;

متى تتحرر العقول من فكرة إحتكار الحقيقة؟! .. الحلقة الـ«22» 1287

2010-03-24 04:13:41

صفحه من
كتاب


إن
التسامح بل الحماس الذي أظهره كثير من مثقفي السنة وعامة الجماهير الإسلامية تجاه
إخوانهم الشيعة الإمامية ودفاعهم عن ثورة الإسلام حتى لاقوا في سبيل ذلك ما لاقوا
من العسف والمصادمات مع أنظمتهم لم يقابل غالباً برد فعل إيجابي من إخوانهم الشيعة
عدا كلام كثير وجميل حول الوحدة الإسلامية. .

أما في
العمق فإن معظم إخواننا لم تزدهم الثورة على ما يبدو إلا يقينا في

صلاح قراءتهم الإسلام وتاريخه وفساد كل قراءة أخرى ولم تزدهم إلا
تحقيراً لجمهور الأمة وما أفرزه من تراث وحركات
وقوى لديهم الأمل في تحول
ذلك الجمهور عن عقائده وربطه بالإمامة والعصمة وبتر أواصره مع تصوراته العقائدية
وزعاماته الطارف منها والتليد وهو أمل خادع ومطمع ليس من ورائه طائل بعد أن سلخت
الأمة معظم تاريخها على مثل هذا التعدد وما أحسبها إلا ماضية على النهج نفسه فيما
تبقى، فليوطن الجميع أنفسهم على قبول التعددية والبحث من خلالها عن التعايش والوحدة
وليعولوا على التوسع الدعوي خارج دار الإسلام بدل إذكاء الصراع في الداخل على أمل
إحداث نقله في الغرفة المجاورة.
النهج المضر: فهل من فيئة إلى الرشد تحرر العقول
من فكرة احتكار الحقيقة وإدعاء كل طرف أنه أهدى سبيلاً بل أن سبيل الإسلام هو سبيله
ولا شيء غير ذلك وهو نهج خاطئ علمياً ومضر سياسياً ولاشك في أنه على الطرف الآخر من
هذا النهج تقف الدعوة على تكفير الشيعة وتجاوز ما استقر عليه أهل السنة من أن
الشيعة الإمامية والزيدية هم من أهل القبلة مع تسجيل مآخذ عليهم ولقد نشطت الأقلام
والمطابع فألفت وطبعت عشرات المصنفات وانعقدت عشرات المؤتمرات في تكفير الشيعة
والتحريض ضد الجمهورية الإسلامية وكأن الشيعة كشفت جديد فإلى أين تقاد الأمة من طرف
قوى التشدد على الجانبين في غفلة عن الأخطار الداهمة على الإسلام. .
كياناً
وفكرة؟ الأمر الذي يوجب علينا شرعاً نبذ كل إنحراف صوب الغلو والتكفير وتنمية عناصر
وتوجهات الاعتدال والوحدة والتعاون ومحاولة الوحدة باستمرار وتنمية وتوسيع دائرة
الاعتراف بالتعددية داخل البنية الإسلامية وخارجها.
هذا التصور حول فكرة التعاقد
كأساس نشوء الدولة والرفض المطلق لها على اعتبار أن الإمامة منصب إلهي وأن المستخف
بحكم الوصي أو الراد عليه كالمستخف بالله جل جلاله أو الراد عليه وهو في عهد الغيبة
فإن ظلال العصمة والوصية تظل تنوء بثقلها على صورة الإمام. .
فيظل صاحب السلطة
الحقيقية إذاً غائباً ولكن يتحدث باسمه القائم فهل هي الأمة التي تختار فقيهاً من
الفقهاء ليكون ولي الأمر كما توحي بذلك ظواهر بعض نصوص إخواننا ونصوص دستور
الجمهورية الإسلامية أم هو الإمام الذي يؤول إليه بعد ذلك السلطان كله في إطار
الشرعية خاصة وإن الإمام الغائب المعصوم ليس غائباً عن نوابه بل هو حاضر ليردهم
ويشير عليهم وله معهم لقاءات في أوقات مخوصة بل أن الأدبيات الشيعية تتحدث عن حضوره
في المعارك يثبت المؤمنين ويعيد الأعضاء المبتورة ويشير على الإمام النائب حتى إن
هذا الأخير لا يقضي بشأن إلا بإذنه ولكن هذه الأدبيات الشيعية والمدعومة بمواريث
المرجعية وبصمت كثير من علماء المذهب رغم عدم اعتقادهم إياها ليست محل إجماعهم أعني
فكرة ولاية الفقيه وما عداه قد تلبس بها من ظلال العصمة وأحسب أن الشورى أساس قيام
الدولة وعملها تكسب كل يوم أنصارا على صعيد الفكر والممارسة مع أن فكرة ولاية
الفقيه رغم ما ظل عالقاً بها من ظلال العصمة مثلت تطوراً وجسر لقاء.
العقد أوجد
الحاكم ولم يوجد الحكم: الفريق الثاني الذي عارض نظرية التعاقد أنطلق من رفض
التأويل الذي قدمه دعاة النظرية التعاقدية إلى البيعة على أنها تعاقد بين طرفين
حاكم وشعب على إقامة الحكم الإسلامي فمثل هذا العقد غير موجود أصلاً إذ أن الحاكم
في الدولة الإسلامية لا يملك سيادة وإنما يستمد سلطته من خلال طاعته لله وهو موظف
اختاره الناس لخدمتهم على ذلك في الدولة الإسلامية ولكنه عقد بين الحاكم والمحكوم
من جهة والله من جهة أخرى، ويعتبر العقد ساري المفعول طالما نفذ الحاكم والمحكوم
قوانين الله وإرادته وعلى الناس طاعة حكامهم الذين اختارهم وإلا اعتبر عصيانهم
خروجاًَ على الشريعة الإسلامية.
الدولة لا تقوم على الإجماع: ونظرية البيعة التي
تقوم على أساس التعاقد بين السلطة والمحكومين أوقعت كثيراً من الإسلاميين في شبهة
التماثل بينها وبين العقد الاجتماعي الذي ظهر في أوروبا فقالوا: خطأ أن الدولة في
الإسلام أوجدها تعاقد المسلمين على إنشاء دولتهم والحقيقة أن المسلمين في عقد
البيعة لم يتعاقدوا على إنشاء الدولة وإنما تعاقدوا على إقامة الحاكم وهناك فرق
كبير بين الاثنين والدولة أنشئت بموجب نصوص قرآنية لا بإجماع المسلمين تلك النصوص
التي لا تقبل التعديل أو التبديل أو بمجرد أن يسلم المرء يرتبط حكماًَ بالنصوص
ويخضع بالتالي نظرية الدولة دون أن يتعاقد مع الآخرين.
وخلاصة هذا الرأي أن
العقد هو الذي أنشأ الدولة في رأي "روسو" أما في الإسلام فعقد البيعة لم ينشئ
الدولة لأن النص هو الذي أنشأها والمسلمون ليسوا أحراراً، طالما ظلوا مسلمين، في
أن يطبقوا أحكام الشريعة أو يعطلوها. .
وإقامة أحكام الشريعة لا سبيل إليها دون
أن ينتظم أمر المسلمين تحت قيادة تنفذ حكم الشريعة وإذن فالبيعة أوجدت الحاكم ولم
توجد الحكم أوجدت أداة التنفيذ ولم توجد الفكرة ذاتها والمؤسسة.
ضرورة اجتماعية:
النتيجة إن الأكثر اتساقاً مع مقاصد الإسلام وقواعده العامة القول بأن الدولة حاجة
ثابتة ومطلقة كانت منذ أن دخل المجتمع الإنساني مرحلة الاختلاف والصراع السياسي
وستبقى إلى الأبد طالما أن المجتمع الإنساني ماضٍ في تطور العلاقات وتعقدها فالدولة
ضرورة اجتماعية وظاهرة صحية في الأمة.
ولذلك كان رد الإمام "علي" حاسماً على
الخوارج إذ قالوا: "لا حكم إلا لله، فقال: كلمة حق أريد بها باطل نعم أنه لا حكم
إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلا لله وأنه لابد للناس من أمير ولقد كان
هناك ترابط زمني وسببي بين ظاهرة الدولة وظاهرة النبوة فالفترة الزمنية التي تعقدت
فيها أوضاع العيش واختلفت مشارب الناس وأخذت مصالحهم تتصادم بعد أن كانت الفطرة
كافية في تسيير حياتهم فبعث الله الأنبياء فأنشؤوا الدولة وحكموا بين الناس فيما
اختلفوا فيه "كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم
الكتاب الحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه".
نظرية التعاقد: وليس منتظراً
مهما بلغ سمو الناس أن يستغنوا عن الدولة طالما ظل الإنسان "لحب الخير لشديد" وظل
عجولاً جهولاً ظلوماً وليست الوظيفة الأمنية هي الوظيفة الأساسية للدولة وإن كان لا
غنى عنها وإنما وظيفة التربية والتهذيب وتوفير المناخات الروحية والاجتماعية التي
تعين الإنسانية على الترقي اللامحدود هي الوظيفة الأساسية للقيادة الإسلامية، قلت
لئن اجتمعت وجهتا النظر المقدمتان في نقد نظرية التعاقد من حيث إن أمر الله هو الذي
أوجد الدولة وليس الاختيار فإنهما تختلفان بعد ذلك مباشرة في تصور انبثاق الإمام أو
رجل الدولة فهل ينبثق من التعيين الإلهي جملة أم هو ينبثق من
البيعة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد