسرائيلية الأمريكية لخلخلة الجدار المتين الذي بناه الشعب
الفلسطيني بدم أبنائه أمام التفرد الصهيوني والعبث بمستقبل العملية السلمية تحت
عنوان المفاوضات ولا شيء غيرها في الوقت الذي لا تنتج هذه المفاوضات أي واقع جديد
يعطي أملاً لنجاح العملية السلمية أو حتى التسوية المؤقتة.
إن قبول التفاوض على
قضايا جزئية سيكون أسوأ بكثير من مفاوضات تتناول القضايا الجوهرية لأن الأخيرة تحشر
إسرائيل وتظهرها معوقاً للسلام بسبب رفضها كل الصيغ الشرعية لحل منطقي ومتوازن لهذه
القضايا كما أن الحوار مع إسرائيل على القضايا الثانوية والجزئية سيهبط بسقف
المطالب الفلسطينية ويقدم لحكومة نتنياهو المتطرفة فسحة من الوقت لمزيد من التعنت
والتضليل والاستيطان، ومن هنا فإن الوعد والقرار الرئاسي بمحادثات ليست سياسية
لبناء الثقة سيجلب على الفلسطينيين متاعب والتزامات لا قبل لهم بتحملها حين تبدأ
المفاوضات السياسية دون إلزام الطرف الآخر بالانصياع للإرادة الدولية بما فيها
الرباعية التي تبنت خارطة الطريق.
إن وقف المفاوضات من الجانب الفلسطيني كان
قراراً جيداً وفي الاتجاه الصحيح، كما جرى تفهمه من جانب كافة الأطراف العربية
والدولية بسبب المواقف الاسرائيلية المتعنتة، وحظي بإجماع قل نظيره على الساحة
الفلسطينية واعتبره الكثير من المحللين السياسيين بوابة العبور للمصالحة والوحدة
الوطنية ولذلك ليس من الصواب التفريط به تحت وهم إجراءات بناء ثقة لا يمكن أن تكون
مع حكومة كالتي تحكم اليوم في الكيان الإسرائيلي.
إن المفاوضات لن تجري بشكل
سليم وحقيقي إلا إذا شعرت إسرائيل بحاجتها لتلك المفاوضات من أجل الحفاظ على أمنها
واستمرار بقاءها وهذا غير وارد الآن في الموقف الإسرائيلي من المفاوضات، وهي تلح
على استئنافها لكسب الوقت ومن أجل مزيد من الإجراءات على الأرض لتهويد أكبر مساحة
ممكنة من الضفة الغربية والقدس وخلق واقع تكون معه أية مفاوضات على الوضع الدائم
مجرد توثيق وترسيم لبقاء احتلالها للأرض الفلسطينية وتفريغ قصة الدولة الفلسطينية
المستقلة من أية مضامين أو أسس.
إن الرفض الفلسطيني المبني على خلفية وطنية
صحيحة وللحفاظ على الحقوق وكذلك لتمهيد الطريق لرسم سياسة فلسطينية صائبة والتزام
برنامج منظمة التحرير الفلسطينية هو الموقف الذي يجب التمسك به من أجل إعادة صياغة
كاملة لكل المنهج والخط الذي سلكته القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية
والذي فشل في الحصول على أية مكاسب أو حقوق للشعب الفلسطيني طوال سنوات وإن كان
لابد من العودة للمفاوضات فيجب أن يكون ذلك بعد إتمام إجراءات داخلية في مقدمها
الوحدة الوطنية والبرنامج الوطني المشترك وعودة خيار المقاومة بكل أشكالها مجدداً
في صلب هذا البرنامج.
ونأمل أن تعود القيادة الفلسطينية في رام الله عن وعدها
بالنظر في مفاوضات مكوكية وغير مباشرة أو ما يسمى إجراءات بناء الثقة.
العرب
أونلاين
المبعوث الأمريكي جورج ميتشل من جولته التاسعة بفشل متوقع يبدو أنه لن يكون فشلاً
كاملاً بسبب هذا الخطأ حيث قدم الفلسطينيون وعداً للرجل بدراسة اقتراح إجراء
مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي بإشراف أمريكي، كما وافق الرئيس عباس على
إجراء مباحثات مع الجانب الإسرائيلي بذريعة بناء الثقة بين الطرفين ولتخفيف إجراءات
الحصار الصهيونية عن الضفة الغربية دون أن تتناول هذه المباحثات الشق
السياسي.
الموقف الفلسطيني ظل
متماسكاً حتى اللحظات الأخيرة ورافضاً أية مباحثات قبل التزام الطرف الإسرائيلي
بشروط بديهية، وكما حددتها خارطة الطريق ليس إلا.
الجديد أن هذا التماسك يوشك
على الانهيار إن لم تتخذ قيادة منظمة التحرير موقفاً واضحاً برفض كل أشكال
المفاوضات طالما بقي الجانب الإسرائيلي متمسكاً بموقفه تجاه مسألة الاستيطان
والحصار، وليس كافياً أن تقوم إسرائيل بفك حاجز هنا أو طوق هناك، أو حتى الإفراج عن
بعض المعتقلين لنهرول مجدداً لمفاوضات نضع لها محددات سرعان ما نتجاوزها لنعود لنفس
الدوامة ولمزيد من الإرباك في الموقف الفلسطيني والانقسام بين صفوف الفصائل الوطنية
بما فيها فتح وحماس.
إن إصرار العدو الإسرائيلي على عدم تقديم تنازلات أو إبداء
مرونة تجاه خطوات بناء الثقة دون ثمن يدفعه الفلسطينيون والموقف الفلسطيني الجديد
سيكون الوصفة الإسرائيلية الأمريكية لخلخلة الجدار المتين الذي بناه الشعب
الفلسطيني بدم أبنائه أمام التفرد الصهيوني والعبث بمستقبل العملية السلمية تحت
عنوان المفاوضات ولا شيء غيرها في الوقت الذي لا تنتج هذه المفاوضات أي واقع جديد
يعطي أملاً لنجاح العملية السلمية أو حتى التسوية المؤقتة.
إن قبول التفاوض على
قضايا جزئية سيكون أسوأ بكثير من مفاوضات تتناول القضايا الجوهرية لأن الأخيرة تحشر
إسرائيل وتظهرها معوقاً للسلام بسبب رفضها كل الصيغ الشرعية لحل منطقي ومتوازن لهذه
القضايا كما أن الحوار مع إسرائيل على القضايا الثانوية والجزئية سيهبط بسقف
المطالب الفلسطينية ويقدم لحكومة نتنياهو المتطرفة فسحة من الوقت لمزيد من التعنت
والتضليل والاستيطان، ومن هنا فإن الوعد والقرار الرئاسي بمحادثات ليست سياسية
لبناء الثقة سيجلب على الفلسطينيين متاعب والتزامات لا قبل لهم بتحملها حين تبدأ
المفاوضات السياسية دون إلزام الطرف الآخر بالانصياع للإرادة الدولية بما فيها
الرباعية التي تبنت خارطة الطريق.
إن وقف المفاوضات من الجانب الفلسطيني كان
قراراً جيداً وفي الاتجاه الصحيح، كما جرى تفهمه من جانب كافة الأطراف العربية
والدولية بسبب المواقف الاسرائيلية المتعنتة، وحظي بإجماع قل نظيره على الساحة
الفلسطينية واعتبره الكثير من المحللين السياسيين بوابة العبور للمصالحة والوحدة
الوطنية ولذلك ليس من الصواب التفريط به تحت وهم إجراءات بناء ثقة لا يمكن أن تكون
مع حكومة كالتي تحكم اليوم في الكيان الإسرائيلي.
إن المفاوضات لن تجري بشكل
سليم وحقيقي إلا إذا شعرت إسرائيل بحاجتها لتلك المفاوضات من أجل الحفاظ على أمنها
واستمرار بقاءها وهذا غير وارد الآن في الموقف الإسرائيلي من المفاوضات، وهي تلح
على استئنافها لكسب الوقت ومن أجل مزيد من الإجراءات على الأرض لتهويد أكبر مساحة
ممكنة من الضفة الغربية والقدس وخلق واقع تكون معه أية مفاوضات على الوضع الدائم
مجرد توثيق وترسيم لبقاء احتلالها للأرض الفلسطينية وتفريغ قصة الدولة الفلسطينية
المستقلة من أية مضامين أو أسس.
إن الرفض الفلسطيني المبني على خلفية وطنية
صحيحة وللحفاظ على الحقوق وكذلك لتمهيد الطريق لرسم سياسة فلسطينية صائبة والتزام
برنامج منظمة التحرير الفلسطينية هو الموقف الذي يجب التمسك به من أجل إعادة صياغة
كاملة لكل المنهج والخط الذي سلكته القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية
والذي فشل في الحصول على أية مكاسب أو حقوق للشعب الفلسطيني طوال سنوات وإن كان
لابد من العودة للمفاوضات فيجب أن يكون ذلك بعد إتمام إجراءات داخلية في مقدمها
الوحدة الوطنية والبرنامج الوطني المشترك وعودة خيار المقاومة بكل أشكالها مجدداً
في صلب هذا البرنامج.
ونأمل أن تعود القيادة الفلسطينية في رام الله عن وعدها
بالنظر في مفاوضات مكوكية وغير مباشرة أو ما يسمى إجراءات بناء الثقة.
العرب
أونلاين