صفحه من
كتاب
كتاب
أشرنا في الحلقة السابقة إلى أنه
سواء حملنا اشتراط إسلامية أولي الأمر لأعضاء الهيئة على التغليب أو على أنهم
الأمراء ممثلو السلطة التنفيذية، فلا مانع شرعياً في دولة إسلامية توجد فيها أقليات
أعطت ولاءها للدولة الإسلامية أن تحظى طوائفها بالتمثيل في الهيئة
الشوروية..
المرأة في المشاركة
السياسية حسب صياغة الدستور الإسلامي كما أعدها أبو الأعلى المودودي لدولة باكستان،
الرجولة مستدلاً على ذلك بقوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء" ويقول عليه
السلام "لن يفلح قوم والّوا أمرهم إمرأة"، وهذان النصان يقطعان حسب رأي شيخنا
المودودي رحمه الله عليه بأن المناصب الرئيسية في الدولة رئاسة كانت أو وزارة أو
عضوية مجلس الشورى أو إدارة مختلف مصالح الحكومة لا تفوض إلى النساء..
وأن
السياسة والحكم خارجان عن دائرة أعمال المرأة وقد ذهبت إلى هذا الرأي لجنة الفتوى
وفي الأزهر الشريف ولجنة الفتوى في الكويت فمنعت عن النساء حتى حق المشاركة في
الانتخاب ولقد ذهب إلى قريب من هذا الرأي محمد عبدالقادر أبو فارس في دراسة له لم
تنشر بعد لم يروا فيها للنساء من عمل سياسي مشروع غير الانتخاب العام حرصاً على
أصواتهن أمام منافسة العلمانيين وليس لهم من سند غير ما تقدم وحجة التاريخ إن ذلك
لم يحدث في الماضي.
فلم ير علماء السياسة الشرعية قبل المودودي سنداً لمنع
المرأة من الولاية العامة فضلاً عن منعها من المشاركة السياسية جملة..
إذ إن
القوامة إذا كان معناها الرئاسة بإطلاق كانت نتجه منع المرأة من الرئاسة أبداً في
أي مستوى من المستويات حتى ولو كان فصلاً لرعاية الأطفال أو إشرافاً على تطبيق أو
تحقيقاً في شأن أو إدارة متجر أو مصنع..
وهو شطط لم يذهب إليه أحد من علماء
الإسلام القدامى المحدثين ومفسري القرآن الكريم حتى أن أشهر مفسري القرآن الكريم في
هذا العصر على منزعه السلفي في التفسير وميله الشديد إلى مخالفة ما جاء عن الغرب قد
أعترف وهو بصدد تفسير آية القوامة أنه كان يذهب في فهمه في الآية إلى أنها تعني
الرئاسة العامة للرجال على النساء في كل شأن ولكنه عدل بعد طول تأمل عن هذا الرأي
ذلك أن سياق الآية هو حديث عن الخلافات الزوجية مما يقضي أن الرئاسة الواردة في
الآية لا تتجاوز نطاق الأسرة وهي رئاسة ككل الرئاسات لا مجال فيها للإطلاق بل هي
خاضعة وجوباً للنص والشورى..
والنتيجة أن ليس هناك في الإسلام ما يقطع بمنع
المرأة من الولايات العامة قضاء أو إمارة وحتى على فرض ذهابنا مع الجمهور إلى منعها
من الولاية العامة فبأي مستمسك يستمسك غاصبوا حقها المشاركة في إدارة الشؤون العامة
في كل المستويات؟ ليس لهم من مستمسك غير التقليد وليتهم قلدوا الآباء في عصورهم
الذهبية عصور تحرر العقل وانطلاق الأمة إذن لكانوا أهدى سبيلاً ولقرأوا عند شيخ
المفسرين "ابن جرير" وغيره لقد أجازوا للمرأة لا مجرد المشاركة في الانتخاب أو
الانتماء إلى الأحزاب أو القيام ببعض وظائف الدولة كالكتابة والوزارة بل قد أجازوا
لها تولي القضاء وهو من الولايات العامة التي تقاس شروط الإمامة عليها..
ولو
تحرروا من تقليد آباء عصور الجمود وامتدت أبصارهم إلى أبعد من ذلك إلى عصر التشريع
عصر النبي وخلفائه لألفوا المرأة لا تشارك بالرأي فحسب في الشؤون العامة بل تشارك
بالسيف أيضاً وتدخل في ساعة الأزمات بالرأي السديد والحل المنفذ كما تدخلت أم سلمة
في صلح الحديبية لما أغضب الأصحاب بينهم فلم يطيعوه فدخل عليها مهموماً فأشارت عليه
بالحل الذي أنقذ الموقف في أحرج موقف عرفته العلاقة بين القائد وصحبه فهل اعتراض
النبي "صلى الله عليه وسلم" على تدخلها بحجة أن هذا سياسة وأن السياسة والحكم
خارجان عن دائرة أعمال المرأة وإن مما يعزي النفس أن معظم رجال السياسة الشرعية في
هذا العصر لم يذهبوا بدافع التقليد للآباء أو رد الفعل على الغرب إلى ما ذهب إليه
المودودي بل أقروا أن الأصل في الحقوق العامة المساواة بين الرجال والنساء عدا
مواطن قليلة تقتضيها ضرورة التكوين أو ضرورات المجتمع ونكتفي هنا بنقل هذه الفقرات
اللامعة للشيخ الأزهري رحمه الله من كتاب دستور الأخلاق في القرآن إن القرآن يقرر
مشاركة الرجل والمرأة في كيان الدولة والمجتمع سواء بسواء عدا بعض استثناءات قليلة
متصلة بخصوصيتها الجنسية ويجعل لها الحق مثله في النشاط الاجتماعي والسياسي بمختلف
أشكاله وأنواعه ومن جملة ذلك الحياة النيابية وغير النيابية مما يتصل بتمثيل طبقات
الشعب ووضع النظم والقوانين والأشراف على الشؤون العامة والجهود والدعوات
والتنظيمات الوطنية والكفاحية والاجتماعية والإصلاحية .
الماضي لا يعطل الأحكام
إذا كانت المرأة في القرون الإسلامية الأولى لم تشترك في شؤون الدولة بمقياس واسع
فمرد هذا إلى طبيعة الحياة الاجتماعية وليس من شأنه أن يعطل الأحكام والتلقينات
القرآنية لأن كتاب الله وسنة رسوله الثابتة هما منبع الشريعة والاحكام الإسلامية
لمختلف العصور والبيئات ومع ذلك فقد كانت مساهمة المرأة في عظيمة حركة التغيير
وبناء الحضارة الإسلامية سواء في المرحلة المكية أو المدنية وفي العهد الراشدي
وسائر عهود الازدهار كانت حاضرة في أخطر المواقع مثل عقد تأسيس الدولة الإسلامية
..
والغزوات واستند ابن حزم على تولية عمر بن الخطاب الحسية على السوق ليقرر "
وجائز أن تلي المرأة الحكم" عدا رئاسة الدولة في رأية أما تقي الدين النيهاني فقد
ذهب في دستوره إلى أنه "لكل من يحمل التابعية إذا كان بالغاً عاقلاً الحق في أن
يكون عضواً في مجلس الشورى رجلاً كان أو امرأة؟ الإسلام لا يبرر الإقصاء الخلاصة
انه ليس في الإسلام ما يبرر إقصاء نصف المجتمع الإسلامي عن دائرة المشاركة والفعل
في الشؤون العامة...
بل أن ذلك من الظلم للإسلام ولأمته قبل أن يكون ظلماً
للمرأة ذاتها..
لأن على قدر ما تنمو مشاركة المرأة في الحياة العامة على قد رما
يزداد وعيها العالم وقدرتها على السيطرة عليه وأنه لا سبيل إلى ذلك من إزالة
القوائق الفكرية والعملية من طريق مشاركتها في الشؤون العامة والارتقاء بوعيها
الإسلامي والعام والثقة بقدراتها حتى تكون مساهمتها فعاله في صناعة جيل يخرج عن
خويصية نفسه لينخرط في الهموم العامة للأمة والإنسانية نحن إذن مع حق المرأة الذي
قد يرتفع أحياناً إلى مستوى الواجب في مشاركتها في الحياة السياسية على أساس
المساواة في إطار احترام أخلاقيات الإسلام..
فإنما التفاصيل بالكفاءة والخلق لا
بالجنس واللون وتأمل في الآية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم
شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عن الله اتقاكم إن الله عليم خبير).
سواء حملنا اشتراط إسلامية أولي الأمر لأعضاء الهيئة على التغليب أو على أنهم
الأمراء ممثلو السلطة التنفيذية، فلا مانع شرعياً في دولة إسلامية توجد فيها أقليات
أعطت ولاءها للدولة الإسلامية أن تحظى طوائفها بالتمثيل في الهيئة
الشوروية..
المرأة في المشاركة
السياسية حسب صياغة الدستور الإسلامي كما أعدها أبو الأعلى المودودي لدولة باكستان،
الرجولة مستدلاً على ذلك بقوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء" ويقول عليه
السلام "لن يفلح قوم والّوا أمرهم إمرأة"، وهذان النصان يقطعان حسب رأي شيخنا
المودودي رحمه الله عليه بأن المناصب الرئيسية في الدولة رئاسة كانت أو وزارة أو
عضوية مجلس الشورى أو إدارة مختلف مصالح الحكومة لا تفوض إلى النساء..
وأن
السياسة والحكم خارجان عن دائرة أعمال المرأة وقد ذهبت إلى هذا الرأي لجنة الفتوى
وفي الأزهر الشريف ولجنة الفتوى في الكويت فمنعت عن النساء حتى حق المشاركة في
الانتخاب ولقد ذهب إلى قريب من هذا الرأي محمد عبدالقادر أبو فارس في دراسة له لم
تنشر بعد لم يروا فيها للنساء من عمل سياسي مشروع غير الانتخاب العام حرصاً على
أصواتهن أمام منافسة العلمانيين وليس لهم من سند غير ما تقدم وحجة التاريخ إن ذلك
لم يحدث في الماضي.
فلم ير علماء السياسة الشرعية قبل المودودي سنداً لمنع
المرأة من الولاية العامة فضلاً عن منعها من المشاركة السياسية جملة..
إذ إن
القوامة إذا كان معناها الرئاسة بإطلاق كانت نتجه منع المرأة من الرئاسة أبداً في
أي مستوى من المستويات حتى ولو كان فصلاً لرعاية الأطفال أو إشرافاً على تطبيق أو
تحقيقاً في شأن أو إدارة متجر أو مصنع..
وهو شطط لم يذهب إليه أحد من علماء
الإسلام القدامى المحدثين ومفسري القرآن الكريم حتى أن أشهر مفسري القرآن الكريم في
هذا العصر على منزعه السلفي في التفسير وميله الشديد إلى مخالفة ما جاء عن الغرب قد
أعترف وهو بصدد تفسير آية القوامة أنه كان يذهب في فهمه في الآية إلى أنها تعني
الرئاسة العامة للرجال على النساء في كل شأن ولكنه عدل بعد طول تأمل عن هذا الرأي
ذلك أن سياق الآية هو حديث عن الخلافات الزوجية مما يقضي أن الرئاسة الواردة في
الآية لا تتجاوز نطاق الأسرة وهي رئاسة ككل الرئاسات لا مجال فيها للإطلاق بل هي
خاضعة وجوباً للنص والشورى..
والنتيجة أن ليس هناك في الإسلام ما يقطع بمنع
المرأة من الولايات العامة قضاء أو إمارة وحتى على فرض ذهابنا مع الجمهور إلى منعها
من الولاية العامة فبأي مستمسك يستمسك غاصبوا حقها المشاركة في إدارة الشؤون العامة
في كل المستويات؟ ليس لهم من مستمسك غير التقليد وليتهم قلدوا الآباء في عصورهم
الذهبية عصور تحرر العقل وانطلاق الأمة إذن لكانوا أهدى سبيلاً ولقرأوا عند شيخ
المفسرين "ابن جرير" وغيره لقد أجازوا للمرأة لا مجرد المشاركة في الانتخاب أو
الانتماء إلى الأحزاب أو القيام ببعض وظائف الدولة كالكتابة والوزارة بل قد أجازوا
لها تولي القضاء وهو من الولايات العامة التي تقاس شروط الإمامة عليها..
ولو
تحرروا من تقليد آباء عصور الجمود وامتدت أبصارهم إلى أبعد من ذلك إلى عصر التشريع
عصر النبي وخلفائه لألفوا المرأة لا تشارك بالرأي فحسب في الشؤون العامة بل تشارك
بالسيف أيضاً وتدخل في ساعة الأزمات بالرأي السديد والحل المنفذ كما تدخلت أم سلمة
في صلح الحديبية لما أغضب الأصحاب بينهم فلم يطيعوه فدخل عليها مهموماً فأشارت عليه
بالحل الذي أنقذ الموقف في أحرج موقف عرفته العلاقة بين القائد وصحبه فهل اعتراض
النبي "صلى الله عليه وسلم" على تدخلها بحجة أن هذا سياسة وأن السياسة والحكم
خارجان عن دائرة أعمال المرأة وإن مما يعزي النفس أن معظم رجال السياسة الشرعية في
هذا العصر لم يذهبوا بدافع التقليد للآباء أو رد الفعل على الغرب إلى ما ذهب إليه
المودودي بل أقروا أن الأصل في الحقوق العامة المساواة بين الرجال والنساء عدا
مواطن قليلة تقتضيها ضرورة التكوين أو ضرورات المجتمع ونكتفي هنا بنقل هذه الفقرات
اللامعة للشيخ الأزهري رحمه الله من كتاب دستور الأخلاق في القرآن إن القرآن يقرر
مشاركة الرجل والمرأة في كيان الدولة والمجتمع سواء بسواء عدا بعض استثناءات قليلة
متصلة بخصوصيتها الجنسية ويجعل لها الحق مثله في النشاط الاجتماعي والسياسي بمختلف
أشكاله وأنواعه ومن جملة ذلك الحياة النيابية وغير النيابية مما يتصل بتمثيل طبقات
الشعب ووضع النظم والقوانين والأشراف على الشؤون العامة والجهود والدعوات
والتنظيمات الوطنية والكفاحية والاجتماعية والإصلاحية .
الماضي لا يعطل الأحكام
إذا كانت المرأة في القرون الإسلامية الأولى لم تشترك في شؤون الدولة بمقياس واسع
فمرد هذا إلى طبيعة الحياة الاجتماعية وليس من شأنه أن يعطل الأحكام والتلقينات
القرآنية لأن كتاب الله وسنة رسوله الثابتة هما منبع الشريعة والاحكام الإسلامية
لمختلف العصور والبيئات ومع ذلك فقد كانت مساهمة المرأة في عظيمة حركة التغيير
وبناء الحضارة الإسلامية سواء في المرحلة المكية أو المدنية وفي العهد الراشدي
وسائر عهود الازدهار كانت حاضرة في أخطر المواقع مثل عقد تأسيس الدولة الإسلامية
..
والغزوات واستند ابن حزم على تولية عمر بن الخطاب الحسية على السوق ليقرر "
وجائز أن تلي المرأة الحكم" عدا رئاسة الدولة في رأية أما تقي الدين النيهاني فقد
ذهب في دستوره إلى أنه "لكل من يحمل التابعية إذا كان بالغاً عاقلاً الحق في أن
يكون عضواً في مجلس الشورى رجلاً كان أو امرأة؟ الإسلام لا يبرر الإقصاء الخلاصة
انه ليس في الإسلام ما يبرر إقصاء نصف المجتمع الإسلامي عن دائرة المشاركة والفعل
في الشؤون العامة...
بل أن ذلك من الظلم للإسلام ولأمته قبل أن يكون ظلماً
للمرأة ذاتها..
لأن على قدر ما تنمو مشاركة المرأة في الحياة العامة على قد رما
يزداد وعيها العالم وقدرتها على السيطرة عليه وأنه لا سبيل إلى ذلك من إزالة
القوائق الفكرية والعملية من طريق مشاركتها في الشؤون العامة والارتقاء بوعيها
الإسلامي والعام والثقة بقدراتها حتى تكون مساهمتها فعاله في صناعة جيل يخرج عن
خويصية نفسه لينخرط في الهموم العامة للأمة والإنسانية نحن إذن مع حق المرأة الذي
قد يرتفع أحياناً إلى مستوى الواجب في مشاركتها في الحياة السياسية على أساس
المساواة في إطار احترام أخلاقيات الإسلام..
فإنما التفاصيل بالكفاءة والخلق لا
بالجنس واللون وتأمل في الآية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم
شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عن الله اتقاكم إن الله عليم خبير).