عبدالجليل الحمادي
بالقوة لا قيمة له قانوناً وإذا كان الأمر يتطلب مزيداً من السرية إذا كان إنتزاع الإعتراف من
المتهم بالقوة لا قيمة له قانوناً وإذا كان الأمر يتطلب مزيداً من السرية والكتمان
في مراحل جمع الإستدلال ومزيداً من الوقت أكثر من الوقت المحدد للإستدلال قانوناً
حسب ظروف الجريمة وملابساتها فما الذي يمنع عن إبلاغ النيابة العامة بالموضوع وعرض
الأمر عليها لأخذ موافقتها على تمديد مدة الإستدلال من المدة المسموح لها
قانوناً لضمان سلامة إجراءات الإستدلال ودقتها والتحصل على الأدلة الكافية لإدانة
المتهم بالجرم أو الفعل أو الإمتناع عن الفعل أي موضع الجريمة محل ذلك
الإستدلال.
ومع ذلك إحترام حقوق الإنسان وإحاطته بالحماية القانونية بإعتبار
مبدأ " المتهم بريء حتى تثبت إدانته" المعروف والمتعارف عليه عالمياً ومن قبله
إعمال أحكام شريعتنا الإسلامية بالتبين قبل أن نصيب أناساً أبرياء وعن
جهالة..
مع إعمال بقية المبادئ القانونية كحق المتهم بالإستعانة بمحامي والتداول
مع أهله وحقه في إثبات برائته بكل الطرق الممكنة قانوناً بما لا يخل بحق الدولة في
الحفاظ على الأمن العام والسكينة العامة بإقامة أحكام الشرع والقانون على كل مجرم
بعيداً عن السلوكيات الخاطئة من البعض خلال مرحلة الإستدلال بحجة تطبيق القانون في
نطاق وظيفة الدولة رغم أن هذه الممارسات كإنتزاع الإعتراف بالقوة أو الإكراه
والتغيب عن الأنظار اشد خطراً بل وتؤدي إلى تمسك الدفاع من قبيل النظام
العام.
فإن هذه الممارسات هي في الأصل إخفاءاً لفشل القائمين بالإستدلال في أداء
مهامهم أو تكاسلهم في الحصول على تفاصيل القضية ومتابعة أدلتها بالشكل
المطلوب.
وفي جميع دول العالم تجد هذه التصرفات الخاطئة مواجهة شديدة من الجميع
حكاماً ومحكومين والتجريم لها ووضع مرتكبها في خانة الإجرام تعرف بحجز الحرية أو
التعذيب أو إستغلال الوظيفة العامة في أبسط صور هذه التصرفات أو السلوكيات الغير
مسؤولة وتنم عن جهالة القائم بها بالقانون أو عدم إحترامه وإحترام حقوق
الإنسان.
طبعاً هذا من الجانب القانوني.
أما من الجانب الإنساني والسلوكي فلا
نرى تفسيراً غير إعتبار القائم بهذه الأفعال أو التصرفات جاهلاً بكل معنى الكلمة أو
خالياً من أدنى المشاعر والقيم النبيلة والإنسانية.
وبتعبير آخر نضع سؤالاً هو
هل يرضى أولئك لأنفسهم أن يقعوا في مثل هذه التعسف وهل يقبلون إنتهاكاً لحريتهم
وكرامتهم على هذا الوجه فما لا ترضاه لنفسك أو أهلك من سوء التعامل لا يجب أن ترضاه
للناس ذلك أن أي خروج عن السلوك القويم وإنتهاك حقوق وحرمان ومصادرة حريات الأخرين
يعتبر سلوكاً شاذاً مرفوضاً ومجرماً عند كل دين وكل نظام حكم وجد على الأرض ومعه
وجدت العدالة الإنسانية.
وإذا وصلنا إلى نتيجة حتمية أن هذه السلوكيات والتصرفات
الخاطئة هي من قبيل الظلم المحرم والمجرم فلا نرى فيها وفي من يمارسها إلا أنه يظلم
نفسه قبل ظلم الآخرين.
جاء في الحديث القدسي " قال الرسول عليه الصلاة والسلام
فيما يرويه عن ربه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا
تظالموا..
الحديث" فالمظلوم يظل ضارعاً بدعائه إلى الله سائلاً إياه أن ينصفه من
الظالم الذي الحق به الأذى دون مبرر فتناجي روحه مالك الأرواح أنصفني فيرد عليها
الله تعالى بقوله " وعزتي وجلالي لأنصفنك ولو بعد حين..." قسم عظيم صادر عن عظيم
ولا رجعة عنه.
أما تقليد الآخرين وطرقهم الأمنية المشابهة والتي لا تظهر إلا في
افلامهم البعيدة عن الحقيقة فهو إنجرار وراء المهالك بغير بصيرة.
أو تقيد بخلق
لا بدين ولا يصدر من عقلاء القوم وعظماء الرجال وتنبذه الفطرة السليمة.
لذلك
وعبر هذا المنبر الحر نجدد الدعوة إلى نبذ هذه السلوكيات ومحاربتها دفاعاً عن قيمنا
وديننا وحفاظاً على الحقوق والحريات المصانة شرعاً وقانوناً ومن الجميع بلا إستثناء
فالحرية والكرامة مطلب حق.