;

حريات شكلية في مخاض ديمقراطية الغرب ..الحلقة «العاشرة» 949

2010-03-07 04:51:15

صفحه من
كتاب


مهما يكن من أمر محدودية تجسيد
المثل الديمقراطية في حكم الشعب نفسه بنفسه. .
يبقى الحكم الديمقراطي ولاسيما بعد
نمو الأبعاد الاجتماعية قائماً على نوع من التوازن بين الرأي العام لجماهير
الناخبين وبين جملة النخبات ومراكز الضغط رغم رجحان الكفة في كثير من الأحيان
لفائدة الأخير، كما أن النظرية الماركسية تنتقد الديمقراطية الغربية على أنها لا
تعطي سوى حريات شكلية. .

بفعل
الديمقراطية الشكلية التي تسود بعض الأنظمة القومية والطبيعية لا تزال المظالم
والفواحش في عدوان الشعوب على بعضها بالاحتلال أو الاستغلال وانتشار الفسوق والفساد
والرشاوي والغش والضلال كلها تستمد شرعيتها من جهاز الديمقراطية. .
كما هو الحال
في بريطانيا وفرنسا التي لم تزل تحتفظ بوزارات للمستعمرات أو لما وراء البحر وتشرع
للفساد والفسوق.
فالنمط الديمقراطي هو في الحقيقة يمثل ديمقراطية كاملة بل نصف
ديمقراطية لأن السلطة تقوم مرة على الشعب وأخرى على المال.
ولقد ظهرت محاور أخرى
للصراع مع تطور الأوضاع في الغرب نتيجة رجحان جانب السلطة التنفيذية على السلطة
التشريعية "البرلمان" فقويت السلطة المركزية على حساب نفوذ الولايات، ونشب واشتد
الصراع بينهما وغدى الكفاح التقليدي ضد الملك كفاحاً ضد السلطة المركزية لضمان حقوق
الولايات، وغدت النظرية التقليدية في تقسيم السلطة لا تمثل ضماناً كافياً لمنع تسلط
السلطة المركزية على الولايات واستحواذ السلطة التنفيذية على النفوذ في
المركز.
ديمقراطية كاذبة: ومهما يكن من أمر محدودية تجسيد المثل الديمقراطية في
حكم الشعب نفسه بنفسه، يبقى الحكم الديمقراطي خاصة بعد نمو الأبعاد الاجتماعية فيه
"الضمانات الاجتماعية" قائماً على نوع من التوازن بين الرأي العام لجماهير الناخبين
وبين جملة النخبات ومراكز الضغط رغم رجحان الكفة في كثير من الأحيان لفائدة
الأخيرة.
أما في الديمقراطيات الشعبية التي قامت على أساس النظرية الماركسية
فيتركز نقدها للديمقراطية الغربية. .
أنها تعطي غير حريات شكلية بينما النفوذ
الحقيقي من يد من يملكون رأس المال، وأنه لا سبيل لامتلاك الشعب لحريات طالما ظلت
الملكية في يد فئة الرأسماليين التي لن تكون الدولة إلا خادمة لها.
مما يجعل
الطريق الوحيد لحرية الجماهير يعد امتلاكها لوسائل الإنتاج بمصادرة كل ملكية
فردية.
أم في تلك "الديمقراطيات". .
فإن ذلك التوازن مفقود إذ أن ملكية الشعب
إنما تعتبر في الواقع ملكية الحزب الواحد بل النخبة المسيطرة فيه وأحياناً الزعيم
الأوحد الذي يضع بيده مقاليد كل شيء الأمر الذي يجعل الجماهير عزلا من كل سلاح
لمواجهة دولة وحزب قد استحوذا على كل وسائل السيطرة الاقتصادية والثقافية
والإعلامية والأمنية والعسكرية ومن قبيل الهراء والدعاية الرخيصة بعد ذلك لوك
شعارات مهترئة حول ملكية الشعب وحرية الشعب طالما أن الشعب قد جرد حتى من سلاح
الاحتجاج والإضراب والتجمع ومن أية وسيلة من وسائل الضغط غير اللامبالاة والتقاعس
في الإنتاج والموت البطيء.
حدود الديمقراطية: إن مصطلح الديمقراطية كما بين
بحق عبدالله النفيسي يتسع ليشمل أنظمة سياسية متنوعة وهو مطاط إلى درجة أنه يتحمل
من الديمقراطيات الشعبية في المعسكر الشيوعي إلى الديمقراطيات البرجوازية في
المعسكر الرأسمالي ويبقى للمصطلح في كل الأحوال حدان: 1 نظام حكومة.
2 مجموعة
مؤسسات مهماتها إنجاز حاجتين أساسيتين: القدرة على سير الإدارة الحقيقية لأكثرية
الشعب في من يمثلها وكيف سيحكمها وهذا يعني حرية تشكيل الأحزاب وحق الانتخابات
والتصويت الحر.
توفير الطرق الكفيلة بضمان قيام النواب المنتخبين بأداء ما
أراده الناخبون فعلاً والقدرة على استبدالهم عند الإخلال بذلك الواجب مما يعني
إيجاد وسائل لمراقبة الحكومة وتداول السلطة بطرق سلمية منظمة، وذلك يعد ولاشك أعظم
ثمار الديمقراطية وجوهرها.
أما صاحب العالمية الإسلامية الثانية فلم ير في
الديمقراطية غير ثمرة الفلسفة الصراع الأوربي تنحصر مهمتها في ضبط الصراع والاحتفاظ
به ضمن حدود ما قبل الانفجار وتقديم قنوات لتسريب الضغط وليست الصراعات التي تمزق
العالم اليوم إلا تجسيداً لنتائج تلك الروح الفاوستية.
ومهما اتسع نطاق المشاركة
الشعبية فإنه لن يتعدى النطاق القومي الأمر الذي يجعل الديمقراطية مرتبطة لا
محالة بفكرة القومية أو العنصرية وحرياتها وحقوقها لا تتجاوز في أفضل الحالات
نطاق الشعب بل الطبقة المهيمنة فلا عجب أن تجد أعرق الديمقراطيات المعاصرة أو غلها
في الوحشية والاستبداد بالشعوب الأخرى ولأنها لا تستند إلى قيم مطلقة غير قيم اللذة
والسيطرة وحق الأقوى فإن حريتها لا تحدها غير القوة مجتمعاً مضطرباً منقلباً ممزقاً
تحيطها الأطماع وتحكمها شتى ضروب الخداع والغش والبطش طالما ليست هناك قيمة مطلقة
تعلوا إرادة الإنسان فرداً كان أم طبقة أو شعباً فلا أمن معها للضعيف سواء كان
أقلية داخل الشعب حيث إرادة الأغلبية تمثل مشروعية مقدسة لا مجال للقيام ضدها أو
كان شعباً آخر أعوزته أدوات القوة للوقوف في وجه خصمه فليس أمامه إلا الخضوع أو
الغناء وفق شريعة البقاء للأقوى وإرادة المنتصر هي شريعة الحق.
ديمقراطية
الدكتاتوريات: ولأن الديمقراطية مفهوم إجمالي يتسع لأشد الأنظمة تناقضاً فإنه يعسر
الحكم على نظام معين من خلال انتسابه إليه الأمر الذي يفرض الوقوف طويلاً في طبيعة
أي نظام إلى ظروف نشأته وحملة القيم والأفكار والأدبيات والفنون والفلسفات الشائعة
بين أهله حول الإنسان وعلاقاته ثم تتبع جملة المسالك الفردية والجماعية التي
أفرزتها تلك القيم والأفكار والأدبيات في علاقة الناس بعضهم ببعض وعلاقاتهم مع
الآخر فليست العبرة بالأشكال الديمقراطية والإعلانات مثل إعلان سيادة الشعب وحقوق
الإنسان ووجود تمثل برلماني وأحزاب وانتخابات وأغلبية فقد وجدت تلك الأشكال
الديمقراطية ولاتزال موجودة في أعتى الدكتاتوريات كما هو حاصل في بعض وسائل الأنظمة
الطبقية والقومية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد