عبدالكريم المدي
كشفت الأيام المتلاحقة أن وزارة الثقافة ومنذ مارس 2007م وحتى اليوم قد اختصرت عناوينها الكبرى وعملها الثقافي التنويري في صندوق التراث والتنمية الثقافية وما يتفرع عن هذه العنوان الذي شوهوه من مسميات وهمية وبدل سفريات وصرفيات لا صله لها، بمطلق الأحوال، بتنمية الثقافة أو إدارة وتسيير المشهد الثقافي أو الاهتمام بالمبدعين في هذا البلد الممتلئ بالمبدعين والمثقفين، العاطلين، البائسين!.
وكشفت الأيام المتلاحقة خلال هذه السنوات الأخيرة بأن من يدير هذه الوزارة من خلف الستار ومن أمامه بالفعل لا ينتمون لعرق وقيم الثقافة والمشاريع الثقافية، لا من قريب ولا من بعيد. . !
وكشفت السنوات الثلاث الأخيرة من عمر ثقافة هذا البلد المؤسسية الرسمية بأنه تم استبدال منظّمي ومخطّطي ومؤسَّسي العمل "الثقافي الإبداعي الوطني" بمخترعي بدلات السفر و"شفرات" و"مفردات" الكولسة، الذين أكدوا بهذا أن ثقافة إقصاء ومصادرة الثقافة الحقيقية والمثقفين لا تجدها إلا في بلدان احترفت الفساد والجهل واللامبالاة وغياب الهم الحضاري، التنويري، الوحدوي كبلادنا. . !
>>>
أكثر من "400" مليون ريال هي أمول صندوق التراث والتنمية الثقافية في العام الواحد ويضاف إليها طبعاً اعتماد الوزارة ونثرياتها ومع كل هذا وبغض النظر على أن المبلغ يصرف عاملاً أو يبقى منه فتات لم يقدم للثقافة والمثقفين أي منجز ثقافي أو فعالية حقيقية ذات بال أو حتى خبر قصير في صحيفة أو مجلة عربية يتحدث عن ندوة حقيقية أو انتشال مثقف من الضياع والجوع وبشاعة الشارع ومذلة السؤال في شعب حضاري كهذا أتصف بالطيبة والحكمة والسعادة. . !
وكي نزيد كم من الشعر أبياتاً يقال بأنه كان لهذا الصندوق بنود وأبواب تصرف أمواله عبرها ووفقها قانونياً لكن يشاع والحجة هنا على الراوي بأنهم قاموا بإلغاء جميع البنود والأبواب، ليعامل هذا الصندوق من حينها شاء الحاسدون أم أبوا وكأنه سلة خاصة ولعل ما يدل على هذا هي التجاوزات في الصرف خارج تلك البنود التي قيدت بسلسلة تعود للعصور الظلامية. . !
>>>
وللتأكيد أكثر يقال أيضاً بأن معاليهم في وزارة الثقافة "الذين يديرون مشهدها المخفي / الصامت" أغفلوا ويغفلون توصيات مجلس النواب والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وذلك بخصوص تجاوزات لا حصر لها. . !
هذا إلى جانب تسريبات نسمعها وربما يسمعها الجميع تقول بأن هناك الكثير ممن يتسلمون دعماً ومخصصات شهرية من أموال الصندوق ولا صلة لهم بالثقافة أو الشعر الذي ظلم قائلوه هنا في ظل مثل هكذا قيادة للمشهد الثقافي، حيث لم يشفع لهذا الأديب أو المثقف المطالبات المتكررة من قبل قيادات وشخصيات مرموقة في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين لقيادة وزارة الثقافة للاهتمام بوضع الأديب ومنحه ولو قطرات من فيض ذلك الصندوق. .
>>>
على أيه حال عندما يصل الزائر أو صاحب المشروع الثقافي والفكرة التنويرية والمظلمة الحقيقية إلى حرم وقداسة وزارة الثقافة وتحديداً إلى مكتب معالي وزيرها "المتواضع" و"المخلق" جداً يعود إلى أدراجه ملوماً، محسوراً، نادماً ويائساً قبل أن يلتقي بمعالي الوزير وذلك لأن لقاء "معالي" مدير مكتبه يغنيه تماماً عن لقاء الأخ الوزير وهذا السر لا يعلمه إلا من قام بمثل هكذا زيارة والراسخون في علم مدراء المكاتب في زمن كهذا ومكان كذاك. . !
وإذا ما جاز لنا هنا أن نتطرق بلمحة عن الأخ مدير "مكتبه"، الذي يتمتع بقدر وافر من الذكاء والبرجوازية والاعتزاز بالنفس و"بضربة الحظ" فأخونا المدير بصورة دائمة تنتظره الكثير من طوابير الناس، أصحاب المصالح الذين يقضيها لهم جميعاً ووفقاً للنظام والقانون ولائحة الوزارة والصندوق، ومع أنه قادر على أن يعمل الكثير، إلا أنه يفرمل أحياناً وأحياناً يتذكر بأنه لم يمتلك بعد صفه وشرعية القرار الرسمي الذي ينقصه فقط.
>>>
ولكي ننهي حديثنا هذا على الفور نحن نفهم جيداً أنه لو كان هناك في رأس هذه الوزارة والبطانات المحيطة والمحركة لها من يحترم ثقافة البلد ويحمل هم الثقافة والمثقفين بالفعل لما وصل وضع وحال الثقافة والمشهد الثقافي إلى هذا الموت السريري. . ! ونفهم جيداً بأنه لو كان هناك في تلك الوزارة من يمتلك مشروعاً ثقافياً وقدرة على استيعاب واحتواء المثقفين والفنانين في أكثر من محافظة وخاصة في بعض المحافظات الجنوبية لما سمعنا اليوم بأن هناك مثقفين مهمين مشهورين وفنانين قد انخرطوا في صفوف ما يسمى ب"الحراك" أو بدؤوا يفكرون بهذا النوع من الانتحار والانهزامية واليأس. . !
>>>
ونفهم جيداً بأننا أمام برهان جديد وجلي يؤكد بأن المشهد الثقافي ، الوطني ، التنويري قد طعن من الظهر وهاهو في رمقه الأخير. .
ونفهم جيداً بأن أيام الثقافة الحقيقية الزاهية قد مضت بها والعمر الجميل قد سار بلا رضاها. . !
أما المؤشر الخطير فيما نفهمه هو: أن يأتي فشل ووضع وزارة الثقافة وكل ما يثار حولها من تساؤلات وقصص عن الشلل وما أدراك ما الشلل في هذا الوقت الصعب والحساس من تاريخ اليمن. . !
مسك الختام:
نحن على مشارق "ترميم" عاصمة للثقافة الإسلامية وهذه في الواقع فرصة ذهبية لوزارة ما يعرف ب"الثقافة" وذلك في استثمارها ثقافياً ووطنياً وجمع شمل ورؤى ومشاعر وخطاب المثقفين اليمنيين وكذا المشاركين من العالمين العربي والإسلامي من أجل شيء واحد هو الإبداع والتسامح وبناء جسور المحبة والوطنية بين أبناء اليمن من جهة وأدباء ومثقفي العالم الإسلامي وبلادنا من جهة ثانية، ونظراً لأهمية هذا الحدث والظرف الذي تمر به البلاد وإدراك الحكومة له ولدلالاته فقد رصدت له "2" مليار و"4" مليون ريال، وما علينا "فقط" إلا أن ننتظر بعد أيام وشهور كل ألوان الفشل الباهتة "إعداداً، وتنظيماً، ووهماً، وخطاباً، وغيرها. . أعدكم بذلك وإن غداً لناظره قريب. . !
ولنبكي معاً ذكرى الجمال والدهشة والتألق في عام صنعاء عاصمة للثقافة العربية 2004م ونقارن حينها لكي نريح أنفسنا بالبكاء والحسرة لا أكثر. . !