محمد اليامي
في ارض الإيمان والحكمة بان أزمة سياسية كبيرة جاثمة على أرضنا ووطننا الحبيب اليمن
ولا يختلف اثنان بان الحكمة يمانية بشهادة رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ولا
يختلف اثنان أيضاً بان الحكمة اليمانية قد ظلت الطريق وتاهت كثيرا في دهاليز وأحياء
وسهول وجبال وصحارى وجزر ارض السعيدة وتاهت الحكمة في القرى والمناطق والمدن
والقبائل على ارض السعيدة وتاهت الحكمة اليمانية في أزقة الدولة والحكومة والنواب
والشورى والمحليات وبين السياسة والأحزاب والمنظمات والجماعات والطوائف على ارض
السعيدة.
وأصبحت ارض السعيدة تئن من الشقاء والبؤس
والخوف من المجهول وأصيب المواطن اليمني كما المسئول والقائد وكما الشيخ والعالم
وكما المتعلم الأمي وكما الرجل والمرأة والطالب والمدرس..
الكل مصاب بالذهول
والكل يسمع ويشاهد بان الجميع بدأ برئيس بقيادات الدولة والوزراء والمسئولون
وقيادات المعارضة والمجتمع المدني وقيادات والإخوة في الحراك والمشترك والمشائخ
والمفكرين والسياسيين والصحفيين والإعلاميين جميعهم يدعوا إلى الحوار و لا ندري لمن
الحوار ومع من ومن ينتظر هؤلاء لتحريك عجلة الحوار وأين تقع حجر الزاوية لنبدأ
الحوار فاللقاء المشترك يدعو إلى حوار وطني شامل لا يستثني احداً ونحن معه على ذلك،
والدولة والحكومة وحزبها الحاكم تدعوا إلى حوار وطني تحت سقف الدستور والقانون
والثواب الوطنية ونحن معها على ذلك وكنا قد سمعنا عن دعوة لحوار ثمانية ألف يمني
مؤتمري تحت قبة الشورى وتأجل الحوار إلى ما لا نهاية ونحن مع ذلك التأجيل إلى الأبد
لان الحوار ينبغي أن يكون بين فرقاء متخاصمين أصلاً أما المتفقين فلا داعي للحوار
لان الاتفاق كائن وسمعنا أيضاً عن وساطات وتدخلات عربية وإقليمية ودولية وعن
اشتراطات هنا وهناك وعن أملاءات ورفض وقبول وتمدد وانكماش وانسداد وانفراج ومناكفات
ومماحكات وإقصاء واستقطاب ولا ندري ماذا يريد الساسة هل يريدون أن يوصلوا اليمن
كجذع نخل خاوية؟ فقد أمسينا كذلك.
فاقتصادنا في تدهور مستمر والعملة الوطنية
تتهاوى وباستمرار والفقر والجوع يتسع نطاقه والغلاء أصبح فوق الفاحش وراتب الموظف
بالكاد يكفي شراء الطحين بالشهر الأول ويصل إلى العجين بالشهر الثاني وقد يحصل على
الخبز بالشهر الثالث.
اذا كتب الله لصاحبه البقاء ونجا من الهلاك وانتشر الفساد
في ربوع السعيدة من نهب المال العام وتهريب للثروة إلى خارج الوطن وتهريب الخمور
والمخدرات والعلاج والفاسد إلى داخل الوطن والتهرب الضريبي وزيادة نفقات
الترفيه..
حيث تصرف السيارات والاعتمادات والنثريات وزيادة عدد السفارات
والقنصليات والملحقيات وانتشار ظاهرة وكلاء المحافظات حتى إن بعض المحافظات فاق عدد
الوكلاء عدد المديريات ولا ندري لماذا جرى انتخاب المحليات وكأنك يا بو زيد ما غزيت
؟وهات يا مرافقين وهات يا حشم وهات يا خدم فبعض الشخصيات قد يتجاوز عدد مرافقيه
العشرات بالكشوفات وعند الرواتب وتتجاوز السيارات التي حصل عليها من المناسبات
المتعددة والحكومات المتعاقبة العشر وأكثر..
ناهيك عن المساعدات العلاجية
بالعملة الصعبة اذا أصيب بالزكام والوعكة الصحية، وأصبحت الوظيفة العامة مغنم
يتهافت عليها لجميع باستماتة للحصول على الامتيازات وتوظيف الأقارب والأبناء
والأخوة والأخوات وجمع الأموال وزيادة الأرباح والممتلكات.
لا يتهافت احد على
الوظيفة العامة لخدمة الوطن والمساهمة بشكل أفضل في بناء الوطن فكثير من الكوادر
المؤهلة والكفوءة لا تستطيع الوصول إلى الوظيفة لأسباب ومعوقات كثيرة وعديدة منها
انتشار المناطقية والفئوية والحزبية وهكذا يا وطني نحن قاب قوسين أو أدنى من نصف
قرن عن عمر الثورة وأهدافها تتحقق بعد براءة من التحرر من الاستعمار والاستبداد
وإقامة العدل كل تلك الأهداف نقرأها صباح كل يوم في الصحف الرسمية قراءة فقط
وكفى..
لم نشاهدها على ارض الواقع وبعض من يرأس تلك الصحف الرسمية سخرها لأهدافه
يكفي أن يمجد الرئيس بالمقدمة ثم بعد ذلك ينشر السموم في المجتمع وينسى أو يناسى
بان هذه الصحف ملك للأمة وراتبه ورواتب الموظفين من أموال الأمة وعليه أن ينهج في
مواضيعها المحافظة على السلم الاجتماعي وألا يجعل منها حربة للإساءة إلى بعض فئات
المجتمع وان كان يحمل فكرا معنيا ولديه مشكلة مع احد فليذهب لينشئ صحيفة مستقلة
ويقول ما يشاء ليتمكن الآخرون من محاسبته عبر القضاء فنحن مقبلون على فتنة تطل
برئيسها صباح مساء.
فليس من مصلحة احد أن تضعف مؤسسات الدولة وليس من مصلحة احد
أن تتسع رقعة الخلافات وليس من مصلحة احد نشر وترويج ثقافة الكراهية والحقد بين
أبناء الوطن الواحد ولا من مصلحة احد أن ينفلت الأمن ولا أن يفقد المواطن الثقة
بأجهزة الدولة المختلفة فكلنا نحتاج لبعضنا، وبعضنا يحتاج لكلنا..الراعي والرعية
فعلى الراعي تقع المهام الجسام وعليه أن يكون عادلا منصفا يراعي مصالح الجميع بدون
تميز وعلى الرعية طاعة ولي الأمر وإعانته على القيام بواجباته والمحافظة على السلم
الاجتماعي وعدم الانجرار وراء دعوات التشرذم والتمزق.
ونعود لنتساءل عن حجر
الزاوية في الأمر كله في معالجة قضايا الوطن وأزماته المتكررة والمستمرة وأنا أتقدم
بمبادرة لعلها تلامس مسامع أصحاب القرار فالوطن يتسع لجميع أبنائه ولا يوجد في
الوطن من هو وطني ومن هو غير وطني، وادعوا القيادات العليا بالدولة وقيادات الجيش
والأمن وهيئات القضاء وقيادات المؤسسات التعليمية المختلفة أن تقدم استقالاتها
الجماعية والفردية من الانتماء إلى أي حزب سياسي وان تنفض من على كاهلها غبار
الولاء القبلي و المناطقي..
ليكون الولاء أولا وأخيرا بعد الله سبحانه وتعالى
للوطن الغالي الذي نعيش بظله ونستظل بسمائه وحينها يستطيع الأخ الرئيس ونائبه
الدعوة لحوار وطني شامل يستجيب له الجميع بل وعلى الجميع الاستجابة الفورية دون
تلكؤ أو مماطلة فلم يعد هناك وقت والوطن لا يحتمل التأخير ولم يعد هناك سعة
للمناورة والآفاق براءة تضييق شيئا فشيئا ولو فعلنا هذا لكنا قد وضعنا حجر الزاوية
في الطريق الصحيح ووضعنا المركب اليماني على ساحل الأمن والأمان والسلامة والإيمان
فلا تتأخروا رعاكم الله والله من وراء القصد.