خيرالله
خيرالله
خيرالله
يبدو اليمن وكأنه يسير خطوة خطوة في
اتجاه تجاوز ازماته الداخلية.
لا يزال مبكرا اصدار حكم مبرم أن البلد تجاوز
مرحلة الخطر، لكن الاكيد ان ما تحقق في الاسابيع القليلة الماضية يشجع على
التفاؤل.
كانت الخطوة الاولى في هذا السياق التوصل الى اتفاق لوقف النار مع
زعماء التمرد الحوثي.
لا شك ان ذلك لم يكن ممكنا الا بسبب عاملين.
العامل
الاول انهاك الحوثيين عسكريا.
وهذا ما حصل بالفعل.
اما الاخر، فيتمثل في سحب
الغطاء القبلي الذي كان الحوثيون يتمتعون به والذي حال دون الحسم
العسكري.
استطاعت الدولة اليمنية في نهاية المطاف التعاطي مع هذا الموضوع الدقيق
وأمنت حدا ادنى من التباعد بين الحوثيين والمجتمع القبلي بما يضمن انتصار منطق
الدولة على كل ما عداه في المسقبل المنظور.
لا شك ان الانتصار النهائي لمنطق
الدولة لا يكون الا عبر خطة تنموية تشعر المواطنين في كل المحافظات المعنية، على
رأسها الجوف وعمران وصعدة وحجة، ان هناك اهتماما بهم.
وهذه المسؤولية ليست
مسؤولية الدولة اليمنية ذات الامكانات المحدودة وحدها، بل هي مسؤولية المجتمع
الدولي ودول الجوار التي من مصلحتها قطع الطريق على اي تدخلات اجنبية، ايرانية وغير
ايرانية، في تلك المنطقة الحساسة.
لا مفرّ، في ما يبدو، من وضع خطة تنموية شاملة
تؤدي الى جعل المواطن اليمني في المحافظات الاربع المعنية وفي غيرها من المحافظات
يشعر ان لديه مصلحة في الاستقرار وعدم حمل السلاح في وجه الدولة.
ولا شك ان
اقامة مدارس ومستوصفات وخلق فرص عمل تشكل خطوة اولى على طريق ربط المواطن بالدولة
من دون ان يعني ذلك تخليه عن ولائه القبلي او المذهبي، علما ان الولاء المذهبي لم
يكن يوما ذا شأن في اليمن قبل ان توجد جهات خارجية عملت على ابراز الظاهرة وتضخيمها
لاسباب مرتبطة بمصالح خاصة.
يفترض في توقف المعارك والعمليات العسكرية في صعدة
والجوف وعمران وحجة الا يؤدي الى حال من الجمود والمراوحة.
على العكس من ذلك،
الان هو وقت العمل الجدي من اجل تفادي حرب سابعة مع الحوثيين ومن يدعمهم وقطع
الطريق نهائيا على الفتنة واحتمال تجددها.
بكلام اوضح، ما يبدو اكثر من طبيعي في
هذه المرحلة التركيز على الوضع في صعدة والمنطقة المحيطة بها من دون ان يعني ذلك في
اي شكل التغاضي عما يدور في المحافظات الجنوبية والشرقية، خصوصا في لحج وابين وشبوة
وحتى في حضرموت وعدن نفسها.
ربما كان اهم تطور يشهده اليمن حاليا ان الرئيس علي
عبدالله صالح يعي تماما ان ثمة فرصة لانجاز تسوية في الجنوب تصب في مصلحة الجميع،
خصوصا مصلحة المواطن اليمني وذلك في ضوء التوصل الى وقف للنار مع الحوثيين في اقصى
الشمال.
هناك وعي لاهمية تفادي اللجوء الى القوة لحل المشاكل القائمة وهي عميقة
ولا بدّ من الاعتراف بها.
من هذا المنطلق كانت دعوته القوى التي يتشكل منها
الحراك السلمي الجنوبي الى الحوار.
كان هناك من يظن ان الرئيس اليمني سينتهز
فرصة التوصل الى وقف للنار مع الحوثيين من اجل التركيز عسكريا على الجنوب.
لم
يحصل ذلك.
اختار علي عبدالله صالح زيارته للاكاديمية العسكرية العليا، قبل ايام،
ليدعو الى الحوار وليعلن عن تشكيل لجان تتولى الحوار قائلا: "انا متأكد ان الاعلام
الشطرية (اعلام ما كان الشطر الجنوبي قبل الوحدة) ستحرق في الايام والاسابيع
القادمة.
لدينا علم واحد استفتينا عليه بارادتنا الحرة.
وأي مطالب سياسية
سنرحب بها.
تعالوا نتحاور".
لا شك ان اي حوار لا بدّ ان يأخذ في الاعتبار ان
هناك اسبابا ادت الى الحراك في الجنوب.
هناك تجاوزات حصلت وهناك اهمال واستخفاف
غير مقبولين بابناء محافظات معينة.
لكن هناك امرا لا يمكن تجاهله يتمثل في ان
امكانات الدولة اليمنية محدودة.
وقد عملت الدولة، على الرغم من ذلك، على اقامة
مشاريع في المحافظات الجنوبية والشرقية وتشجيع الاستثمار فيها على حساب مناطق اخرى
في احيان كثيرة.
لم يؤد ذلك الى النتائج المتوخاة، خصوصا ان كثيرين لا يسعون سوى
الى التركيز على النواحي السلبية، في مقدمها التجاوزات التي مارسها نافذون، وهي
للاسف الشديد كثيرة..هناك الان دعوة الى الحوار.
لماذا لا تعقد طاولة حوار يشارك
فيها الجميع في مناسبة اقتراب الذكرى العشرين لاعلان الوحدة في الثاني والعشرين من
ايار 1990.
تحت سقف الوحدة، التي تضمن عدم تحول اليمن الى دويلات متناحرة من
منطلقات مذهبية وطائفية وقبلية ومناطقية، يمكن التوصل الى صيغ حضارية تطور مفهوم
الوحدة بما يحفظ مصالح الجميع.
اوليست صيغة اللامركزية الموسعة من بين الصيغ
التي تستأهل نقاشا في العمق؟.هذا ليس وقت تصفية الحسابات في اليمن.
هناك مهمة
تتطلب ان يتصدى لها الجميع.
انها مهمة التصدي للارهاب والعمل على اجتثاثه من
جذوره.
الارهاب خطر على اليمن كله من اقصى الشمال، الى اقصى الجنوب مرورا بالوسط
في طبيعة الحال.
التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة لا تكون عن طريق مشاريع انفصالية
او حروب جديدة بمقدار ما انها تتطلب التركيز على التعليم والبرامج التربوية الحديثة
وبناء مدارس وتطوير الزراعة والخدمات الصحية وتثقيف المرأة بدل البحث في كيفية شراء
اسلحة.
لا حلّ لمشاكل اليمن الا بالحوار، بين متساوين لا يستثني احدا، شرط ان
يكون هذا الحوار بهدف التوصل الى صيغة عملية تحفظ ماء الوجه للجميع بعيدا عن اي نوع
من انواع الهيمنة.
انها صيغة تمكن جميع الذين شاركوا في صنع الوحدة من الاحتفال
بالذكرى العشرين لقيامها.
من يريد ان يتذكر ان الوحدة، لدى قيامها، كانت طلاقا
مع الماضي وان الشعار الذي كان ينادي به الجميع في بداية التسعينات من القرن الماضي
ان الوحدة "جبّت" ما قبلها، اي ان ما مضى قد مضى ولا ضروة للعودة اليه.
المستقبل
اللبنانية
اتجاه تجاوز ازماته الداخلية.
لا يزال مبكرا اصدار حكم مبرم أن البلد تجاوز
مرحلة الخطر، لكن الاكيد ان ما تحقق في الاسابيع القليلة الماضية يشجع على
التفاؤل.
كانت الخطوة الاولى في هذا السياق التوصل الى اتفاق لوقف النار مع
زعماء التمرد الحوثي.
لا شك ان ذلك لم يكن ممكنا الا بسبب عاملين.
العامل
الاول انهاك الحوثيين عسكريا.
وهذا ما حصل بالفعل.
اما الاخر، فيتمثل في سحب
الغطاء القبلي الذي كان الحوثيون يتمتعون به والذي حال دون الحسم
العسكري.
استطاعت الدولة اليمنية في نهاية المطاف التعاطي مع هذا الموضوع الدقيق
وأمنت حدا ادنى من التباعد بين الحوثيين والمجتمع القبلي بما يضمن انتصار منطق
الدولة على كل ما عداه في المسقبل المنظور.
لا شك ان الانتصار النهائي لمنطق
الدولة لا يكون الا عبر خطة تنموية تشعر المواطنين في كل المحافظات المعنية، على
رأسها الجوف وعمران وصعدة وحجة، ان هناك اهتماما بهم.
وهذه المسؤولية ليست
مسؤولية الدولة اليمنية ذات الامكانات المحدودة وحدها، بل هي مسؤولية المجتمع
الدولي ودول الجوار التي من مصلحتها قطع الطريق على اي تدخلات اجنبية، ايرانية وغير
ايرانية، في تلك المنطقة الحساسة.
لا مفرّ، في ما يبدو، من وضع خطة تنموية شاملة
تؤدي الى جعل المواطن اليمني في المحافظات الاربع المعنية وفي غيرها من المحافظات
يشعر ان لديه مصلحة في الاستقرار وعدم حمل السلاح في وجه الدولة.
ولا شك ان
اقامة مدارس ومستوصفات وخلق فرص عمل تشكل خطوة اولى على طريق ربط المواطن بالدولة
من دون ان يعني ذلك تخليه عن ولائه القبلي او المذهبي، علما ان الولاء المذهبي لم
يكن يوما ذا شأن في اليمن قبل ان توجد جهات خارجية عملت على ابراز الظاهرة وتضخيمها
لاسباب مرتبطة بمصالح خاصة.
يفترض في توقف المعارك والعمليات العسكرية في صعدة
والجوف وعمران وحجة الا يؤدي الى حال من الجمود والمراوحة.
على العكس من ذلك،
الان هو وقت العمل الجدي من اجل تفادي حرب سابعة مع الحوثيين ومن يدعمهم وقطع
الطريق نهائيا على الفتنة واحتمال تجددها.
بكلام اوضح، ما يبدو اكثر من طبيعي في
هذه المرحلة التركيز على الوضع في صعدة والمنطقة المحيطة بها من دون ان يعني ذلك في
اي شكل التغاضي عما يدور في المحافظات الجنوبية والشرقية، خصوصا في لحج وابين وشبوة
وحتى في حضرموت وعدن نفسها.
ربما كان اهم تطور يشهده اليمن حاليا ان الرئيس علي
عبدالله صالح يعي تماما ان ثمة فرصة لانجاز تسوية في الجنوب تصب في مصلحة الجميع،
خصوصا مصلحة المواطن اليمني وذلك في ضوء التوصل الى وقف للنار مع الحوثيين في اقصى
الشمال.
هناك وعي لاهمية تفادي اللجوء الى القوة لحل المشاكل القائمة وهي عميقة
ولا بدّ من الاعتراف بها.
من هذا المنطلق كانت دعوته القوى التي يتشكل منها
الحراك السلمي الجنوبي الى الحوار.
كان هناك من يظن ان الرئيس اليمني سينتهز
فرصة التوصل الى وقف للنار مع الحوثيين من اجل التركيز عسكريا على الجنوب.
لم
يحصل ذلك.
اختار علي عبدالله صالح زيارته للاكاديمية العسكرية العليا، قبل ايام،
ليدعو الى الحوار وليعلن عن تشكيل لجان تتولى الحوار قائلا: "انا متأكد ان الاعلام
الشطرية (اعلام ما كان الشطر الجنوبي قبل الوحدة) ستحرق في الايام والاسابيع
القادمة.
لدينا علم واحد استفتينا عليه بارادتنا الحرة.
وأي مطالب سياسية
سنرحب بها.
تعالوا نتحاور".
لا شك ان اي حوار لا بدّ ان يأخذ في الاعتبار ان
هناك اسبابا ادت الى الحراك في الجنوب.
هناك تجاوزات حصلت وهناك اهمال واستخفاف
غير مقبولين بابناء محافظات معينة.
لكن هناك امرا لا يمكن تجاهله يتمثل في ان
امكانات الدولة اليمنية محدودة.
وقد عملت الدولة، على الرغم من ذلك، على اقامة
مشاريع في المحافظات الجنوبية والشرقية وتشجيع الاستثمار فيها على حساب مناطق اخرى
في احيان كثيرة.
لم يؤد ذلك الى النتائج المتوخاة، خصوصا ان كثيرين لا يسعون سوى
الى التركيز على النواحي السلبية، في مقدمها التجاوزات التي مارسها نافذون، وهي
للاسف الشديد كثيرة..هناك الان دعوة الى الحوار.
لماذا لا تعقد طاولة حوار يشارك
فيها الجميع في مناسبة اقتراب الذكرى العشرين لاعلان الوحدة في الثاني والعشرين من
ايار 1990.
تحت سقف الوحدة، التي تضمن عدم تحول اليمن الى دويلات متناحرة من
منطلقات مذهبية وطائفية وقبلية ومناطقية، يمكن التوصل الى صيغ حضارية تطور مفهوم
الوحدة بما يحفظ مصالح الجميع.
اوليست صيغة اللامركزية الموسعة من بين الصيغ
التي تستأهل نقاشا في العمق؟.هذا ليس وقت تصفية الحسابات في اليمن.
هناك مهمة
تتطلب ان يتصدى لها الجميع.
انها مهمة التصدي للارهاب والعمل على اجتثاثه من
جذوره.
الارهاب خطر على اليمن كله من اقصى الشمال، الى اقصى الجنوب مرورا بالوسط
في طبيعة الحال.
التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة لا تكون عن طريق مشاريع انفصالية
او حروب جديدة بمقدار ما انها تتطلب التركيز على التعليم والبرامج التربوية الحديثة
وبناء مدارس وتطوير الزراعة والخدمات الصحية وتثقيف المرأة بدل البحث في كيفية شراء
اسلحة.
لا حلّ لمشاكل اليمن الا بالحوار، بين متساوين لا يستثني احدا، شرط ان
يكون هذا الحوار بهدف التوصل الى صيغة عملية تحفظ ماء الوجه للجميع بعيدا عن اي نوع
من انواع الهيمنة.
انها صيغة تمكن جميع الذين شاركوا في صنع الوحدة من الاحتفال
بالذكرى العشرين لقيامها.
من يريد ان يتذكر ان الوحدة، لدى قيامها، كانت طلاقا
مع الماضي وان الشعار الذي كان ينادي به الجميع في بداية التسعينات من القرن الماضي
ان الوحدة "جبّت" ما قبلها، اي ان ما مضى قد مضى ولا ضروة للعودة اليه.
المستقبل
اللبنانية