الشرجبي
وقارئ دائم للصحيفة وهي بعنوان "عامل الناس كما تحب أن يعاملوك".
يحكى أن أحد
الحكماء ذهب مع ابنه إلى خارج المدينة ليعرفه على تضاريس الحياة في جوء نقي جداً
وبعيداً عن صخب المدينة وهمومها، سلك الاثنان وادياً عميقاً تحيط به جبال شاهقة وفي
أثناء سيرهما تعثر الطفل في مشيته
وسقط على ركبتيه وصرخ الطفل على إثرها بصوت مرتفع تعبيراً عن ألمه، فإذا به يسمع من
أقصى الوادي من يشاطره الألم وسارع في دهشة سائلاً عن مصدر الصوت "من أنت؟" فإذا
بالجواب يرد عليه سؤاله "من أنت؟"، انزعج الطفل من ذلك التحدي وقال: أنا أسالك من
أنت؟، ومرة أخرى كان الرد نفس السؤال، هناك فقد الطفل صوابه فصاح غاضباً "أظهر يا
جبان" فكان الجواب من نفس العمل، أدرك الصغير عندها أنه بحاجة إلى أن يتعلم فصلاً
جديداً من الحياة مع أبيه الحكيم الذي وقف بجانبه دون أن يتدخل في المشهد وقبل أن
يوجه الابن الشتائم تمالك أعصابه فترك المجال لأبيه لإدارة الموقف حتى يتفرغ هو
لفهم الدرس.
وتعامل الأب بحكمة مع الأمر كعادته وصاح في الوادي "إني أحترمك"
فكان الجواب بنفس نغمة الوقار، تعجب الصغير من تغيير لهجة لائحة المجيب، وهكذا عرف
الصغيرة أن الرد يكون من جنس العمل.
وهنا يعلق الأب الحكيم قائلاً إن هذه
الظاهرة تسمى من الناحية العلمية مسألة فيزيائية "صدى" لكنها في الواقع هي الحياة
بعينها، إن الحياة لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها ولا تحرمك إلا بقدر ما تحرم نفسك
منها، الحياة مرآة أعمالنا وصدى أقوالنا وإذا أردت أن يحبك أحد فأحب غيرك وإذا أردت
أن يوقرك أحد فوقر غيرك وإذا أردت أن يرحمك أحد فارحم غيرك وإذا أرت أن يساعدك أحد
عليك بمساعدة غيرك وإذا أردت أن يستمعوا لك ليفهمونك فاستمع إليهم لتفهمهم
أولاً.
وألا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك إلا إذا صبرت أنت
عليهم.