;

إثارة الغبار من سلطان زنجبار 931

2010-03-01 04:31:26

د. كمال
بن محمد البعداني


سنبني بيننا وبينهم جداراً فاصلاً - سنرفع العلمين
الأمريكي والبريطاني على أسطح المنازل - مرحباً بعودة بريطانيا - سنقتسم ثروة
الجنوب مع الأمريكان - سنبدأ بثورة الحجارة ، الكلمات السابقة يا ساده ليست لرئيس
الكيان الصهيوني وهو يتحدث عن الجدار الفاصل في فلسطين المحتلة ، وليست كذلك للعميل
العراقي أحمد الجلبي مرحّباً بالإحتلال الأجنبي وواعداً إياهم باقتسام الثروة
النفطية للبلاد معهم ، وبالطبع ليست الكلمات للزعيم الفلسطيني إسماعيل هنيه مهدداً
اليهود بثورة الحجارة.

نعم ليست
لهؤلاء جميعاً بل أن قائل هذه العبارات الرنانة هو شاب (جاهد) في أفغانستان فترة من
الزمن ضد السوفيت ثم عاد بعد ذلك ليقول إن قتاله هناك كان نكاية بالحزب الإشتراكي
اليمني الذي كانت تدعمه روسيا آنذاك وهو نفسه الشاب الذي قاتل في صيف 94م ضد
الإنفصال وكان في جبهات القتال يصرخ بأعلى صوته (هبِّي يا ريح الجنه) وأصيب حينها
إصابات بالغة نُقل على إثرها الى الخارج لتلقي العلاج.
ولكنه عاد هذه الأيام
ليقول إن تلك الحرب كانت عبثية وظالمه ، هذا الشاب هو الذي هدد الأمريكان بالجهاد
عام 92م عندما كانوا في الصومال وحاولوا النزول في عدن كما قيل آنذاك ، ومع ذلك
يستيقظ هذه الأيام كل صباح ليؤدي التحية للعلم الأمريكي والذي قام برفعه أمام قصره
في مدينة زنجبار.
فهل عرفتم من يكون هذا الشاب غريب الأطوار عجيب الأفعال ؟ إنه
بلا شك (طارق الفضلي) أو كما يحب أن يسمي نفسه السلطان طارق وما أدراك ما
طارق.
إنه الشاب الذي يقول في هذه الأيام أقوال ويدعو بدعوات ليس لها مثيل في
التاريخ سوى دعوتين واحدة في العصر القديم والثانية في العصر الحديث الأولى لابن
العلقمي حينما دعا التتار الى دخول بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية والثانية لأحمد
الجلبي عندما دعا الأمريكان للدخول الى نفس المدينة ، وكلا الرجلين قد سُجل إسماهما
في صفحة الخيانة والعار وهاهو طارق الفضلي يحث الخطى سريعاً للإنضمام الى نفس
الصفحة ، إنه الجنان السلطاني بحد ذاته.
لقد قام هذا الرجل بإنزال العلم اليمني
من أمام قصره وإستبداله بالعلمين الأمريكي والبريطاني مستيقظاً كل صباح ليؤدي
التحية للعلم الأمريكي على صوت النشيد الوطني الأمريكي تماماً كما يحيي الملايين من
طلاب المدارس في اليمن العلم اليمني صبيحة كل يوم دراسي مرددين النشيد الوطني
اليمني والذي كان هو النشيد الرسمي لجنوب البلاد قبل الوحدة ، ولعل أحد هؤلاء
الطلاب يسأل نفسه وهو يغرد بهذا النشيد مردداً: كم شهيد من ثرى قبر يطلُ ليرى ما قد
سقى بالدم غرسه لعل هذا الطالب يسأل نفسه ويقول ماذا لو قدّر لشهداء ثورة أكتوبر من
أبناء اليمن وفي مقدمتهم البطل راجح لبوزه.
ماذا لو قُدّر لهم أن يطلوا من
قبورهم هذه الأيام وشاهدوا العلم الأميركي وهو يرفرف أمام قصر السلطان بمحافظة أبين
وهي المحافظة التي انطلقت منها شرارة الثورة ضد الاستعمار فماذا سيكون موقفهم
؟.
لا شك ولا ريب أنهم سيشعرون بالحسرة والندم ثم يتوارون في قبورهم حياءً
وخجلاً مرددين قوله تعالى (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ
وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) بل إني على ثقة أنه لو قدّر
للشيخ ناصر الفضلي العودة الى الحياة لقرأ هذه الآية.
أنا في تصوري أن الشعب
اليمني قد ابتلي مؤخراً بمصيبتين وبشعارين متناقضين مصيبة في صعده تحت شعار (الموت
لأمريكا) ومصيبة في زنجبار تحت شعار (تحيا أمريكا) وكلاهما يشد بعضهم بعضاً ،
والعجيب في هذا كله أن أمريكا حريصة كل الحرص على إبقاء أصحاب الشعار الأول بل
ورفضت إدراجهم ضمن المنظمات الإرهابية.
وفي الطرف الآخر نجد أن الذي يرفع علم
أمريكا وشعار تحيا أمريكا نجد أن الذين يلتفون حوله هم الذين يعادون أمريكا
وتطاردهم أمريكا على أنهم جماعات إرهابية كما تقول ، ومع ذلك يقوم الأمريكان
بإهدائهم العلم الأمريكي ليرفعوه أمام قصر السلطان كما قال طارق الفضلي نفسه
(صدقوني يا قد اطست علينا ولا درينا كيف الخبر).
صحيح كما قلنا أن هناك مصيبتان
واحدة في صعدة والثانية في زنجبار ولكن الأصح أيضاً أن المصيبة الكبرى هي في صنعاء
والمتمثلة بهذه السلطة العاجزة والغير راغبة في تطبيق النظام والقانون ومبدأ الثواب
والعقاب وفرض هيبة الدولة والدليل على ذلك أن مسلسل الحوثي ما يزال مستمراً منذ ست
سنوات حتى أنه أصبح يشبه المسلسل السوري الشهير (باب الحارة) والذي كلما اقترب أهل
الحارة في المسلسل من تحقيق النصر على العدو يظهر لهم فجأة (بائع البليلة) فيفسد
عليهم كل شيء.
وأخشى ما أخشاه أن يصبح مسلسل الفضلي شبيه بمسلسل الحوثي ، على
أنه من الإنصاف القول بأني لو كنت أنا مكان السلطة لقمت فعلاً بدعم طارق الفضلي فهو
بهذه العقلية الطفولية وبهذه التصرفات الهوجاء يخدمني كسلطة ، فالمواطن في الأخير
إذا خُيّر بين السلطة وبين الحراك الدموي ودعواته فلا شك أنه سيختار السلطة على
علاتها وفسادها وعيوبها الكثيرة.
فدموية الحراك أصبحت واضحة للعيان وبها البصمة
المعروفة التي يتذكرها الجميع في جنوب البلاد ، والشيء الملاحظ من هذا كله أن
التيار الانفصالي في الحزب الإشتراكي الوحدوي اليمني قد انتقم من طارق الفضلي شر
انتقام وهو الذي وقف ضده في حرب الانفصال وهاهو اليوم يعريه أمام الجميع ويظهره
بهذه الصورة الهزيلة مستغلاً الغباء السياسي لطارق الفضلي وانعدام الوعي لديه خاصةً
وأنه قد ترك الدراسة في المرحلة المتوسطة.
لعل أشد ما يستغله هذا التيار في طارق
الفضلي هو حبه الشديد للشهرة وحب الظهور وبغضه للنظام الذي خذله بعدم ترشيحه
محافظاً لأبين والذي كان يطمح إليه وخذله من قبل في إنتخابات اللجنة العامة للمؤتمر
الشعبي العام.
لذلك فهو من غير الأضواء كالسمك بدون ماء ، ولا نستغرب إذا قام
يوماً من الأيام برفع العلم الصهيوني أمام قصره ما دام أن هذا العمل يحقق
المطلوب.
قصة طارق الفضلي مع الوحدة والعلم الأمريكي وحب الظهور والشهرة تذكرني
بقصة الأعرابي الذي كان يحمل نفس صفات الفضلي في حب الظهور والشهرة تحت أي عمل
.
فقد اتجه ذلك الأعرابي إلى مكة المكرمة بقصد أداء فريضة الحج ولكنه يريد أن
يعرف الجميع أنه ذهب الى هناك ، فعندما وصل إلى الحرم المكي وجد الآلاف من الحجيج
فقال في نفسه كيف سيظهر أمري بين هؤلاء جميعاً ، ففكر قليلاً ثم اتجه مسرعاً إلى
بئر زمزم فتبول فيه فانقض عليه الحجيج من كل مكان وأوسعوه ضرباً ، فقال لهم إصنعوا
ما شئتم لقد تبولت في زمزم حتى يشتهر أمري وتذكرني العرب أبد الدهر. .
آخر
السطور. .
لقد قام طارق الفضلي بإنزال العلم اليمني الذي لولا رفع هذا العلم في
22 مايو 90م ما عاد طارق الفضلي الى اليمن ولا عاد الى قصره في زنجبار ولا عرف
الناس من هو طارق الفضلي ، ومع ذلك ينادي اليوم بذبح هذه الوحدة ، إنه الجحود
والنكران تماماً كما صنعت أم عامر مع مجيرها: ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقي
الذي لاقى مجير أم عامرِ بزاها ورباها فلما ترعرعت فرته بأنيابٍ لها
وأظافرِ.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد