;

الغرب بين المسجد الأقصى وتمثال بوذا 904

2010-03-21 03:52:04

السفير
د.عبدالله الأشعل


المسجد الأقصى مستهدف ولاشك والنية
تتجه إلى هدمه لكي تبنى إسرائيل محله هيكل سليمان المزعوم.
وإذا صحت التوراة
التي يرفعونها والتي تحرض على قتل الأغيار والتنكيل بهم وإذا حبكت إسرائيل توظيف
الكتاب المقدس في شكله والكسير والمحرَّف في مضمونه لدعم مشروعها السياسي في
فلسطين، فإن الإشكالية الحقيقية في هذا المقام هي كيفية التوفيق بين قواعد القانون
الدولي
التي لا تعترف إلا بالسيادة
الإقليمية وكل ما عليها من آثار وثروات، وبين مزاعم اليهود التي يبدو أن العالم كله
يغض الطرف عن مخاطرها في فلسطين، في نفس الوقت، إذا صحت روايتهم فلماذا يغفل العالم
رواية القرآن الكريم بأن المسجد الأقصى هو مسرى رسولنا وهو مكرم في القرآن ومرتبط
بالإسراء والمعراج وبأن المكان نفسه مقدس، وهل أراد الله أن يكون في نفس المكان
مقدسان، أحدهما هيكل نبيه سليمان ومسرى رسوله محمد، عليهم جميعاً أفضل السلام
والتسليم.
ولماذا ينظر العالم إلى متطرفي اليهود وسدنة المشروع الصهيوني بكل هذا
القدر من الاحترام والتسليم، بينما ملايين المسلمين المؤمنين الذين يروُّن بأعينهم
العبث في أقصاهم بمزاعم سياسية من جنس مزاعم قيام إسرائيل في أرض فلسطين لا يحظون
بعطف العالم بل ينظر هذا العالم إلى ما قد يبرر منهم من ردود أفعال على أنها إرهاب،
كيف ينظر الغرب إلى المسلمين نظرة شك وريبة ويربطهم بالإرهاب بل الإرهاب نفسه مجّسد
في دولة إسرائيل وفى قطعان المستوطنين وفى حاخاماتهم الذين يحثون على قتل العرب
وإبادة الفلسطينيين.
على الجانب الآخر، هب العالم كله ضد طالبان عام 1998 لأنها
هدمت تمثالين لبوذا واعتبرتهما من الأصنام، وكان هذا العمل أحد مبررات الحملة
العالمية ضد طالبان ومن خلفها الإسلام، وتبارى علماء المسلمين في إدانة طالبان
وبيان سماحة الإسلام، وكأن الغرب يجهل هذه الحقيقة، وأنه لا يستهدف الإسلام
والمسلمين عن علم وبصيرة، وكأن ذلك جزء من التحضير لأحداث سبتمبر 2001 المزعومة
والتي بررت بها واشنطن وإسرائيل غزو أفغانستان وإبادة قطاع من سكانها، كما قلبت بها
واشنطن وإسرائيل قواعد اللعبة التي مكنت لإسرائيل ضد الإسلام والمسلمين، وكانت تلك
كلها مقدمات منظمة ومنسقة حتى إذا جاء الدور على الأقصى وقف المسلمون وعلى جبينهم
هذه الوصمة، فيكون هدم الأقصى هيناً عليهم، بعد هذه العملية الطويلة من التخدير
الديني والسياسي والترويض العسكري.
أليس المسجد الأقصى هو الآخر جزءاً من التراث
الإنساني، كما اعتبر الغرب والعالم تمثال بوذا كذلك، وأدان اعتداء طالبان على رمز
عقيدة أرضية يدين بها الملايين في جنوب شرق آسيا، أم أن الأقصى يخص المسلمين
المستضعفين المستهدفين من إسرائيل، وأن الأمر يتعلق الآن بالمفاضلة بين الأثر
اليهودي المزعوم والأثر الإسلامي الذي ضعف أتباعه وهزل أنصاره؟ إن الأقصى ليس صنماً
لمصلح عاش في عصور سابقة وتبعه أنصار في مبادئه الأخلاقية والإنسانية، إنه بيت الله
الأول وقبلة المسلمين في صلاتهم الأولى قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة إرضاء
لرسولنا الكريم.
فإذا هزم المسلمون في معركة الأقصى، فالهزيمة مؤكدة في معركة
بيت الله الحرام، فالجشع الصهيوني والتسلط الأمريكي لن يقفا عند حد.
لقد تجاهل
العالم عدوان إسرائيل على الأقصى المبارك لسبب واحد، لا علاقة له بمدى قدسية الأقصى
عند المسلمين أو مدى صحة الرواية الإسرائيلية حول الهيكل، ولكن السبب الحقيقي هو
قوة اللوبي الصهيوني وقدرته على التمكين لإسرائيل أولاً في دوائر القرار الأمريكي،
مما أدى إلى أن تستخدم واشنطن قوتها وأوراقها لتمكين إسرائيل من العرب والمسلمين،
فهل تتغير المعادلة إذا أتى الدور على المسجد الحرام؟ قد يظن البعض أن إسرائيل
تستهدف الأقصى لأنه جزء من فلسطين، وهى تريد كل فلسطين، وأن قصة الهيكل هدفها
التغلب على قدسية الأقصى عند المسلمين، بعد أن حاولت تغليب الجانب السياسي على
الجانب الديني في دعايتها المنظمة ضد المسجد الأقصى، ولكن الحقيقة هي أن إسرائيل
تستهدف عقيدة المسلمين ورموزهم ومقدساتهم، وإذا لم يكن الأقصى عزيزاً على المسلمين،
فهي لا تظن أن المسجد الحرام بمنأى عن مصير الأقصى، ولا يجب أن يغرب عن البال أن
إسرائيل تخلق الذرائع، وهى أصلاً قامت على وهم تمسك به أصحابه فصار عقيدة عندهم
ووهماً عند غيرهم.
فقضية اليهود في المدينة المنورة وإثارتها في السبعينيات من
القرن الماضي ليست بعيدة عنهم.
ولعلنا نذكر، بأن حريق المسجد الأقصى عام 1969 هو
الذي دفع العالم الإسلامي إلى الدخول مع العرب في الصراع العربي الإسرائيلي، مما
يعنى أن ضياع جزء من الجسد الإسلامي، هو اعتداء على هذا الجسد، فما بالنا بضياع
قبلة المسلمين الأولى ومسرى رسولنا الكريم، وأول علاقة قرآنية بين المسجد الحرام
قبل تحرره من الشرك، وبين المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله إكراماً له.
أيها
المسلمون هبوا لنجدة أقصاكم قبل أن تفاجئوا بضياع كعبتكم وقبلتكم فتحبط أعمالكم
وأنتم لا تشعرون.


الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد