علي صالح
رجب
رجب
لفت كثير من المهتمين بقضايا
المجتمع ما أحدثه نبأ وفاة الدكتور محسن قائد من حزن بمحافظة الضالع وغيرها ممن
عرفوه وسمعوا عنه ومن خلال الحشد الهائل الذين جاؤوا لتشييع جنازته والصلاة عليه
وكيف جمعت جنازته الجميع بشتى انتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية إلى غير ذلك
من عوامل الاستقطاب السياسي الرائجة في القطر اليمني من أدنى الجنوب إلى أقصى
الشمال الجميع يكتنفهم الحزن عليه ويثنون على ما كان يتحلى به الفقيد من روح
إنسانية وخلق رفيع فصارت الألسنة تلهج بخصاله النبيلة ومناقبه الفاضلة ..والمجال لا
يتسع لضرب الأمثلة وعرض المواقف التي
تحلى بها والتي تكشف عن مقدار عنايته بالمرضى من المواطنين وباهتمامه بذوي
الاحتياجات الخاصة من الفقراء والمساكين وغيرهم..
وحتى من المؤسرين حيث كان
..
رحمه الله تعالى يتعامل مع الجميع معاملة واحدة ومتساوية بغض النظر عن
مستوياتهم الاجتماعية أو مناطقهم أو توجهاتهم الفكرية أو انتماءاتهم السياسية بروح
أخلاقية عالية الأمر الذي جعل المهتمين بقضايا المجتمع ممن عرفوا الفقيد، يبحثون في
المؤتمرات التي صاغت هذه الشخصية الإنسانية المتميزة..
وإذا تتبعنا حياة الفقيد
سنجد ثمة عوامل صاحبها الدكتور/ محسن كان لها أثر كبير في سيرته فقد ولد ونشأ في
بيئة متدنية ومن أسرة فقيرة وأبٍ فقير ولكنه حريص على أن يطعم أولاده وأسرته الرزق
الحلال وقد تولى تعليمه القرآن الكريم منذ نعومه أظفاره، ثم تلقى العلم وعلوم
القرآن على يد رجل أشتهر بالاستقامة والزهد والبساطة وهو الحاج محمد حمود السنتمي
"رحمه الله".
وأذكر أننا منذ كنا في ريعان الشباب وابتداء من المرحلة الثانوية
قد "تزاملنا" معاً وعرفته من خلال التجمع الشبابي في التوجه الإسلامي حيث ظل الفقيد
محافظاً على قيمه الدينية واستقامته الأخلاقية في السبعينيات والثمانينيات وفي تلك
الحقبة التي سادت المحافظات الجنوبية والشرقية..
ونذكر ملامح يسيرة عن طبيعة
مهنته في الطب، تلك المهنة التي تجلت فيها إنسانيته المؤثرة في معاملته للمرضى
وملامسة آلامهم وأوجاعهم..
لقد حباه الله بروح طيبة وصافية وقلب سليم يتسع
للجميع ويعيش مع كل الناس على مسافة واحدة من المساواة ، ومما زاده تألقا ما أكرمه
الله به من التقوى والورع وحسن خلق فالناس كلهم لديه طيبون ولا يذكر أحد عنده
بمكروه ، وقد صدق قول الشاعر فيه حين قال: فالناس هذا حظه مال وذا علمُ وذاك مكارم
الأخلاق فإذا رزقت خليقةً محمودة فقد اصطفاك مقسم الأرزاق ومما ساعده على عمله
ونشاطه هو حدسه في اختيار أصدقائه من زملاء المهنة من الأطباء الطيبين الذين شاطروه
كثيراً من صفاته الأخلاقية وسماته الإنسانية ولا ريب بأن التزاماته بالواجبات
الدينية في المداومة على أداء الفرائض والسنن وقراءة القرآن وحفظه والتزامه بما
أمره الله به وحرصه على اجتناب ما نهى الله عنه قدر استطاعته..
بينما كنا
منهمكين في تشييع جنازة الفقيد همس لي بعض محبيه فقال : لعل الله قد عاقبنا لأننا
لا نستحق مثل هذا الرجل أو أن الله تعالى قد أخذه لما يعلمه تعالى بما سيكون في
المستقبل من أهوال جسيمة..
وكأني لأولئك البائسين والمرضى وكل الطيبين ممن عرفوا
هذا الرجل الطيب يحوقلون ويسترجعون قائلين: اللهم أجرنا في مصيبتها وأبدلنا خيراً
منها..
قال لي ذات يوم حين كنا نتحدث معاً :"للأسف كثير من زملاء المهنة
ومساعديهم يبدون اهتماماً بأصحاب الوجاهات ولا يعلمون بأن الأجر والثواب والخير في
مراعاة ومداواة الضعفاء والمساكين الذين يأتون من القرى النائية والمناطق الفقيرة
الذين لا يجدون من يهتم بهم ويرعاهم كان يقص لي بعض العمليات الجراحية المستعصية
التي كان يجريها والصعوبات التي واجهها وكيف أن الله سبحانه وتعالى كان كثيراً ما
يوفقه إلى النجاح وإنقاذ أصحابها من أمراض كانت مستعصية.
أتذكر من تلك المشاهد
التي شاهدتها وعشتها معه.
أننا بينما كنا نتبادل أطراف الحديث، إذ أخذ يشرح لي
بعض الحالات المحرجة التي تعرض عليه ومنها بعض الأمراض التي قد تصيب النساء فيعجز
أولياء أمورهن أو يعجزون عن دفع تكاليف العملية أو أن تتحمل المرأة الآلام والمرض
وخاصة حين تكون في مناطق من الجسم تستحي المرأة عن البوح بها فيضطر لإجراء العملية
بأقل التكاليف أو حتى بدون أجر.
إن هذه الأمة لم تعقم عن إنجاب أناس صالحين ،
وهي أمة معطاة بحمد الله وتوفيقه ، ولكن القصور والعجز يتجلى في عدم اكتشاف
العباقرة وفتح الآفاق أمامهم وفي إعطائهم الفرصة والمكانة اللائقة ولكننا نقول أن
الخبرة فيما أختاره الله "والآخرة خير لك من الأولى" "والآخر خير وأبقى".
رحم
الله الدكتور محسن رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح الديار ، وعزاؤنا فيه هو ذلك الرصيد
الإنساني الكبير الذي خلفه في تلاميذه وفي أبنائه الأطباء "صلاح ومحمد وعلي" الذين
نسأل الله العلي القدير بأن يجعلهم ممن قال فيهم :"والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم
بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء".
المجتمع ما أحدثه نبأ وفاة الدكتور محسن قائد من حزن بمحافظة الضالع وغيرها ممن
عرفوه وسمعوا عنه ومن خلال الحشد الهائل الذين جاؤوا لتشييع جنازته والصلاة عليه
وكيف جمعت جنازته الجميع بشتى انتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية إلى غير ذلك
من عوامل الاستقطاب السياسي الرائجة في القطر اليمني من أدنى الجنوب إلى أقصى
الشمال الجميع يكتنفهم الحزن عليه ويثنون على ما كان يتحلى به الفقيد من روح
إنسانية وخلق رفيع فصارت الألسنة تلهج بخصاله النبيلة ومناقبه الفاضلة ..والمجال لا
يتسع لضرب الأمثلة وعرض المواقف التي
تحلى بها والتي تكشف عن مقدار عنايته بالمرضى من المواطنين وباهتمامه بذوي
الاحتياجات الخاصة من الفقراء والمساكين وغيرهم..
وحتى من المؤسرين حيث كان
..
رحمه الله تعالى يتعامل مع الجميع معاملة واحدة ومتساوية بغض النظر عن
مستوياتهم الاجتماعية أو مناطقهم أو توجهاتهم الفكرية أو انتماءاتهم السياسية بروح
أخلاقية عالية الأمر الذي جعل المهتمين بقضايا المجتمع ممن عرفوا الفقيد، يبحثون في
المؤتمرات التي صاغت هذه الشخصية الإنسانية المتميزة..
وإذا تتبعنا حياة الفقيد
سنجد ثمة عوامل صاحبها الدكتور/ محسن كان لها أثر كبير في سيرته فقد ولد ونشأ في
بيئة متدنية ومن أسرة فقيرة وأبٍ فقير ولكنه حريص على أن يطعم أولاده وأسرته الرزق
الحلال وقد تولى تعليمه القرآن الكريم منذ نعومه أظفاره، ثم تلقى العلم وعلوم
القرآن على يد رجل أشتهر بالاستقامة والزهد والبساطة وهو الحاج محمد حمود السنتمي
"رحمه الله".
وأذكر أننا منذ كنا في ريعان الشباب وابتداء من المرحلة الثانوية
قد "تزاملنا" معاً وعرفته من خلال التجمع الشبابي في التوجه الإسلامي حيث ظل الفقيد
محافظاً على قيمه الدينية واستقامته الأخلاقية في السبعينيات والثمانينيات وفي تلك
الحقبة التي سادت المحافظات الجنوبية والشرقية..
ونذكر ملامح يسيرة عن طبيعة
مهنته في الطب، تلك المهنة التي تجلت فيها إنسانيته المؤثرة في معاملته للمرضى
وملامسة آلامهم وأوجاعهم..
لقد حباه الله بروح طيبة وصافية وقلب سليم يتسع
للجميع ويعيش مع كل الناس على مسافة واحدة من المساواة ، ومما زاده تألقا ما أكرمه
الله به من التقوى والورع وحسن خلق فالناس كلهم لديه طيبون ولا يذكر أحد عنده
بمكروه ، وقد صدق قول الشاعر فيه حين قال: فالناس هذا حظه مال وذا علمُ وذاك مكارم
الأخلاق فإذا رزقت خليقةً محمودة فقد اصطفاك مقسم الأرزاق ومما ساعده على عمله
ونشاطه هو حدسه في اختيار أصدقائه من زملاء المهنة من الأطباء الطيبين الذين شاطروه
كثيراً من صفاته الأخلاقية وسماته الإنسانية ولا ريب بأن التزاماته بالواجبات
الدينية في المداومة على أداء الفرائض والسنن وقراءة القرآن وحفظه والتزامه بما
أمره الله به وحرصه على اجتناب ما نهى الله عنه قدر استطاعته..
بينما كنا
منهمكين في تشييع جنازة الفقيد همس لي بعض محبيه فقال : لعل الله قد عاقبنا لأننا
لا نستحق مثل هذا الرجل أو أن الله تعالى قد أخذه لما يعلمه تعالى بما سيكون في
المستقبل من أهوال جسيمة..
وكأني لأولئك البائسين والمرضى وكل الطيبين ممن عرفوا
هذا الرجل الطيب يحوقلون ويسترجعون قائلين: اللهم أجرنا في مصيبتها وأبدلنا خيراً
منها..
قال لي ذات يوم حين كنا نتحدث معاً :"للأسف كثير من زملاء المهنة
ومساعديهم يبدون اهتماماً بأصحاب الوجاهات ولا يعلمون بأن الأجر والثواب والخير في
مراعاة ومداواة الضعفاء والمساكين الذين يأتون من القرى النائية والمناطق الفقيرة
الذين لا يجدون من يهتم بهم ويرعاهم كان يقص لي بعض العمليات الجراحية المستعصية
التي كان يجريها والصعوبات التي واجهها وكيف أن الله سبحانه وتعالى كان كثيراً ما
يوفقه إلى النجاح وإنقاذ أصحابها من أمراض كانت مستعصية.
أتذكر من تلك المشاهد
التي شاهدتها وعشتها معه.
أننا بينما كنا نتبادل أطراف الحديث، إذ أخذ يشرح لي
بعض الحالات المحرجة التي تعرض عليه ومنها بعض الأمراض التي قد تصيب النساء فيعجز
أولياء أمورهن أو يعجزون عن دفع تكاليف العملية أو أن تتحمل المرأة الآلام والمرض
وخاصة حين تكون في مناطق من الجسم تستحي المرأة عن البوح بها فيضطر لإجراء العملية
بأقل التكاليف أو حتى بدون أجر.
إن هذه الأمة لم تعقم عن إنجاب أناس صالحين ،
وهي أمة معطاة بحمد الله وتوفيقه ، ولكن القصور والعجز يتجلى في عدم اكتشاف
العباقرة وفتح الآفاق أمامهم وفي إعطائهم الفرصة والمكانة اللائقة ولكننا نقول أن
الخبرة فيما أختاره الله "والآخرة خير لك من الأولى" "والآخر خير وأبقى".
رحم
الله الدكتور محسن رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح الديار ، وعزاؤنا فيه هو ذلك الرصيد
الإنساني الكبير الذي خلفه في تلاميذه وفي أبنائه الأطباء "صلاح ومحمد وعلي" الذين
نسأل الله العلي القدير بأن يجعلهم ممن قال فيهم :"والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم
بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء".