;

الإسلام ثورة على الطواغيت وتحرير للإرادة: الحلقة«الثالثة» 1261

2010-02-27 07:10:08

صفحه من
كتاب


تضع نظرية المقاصد الشرعية بيد
المسلم ميزاناً يزن به مسالكه وسلماً من القيم تتظم على درجاته وتنظم مختلف شرائع
الإسلام كبيرها وصغيرها وتهتدي بها حريته وتتحدد حقوقه وواجباته. .
لذا فلا أحد
يستطيع التعرض له طالما كان تصرفه ضمن حقوقه، غير مخل بالمصلحة العامة، فنظرية
الحرية في الإسلام تقوم على إطلاق حرية الفرد في كل شيء مالم تتصادم بالحق أو
بالمصلحة
العامة فإن تعدت أصبحت
اعتداءً يتعين وقفه.
وإذا كان الإسلام ثورة شاملة على الطواغيت والظلمة وتحريراً
لإرادة الإنسان من كل عبودية لغير الله حتى جاز لدارسي الإسلام بتلخيصه بأنه ثورة
تحرية شاملة فما ينبغي أن يفهم من الحرية معناها المتداول أنها مجرد إذن وإباحة
فليس وارداً ذلك في منطق الحق بل هو إتباع عن وعي وإرادة وقصد خالص والنهج الذي
ارتضاه لهم خالقهم. .
كنا قد أشرنا في الحلقة السابقة من هذا الكتاب إلى سلطة
التشريع وفرض الضرائب، حيث لا يمكن للحاكم أن يستن من التشريع ما يخالف الدين ومن
ذلك عدم قدرته على تجاوز المقادير التي حددتها الزكاة الأمر الذي جعل المجانبة بين
الحكم والأمة لا تتم على النحو الذي حصل في حكم الإطلاق في أوروبا كما ظلت تطلعات
الفرد والمجتمع في الإصلاح وحتى الثورة لا تتخطى حدود الشريعة ومثلها الأعلى عهد
النبوة والخلافة الراشدة نموذجها الأرقى للتطبيق فكانت قيم ومثل الإصلاح أو الثورة
إنما تستمد من الإسلام وتجربته التاريخية للتطبيق فما شعر المصلون والمفكرون قبل
زمن التحكم الاستعماري واستفحال الغزو الثقافي في حياة المسلمين بحاجة في جهودهم
الإصلاحية إلى غير نقص غبار التجربة والممارسة والعودة إلى الينابيع. .
ما كانت
بهم حاجة إلى وضع مواثيق لحقوق الإنسان والمواطن طالما أن يقينهم تام واعتقادهم
راسخ بأن الصورة المثلى للإنسان فرداً أو جماعة قد تضمنها الكتاب العزيز وجسدتها
تجربة التطبيق الإسلامي في العصر الأول ولكن منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر
ومع امتداد الهجمة العسكرية والفكرية على العالم الإسلامي أرضاً وموارد ومعتقدات
بدأ المسلمون يتطلعون في احتشام وحذر إلى الغربيين يتحسسون مصادر قوتهم وعظمتهم ،
ستمدين منها عناصر إحياء وشحذ للجسم الإسلامي المنهك، فكان من ذلك الدعوة في مصر
وتونس وتركيا وسواها لإدخال أجزاء من النظام الدستوري والإداري والقضائي الغربي على
اعتبار أن مكافحة العدو تفتقر إلى النسج على منواله وأن أهم أسباب تخلف المسلمين
عدم رعاية الحقوق ولم يكن أمام الحركات الوطنية التي قادت الكفاح ضد الغزالة
الغربيين في ظل أوضاع التجزئة التي فرضوها على الأمة وتبلور خلالها مفهوم غربي جديد
للأمة مرتبط بالإقليم أو اللغة. .
لمي يكن أمامها وقد تمكنت بفعل تحريك العاطفة
الدينية واستنفار الشعور بالخطر على الإسلام غير مد اليد إلى دساتير الغرب تنسج على
منوالها لوائح ودساتير تحدد طبيعة الحكم ومؤسساته وحقوق الأفراد في ظله مما لا يكاد
يكون له أدنى أثر في التطبيق العلمي الذي كان يتمحض للاستبداد ولقد كان هذا الموقف
الإسكاني أو الاستسلامي الذي وقفته النخبة القيادية لحركات الاستقلال من ثقافة
الغرب مفهوماً واضحاً باعتبار أن هذه النخبة في معظمها قد تربت في المدرسة الغربية
فأشبعت إعجاباً بثقافة المتغلب، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لم تكن حركة مقاومة
الغرب قد قامت على أساس تجديد إسلامي حقيقي يستمد من الإسلام قيم التحرر ويبلور
أساليب للتطبيق الإسلامي المعاصر في ظل أوضاع جديدة.
إذا كان الخط السائد لدى
مفكري الإسلام هو الدفاع عن الإسلام تجاه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها ومعلوم أن
الدفاع موقف سلبي مهزوز لأنه رد هجمة فهو أعجز من أن يضع بديلاً. .
فلم يكن أمام
تلك النخبة القيادية والحديث هنا عن المخلصين لا عن العملاء من سبيل غير
المحاكاة.
تعرية الحضارة الغربية: ولما تمكن الفكر الإسلامي مع وبعد حركة جمال
الدين الأفغاني ومحمد عبده وخير الدين التونسي والثعالبي من أن يتقدم شوطاً في
تعرية النموذج الحضاري الغربي وبيان فضائحه وضروب نفاقه واستبداده من ناحية وإبراز
البديل الإسلامي في تنظيم الحياة على مستويات الفرد والمجتمع من ناحية لم ير حرجاً
في تقنين الشريعة معتبراً ذلك مسألة تنظيمية شكلية و. .
ومما يدخل في هذا التقنين
الصياغات التي قدمها مفكرون إسلاميون لحقوق الإنسان وحرياته العامة والخاصة وقد
بينوا مواطن اللقاء والاختلاف بينها وبين الميثاق الأوروبي أو الأممي لحقوق الإنسان
وكشفوا حتى في مواطن اللقاء عن اختلاف الأصول التي تستمد منها الحقوق والواجبات في
الإسلام وأختلافها عن مثيلاتها في المنظومة الغربية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد