الجفري
حولنا ونألفه بل وندرك كل صغيرة وكبيرة في المنزل، وأطفالنا إننا ونحن أطفال نتعايش مع كل
ما حولنا ونألفه بل وندرك كل صغيرة وكبيرة في المنزل، وأطفالنا اليوم مثلنا تماماً،
فكل صغيرة وكبيرة تحدث في المنزل هم أول من يدركونها، مثل تحريك صورة معلقة على
الحائط أو تغيير قطعة من الأثاث وكل شيء تائه أو يخفى عن أنظار الوالدين يستطيع
الأبناء الصغار التقاطه تماماً.
فالمنزل بالنسبة للطفل عالم خاص به
ومملكته التي يتربع على عرشها فكل ما بداخله يعرفه الطفل..
نقول هنا يعرفه ولكنه
لا يراه ونقصد هنا بأنه لا يراه أي لا يتمعن في تفاصيله فربما يراه أو بالفعل يراه
تماماً ولكنه مع ذلك لا يمثل محور اهتمامه فيمر مروراً عابراً ولتوضيح ذلك نقول
بأننا نملك البصر وطالما عيون فإننا لابد وان نرى وهذه حقيقة تتصل بتركيب العين
وطبيعة الإدراك البصري، الأمر الذي يجعلنا نرى أي شيء أمامنا وحولنا لكننا مع ذلك
نرى أشياءً معينة بالذات وربما نلتفت إليها فجأة وتظل نتابعها بأبصارنا ونرى أشياء
بعينها حتى لو كانت هذه الأشياء أو هذا الشيء يحيطه العديد من الأشكال
الأخرى.
إذن لماذا هذا الشيء بالذات؟ نتوقف عنده وتتحول أنظارنا له لتركز عليه
بينما كل ما حوله يكون كما نطلق عليه في علم النفس على هامش الشعور لا تراه العين،
ففي الباص مثلاً نجلس وننظر حولنا وكأن شيئاً لم يكن فالأمر عادي تماماً ولحظة
يتحول النظر فجأة ويركز على وجه إنسان وفجأة يتجه نظرنا إلى نوع معين ولون معين يظل
هذا اللون أو الشكل منطبعاً في ذهننا بينما كل ما كان يحيط به يبعد تماماً عن دائرة
اهتمامنا، لهذا فإن الفن يلعب دوراً هاماً في رؤيتنا للبيئة والطبيعة من حولنا
والذي لم يكن ممكناً لنا رؤيتها لولا أن الفن قد أظهرها لنا فأدركنا جمالها ووجودها
وعلى هذا نستطيع أن نقول إن الطفل يتعايش مع كل شيء في منزله ويعرف ما حوله، إنه
يبصر كل شيء ويعرفه ولكن الفن طريقة لطبع هذه الأشياء في ذهنه إلى أن يعود فيختزنها
بعينها دون غيرها ويسهل عليه استرجاعها في أشكال مرئية للعين دون جهد وعناء.