;

فوضى التشريع.. شر قائم ..الحلقة «الثامنة عشر» 1239

2010-03-20 04:12:01

صفحه من
كتاب


إن أهل الشورى إذن ليسوا جماعة
مخصوصة ثابتة وليسوا نظاماً إسلامياً محدداً نبحث عنه اليوم في كتب الأقدمين لنهتدي
إليه بحذافيره.
إن أهل الشورى هم جماعة الحل والعقد التي يتحدث عنها الفقهاء
وتضطلع بمهام المجالس النيابية في العصر الراهن ولكن في حدود مبادئ
الشريعة.

الاختصاص التشريعي لمن
في الدولة الإسلامية؟ إذا كان الإجماع حاصلاً بين المسلمين على أن الشرع الأصلي أو
الابتدائي هو حق خالص لله تعالى لأنه مالك الملك فقد اختلفوا في التشريع الفرعي أو
الابتدائي تنظيماً لدائرة المباح وللأحكام الظنية في إطار الأحكام القطعية والمقاصد
الشرعية، اختلفوا حول صاحب هذا الحق هل هو للأمة أو لطائفة منها منتخبة أم للعلماء
أهل الاجتهاد أم هو حق لولي الأمر.
* مجلس تشريعي: الآراء التي أوردناها اتجهت
كلها إلى الدوران حول جماعة مخصوصة سميت أحياناً أهل الحل والعقد أو أهل الشورى أو
أولي الأمر أو أهل الإجماع وقد دقق وجهة النظر هذه الأستاذ/ عبدالوهاب خلاف فقال:
يتولى السلطة التشريعية في الحكومات الدستورية الحاضرة أعضاء المجالس النيابية فهم
الذين يقومون بسن القوانين..
وأما في الدولة الإسلامية فالذي يتولى السلطة
التشريعية هم المجتهدون وأهل الفتوى وسلطتهم لا تعدو أمرين، أما بالنسبة إلى ما فيه
نص فعملهم تفهم النص وبيان الحكم الذي يدل عليه وأما بالنسبة إلى ملا نص فيه فعملهم
قياسه على ما فيه نص واستنباط حكمه بواسطة الاجتهاد وتخريج العلة وتحقيقها وذلك أن
الدولة الإسلامية لها قانون أساسي إلهي شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله فحيث
يوجد نص في هذا القانون يجب إتباعه ولا يكون لرجال التشريع الإسلامي مجال للاجتهاد
والاستنباط على أن يكون مرجعه في اجتهادهم واستنباطهم نصوص القانون الأساسي أي
النصوص الثابتة ومقاصدها التي يمكن صياغتها في دستور يستفيد من تجارب الأمة
وأحوالها وتجارب سائر الأمم.
دعوة للتنظيم: إن السلطة التشريعية في الإسلام لو
أنها مع اعتمادها على القانون الأساسي الإلهي وضع لها نظام لانتخاب رجالها ممن
تتوفر فيهم شروط الاجتهاد وحدد عددهم واختصاصهم والتزمت الدولة بآرائهم قضاء
وتنفيذاً لكانت كأفضل سلطة تشريعية في حكومة دستورية ولكفت حاجات المسلمين في مختلف
العصور ولكن ترك أمر التشريع فوضى فادعى الاجتهاد من ليس أهلاً له وتعذر تفنين
السلطة التشريعية واستحال اجتماعهم وتبادلهم الآراء، ولما وجد العلماء هذه الفوضى
اضطروا إلى تدبير علاج لها ولكنهم عالجوها بسد باب الاجتهاد ووقف حركة التشريع
فوقعوا في شر مما اتقوه ونأى التشريع الإسلامي عن مصالح الناس وحاجاتهم، والخير كله
هو اجتهاد الجماعة وتشريعهم وهذا هو سبيل الصحابة ومن تبعهم.
التشريع أعطى حقاً
لولي الأمر: إن العلماء وإن كانوا أصحاب اختصاص في مصادر الشريعة إلا أن العمل
التشريعي ليس دائماً عملاً فنياً من قبل إصدار الفتاوى أو تحقيق في صحة حديث أو
استجلاء معنى آية بل كثيراً ما يكون مناطه أحوال الناس وعلاقات وموازين تقتضي إصابة
الرأي فيها إلماماً بتلك الأحوال ومن الظلم للأمة أن يعهد إليهم بذلك..
فالأولى
أن يعهد بذلك إلى الجهة التي تعاني هذه الأحوال يومياً وتكابد مشاكلها جهة بفتوى
فقيه معين دون أن يصل ذلك إلى حد رفض الاجتهادات كلها لأن ذلك يعتبر رفضاً للشريعة
إلا أن يكون مجتهداً وإن توجيهات النبي(صلى الله عليه وسلم) إلى توقير الرأي العام
أو السواد الأعظم ما ينبغي أن تهمل.
ما يشترط في أعضاء الهيئة الشوروية قد تقدم
أن هناك خلطاً في كتب السياسة الشرعية بين مصطلحات أهل الحل والعقد وأهل الشورى
وأهل الرأي ..
على نحو يترك إنطباعاً لدى دارسيها أن هيئة الشورى في التصور
الإسلامي هي جماعة مخصوصة لا تخرج عن علماء الشريعة ممن بلغوا درجة الاجتهاد على
اعتبار أن وظيفة التشريع المستنبط هي وظيفة ذلك المجلس فتحتم أن يكونوا من أهل
الاجتهاد وكان هناك تلازم بين تأكيد علاقة الإسلام بالدولة وبين كون هذه الدولة
دولة رجال الدين مع أنه مما لاشك فيه أن ارتباط الأمور السياسية في المفهوم
الإسلامي بالقواعد الدينية لا يؤدي إلى سيطرة رجال الدين أو من يطلق عليهم هذا
الاسم على الحياة السياسية في الدولة الإسلامية.
الشرط الأول في
الإسلام.
يستمد هذا الشرط من قوله ((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول وأولي الأمر منكم)) وإذن لا يتولى الأمر في الدولة الإسلامية إلا المسلمون
الذي يوقنون أن الدستور الإسلامي هو الحق ويؤمنون بما جاء في الإسلام من الشريعة
فأولو الأمر الذين تجب طاعتهم يجب أن يكونوا من المسلمين ولكن هل أن إسلامية الدولة
تقتضي ضرورة أن يكون كل أعضاء مجلسها النيابي علماء مجتهدين أو حتى مسلمين؟ ذهب بعض
العلماء المعاصرين إلى أن "أولي الأمر" ليسوا علماء الشريعة ضرورة بل طائفة منهم
ومن غيرهم ممن هم مطاعون في قومهم وأصنافهم كزعماء الأحزاب والنقابات وغيرهم ممكن
يحوزون على تمثيل الأمة ويكفي أن يلتزموا بالنظام العام أي باحترام الطبيعة
الإسلامية للدولة فلا يسنوا تشريعاً مخالفاً لنص شرعي ويمكن مراقبة ذلك عن طريق
مجلس دستوري يضم علماء مجتهدين..
أما غير المسلمين من مواطني الدولة الإسلامية
فلا مانع من أن توكل إليهم الوظائف في أجهزة الدولة وأن يتواجدوا في المؤسسة
الشوروية وسيكونون قطعاً أقلية في حكم إسلامي يقوم على أكثرية إسلامية وإن اشترط أن
يكون أولو الأمر من المسلمين - منكم - يمكن أن يحمل على أنه شرط تغليب يقتضي أن
تكون أغلبية أولي الأمر من المسلمين لضمان عدم تحول الدولة عن أهدافها وأهمها إقامة
الشريعة الإسلامية والدفاع عن الإسلام ونشره خاصة مع اشتراط ولاء تلك الأقليات
للدولة الإسلامية والدفاع عنها ووجود مؤسسة للرقابة الدستورية على ما يصدر عن
المجلس من تشريعات ويمكن حمل "أولي الأمر" لا على أعضاء المجلس التشريعي بل على
رئيس السلطة التنفيذية ونوابه ممن يقومون على إنفاذ القانون الإسلامي خاصة وأن"
الأمر من نفس مادة الأمير" .
ولعل الذي صرف معظم المحدثين إلى تأويل "أولي
الأمر" بأنهم أعضاء الهيئة التشريعية إنما هو النسج على منوال الفكر السياسي الغربي
وخاصة منه البريطاني من جهة ونفي تهمة الاستبداد عن الدولة الإسلامية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد