العنوان نشرت صحيفة "تحرير المغربية" في شهر أبريل سنة 1959 مقالاً للمفكر العربي
تحت هذا العنوان
نشرت صحيفة "تحرير المغربية" في شهر أبريل سنة 1959 مقالاً للمفكر العربي المغربي
الدكتور/ محمد الجابري والذي تحدث فيه عن تعريف المفهومين سالفي الذكر في
العنوان والذي وظفهما للمصارعة الاستبداد والتسلط في ذلك الوقت وفي ما يلي نص
المقال: "الناس اليوم في بلادي نوعان: نوعاً يؤمن بالفكرة ويعمل من أجلها ويتخذها
معياراً يقيس به الصالح من الطالح، ونوع يؤمن بالشخص ويعمل من أجله ويسلم مقاليد
أموره إليه ، إن أرضاه رضي عن نفسه وإن أسخطه عاد إلى نفسه باللوم
والعتاب. .
وعندي أن الخط الذي يفصل بين هذين النوعين من الناس هو نفس الخط الذي
يفصل بين ما يسمى بالرجعية وبالتقدمية.
فالنوع الأول: في نظري تقدمي أو على
الأقل أقرب إلى التقدمية من الثاني ذلك لأن تشبثه بالفكرة يقتضي أن يلتزم بها وأن
يكون على درجة من النضج والوعي، ولأن إيمانه بها يستلزم أن يعمل من أجل تحقيقها وأن
تكون له إرادة قوية وعزيمة صادقة، ولأن جعله إياها مقياساً يقيس به الأشياء، يعني
أنه يتجرد من الأغراض والأهواء مما يدل على أنه مالك زمام نفسه مسيطر على
ميولاته.
أما النوع الثاني: فهو في نظري رجعي، ذلك لأن إيمانه ب"الشخص" إيماناً
أعمى يعني أنه هو فاقد لشخصيته، ولأن خدمته لذلك الشخص وتفانيه في إرضائه والدفاع
عنه يعني أنه عبد ذلول لا يحس لكيانه وجوداً ولا لوجوده مغزى، ثم لأن تسليم مقاليد
أموره إليه وجعل تصرفه مقياساً يقيس به الأمور يعني أنه مازال يعيش في العصور
الأولى من تاريخ البشرية، يوم كان زعيم القبيلة ورئيس الأسرة هو المالك لأمر
القبيلة المتصرف فيها، يوم كانت البشرية جماعات تسير على غير هدى تخضع لقائدها
ضالاً مضلاً.
وبعد، فإني هنا لا أدعو إلى فقد الثقة ببعضنا بعضا، وإنما الذي
أريده هو أن يكون لنا فكر حر ومعايير سليمة بهما نقيس صلاحية أو فساد هذا المبدأ أو
ذاك، هذا الشخص أو ذاك، إن الذي أريده هو أن لا نتصرف تصرف الصم العمي البكم، الذين
لا يبصرون، تماماً كما يفعل بعض الناس اليوم".