;

أقــلام منغمســــــــة في المــــداد المسمـــــوم ..الحلقة الـ«25» 1412

2010-03-28 05:07:09

صفحه من
كتاب


إن أقلامنا لا تزال منغمسة في
المداد المسموم ومع ذلك نطمح إلى أن نكتب بها تاريخاً جديداً للإسلام..
لا يزال
قسم من الأمة يتحدث عن العصمة والتنظير لها وشطر آخر من القيادة التي تستشير لمجرد
الاستئناس وعن رئيس الدولة الذي هو الدولة وعن الاستخلاف وولاية العهد، وكأنه أمر
جاء يستحق الوقوف لمناقشته..

بل
اشترطت أن يكون عالماً بالإسلام محسناً في إسلامه ولقد اختلف الفقهاء حول تعيين
درجة هذا العمل هل هي درجة الاجتهاد وهو ما اتجه إليه جمهور القدامى وقبلوا استثناء
درجة التقليد على حين اتجه معظم المحدثين على الاكتفاء بأن يكون لديه إلمام
بأساسيات الدين وأحكامه العامة وزادوا على ذلك "أنه يجب أن يكون مثقفاً ثقافة عالية
ملماً بإطرافٍ من علوم عصره وإن لم يكن متخصصاً في بعضها وأن يكون على علم بتاريخ
الدول وأخبارها والقوانين الدولية.
ولا يكفي مجرد العلم بالإسلام أياً كانت
درجته بل لابد من التخلق بأخلاقه والالتزام به وتلك هي صفة العدالة ولقد عرف
البغدادي الرجل العدل بأنه من عرف أداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقي ما نهى عنه
وتجنب الفواحش المسقطة وتحري الحق والواجب في أفعاله والتوقي في لفظة مما يثلم
الدين والمروءة" ولا يكفي في الإمامة العظمى شرط البلوغ فإن هذا المنصب الخطير
يقتضي علماً وتجربة ومعاناة لأحوال الناس وتاريخ الأمم وتمرساً في الإدارة
والتنظيم.
وحصول قدر كاف من التفاعل بين القائد والأمة في السير والعسر واستعانة
فوق ذلك كله وقبله بالله وهي صفات لا يدرك حلها في فترة الصبا والمراهقة القصيرة
ولذلك قد أصاب من قاس الأمر في حده الأدنى على ولي اليتيم الذي لا يسلم إليه منظور
وأمانته بمجرد البلوغ بل لابد من الاطمئنان إلى رشده "فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا
إليهم أموالهم".
فإن كان شرط البلوغ غير كاف لتسليم أمانة المال فكيف بأمانة
الأمة كلها..
إن ما شرطه الفقهاء من علم وعدالة لا يولدان مع الإنسان ولا ينبتان
مع شعر لحيته وشاربه وإنما يكتسبان بالدربة والممارسة وعلك الأيام وكثرة
التجارب..
ولن يتحقق ذلك إلا في سنوات متأخرة وبناء على ذلك بإمكاننا أن نضيف
على شرط البلوغ الرشد الذي لنا يتحقق قبل سن الأربعين.
القدرة على النهوض: أن سن
الأربعين تعد سن نضج الشخصية واستقرارها فضلاً عن كونها فترة كافية لاختيار سيرة
المرشح وشخصيته، فإذا نجح في المرور سالماً من ابتلاءات الشباب وتقلباته وعرفته
ساحات النظال الشعبي وتفاعل مع الجماهير حري أن يوثق به.
إلى ذلك قال ابن خلدون:
أما الكفاية فهو أن يكون جريئاً على إقامة الحدود واقتحام الحروب، بصيراً بها
كفيلاً لحمل الناس عليها عارفاً العصبية وأحوال الدهاء قوياً على معاناة السياسة
ليصبح له بذلك ما جعل إليه من حماية الدين وجهاد العدو وإقامة الأحكام وتدبير
المصالح وهو عند الماوردي، الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح والشجاعة
والنجدة المؤدية إلى حماية البيعة وجهاد العدو، ولعل المقصود بالكفاية ليس القدرة
على قيادة الحروب فإن تلك كفاية خاصة لها أصحابها مثل سائر الكفايات الغنية وإنما
المقصود القدرة على قيادة الناس وتوجيههم وقوة الشخصية حتى لا يكون ألعوبة بيد
غيره.
ويلحق بشرط الكفاية القدرة البدنية على النهوض بأمانة الحكم وأهل الاختصاص
يمكنهم تقدير المدى المخل بالقدرة البدنية.
مسألة الاستخلاف ذهب كثير من الفقهاء
إلى أن رئاسة الدولة تثبت باستخلاف الرئيس القائم لأحد بعده قريباً منه نسباً أو
بعيداً حتى نقل بعضهم إجماع المسلمين عليه بل ذهب ابن حزم إلى أن هذا الطريق في عقد
الإمامة، أصح الطرق وأفضلها سواء فعل ذلك في صحته أو مرضه أو عند موته، وإذا حصل
واستخلف الإمام على الأمة أحدا بعده وجب عليها إنفاذه ولقد استندوا في صحة
الاستخلاف إلى وقائع تاريخية وإلى ما حصل من إجماع على ذلك وعلى المصلحة.
سموم
في دماء الأمة يشعر المرء بالقرف من أشرار العفن القائم من ثراثنا الديني وفكرنا
السياسي حول طبيعة الحكم، ويضع يده مباشرة على هذه الألغام التي قوضت حضارة الإسلام
واسلمتنا إلى الانحطاط، انه من غير ثورة شاملة تطيح بهذه السموم التي لا تزال تجري
إنتفاضاتها وتحبط أحلام نهضتها فلا أمل في انطلاقة كبير من جهودنا لا في مقاومة
الغزو الفكري ونشر الإسلام وبناء مؤسسات النهضة بل في اجترار الانحطاط وإعادة
إنتاجه وفي أفضل الأحول في مقاومته بمنطقه نفسه.
إن أقلامنا لا تزال منغمسة في
إعداد السموم ومع ذلك نطمح في أن تكتب بها تاريخاً جديداً للإسلام لا يزال قسم من
الأمة يتحدث عن العصمة والتنظير لها ، وسطر آخر عن القيادة التي تستشير لمجرد
الاستئناس، وعن رئيس الدولة الذي هو الدولة وعن الاستخلاف وولاية العهد، وكأن ما
أستند إليه كل ذلك شيئ مذكور يستحق مجرد الالتفاف إليه فضلاً عن الوقوف لمناقشته
وكأنه أمر جاد، ولكن ماذا نفعل وصواعق الإجماع تهبط كالمصائب على رؤوسنا.
ان
المسلمين أجمعوا على صحة الاستخلاف أو التوريث أو الإمام الوصي، أي أجمعوا على
مصاردة حريتنا وحقنا في أن تختار الخادم الذي نوظفه في خدمتنا والأجير الذي يعمل
لنا، ماذا نفعل ونحن لا نزال نقرأ آيات وأحاديث الشورى من جهة، ومع ذلك نلقى سمعاً
لهذه الجماعات الساقطة من جهة أخرى دون أن نفطن إلى أننا قد دخلنا حجر الصف الذي
دخله من سبقنا من أهل الديانات المهترئة...
فويل لتاريخ الازدهار من ليالي
الانحطاط هل نحن أهل لوراثة الخلافة الراشدة ونحن نلقي عليها بمزابل انحطاطنا ونقرأ
صفحاتها الناقصة وعلى أعيننا نظارات ملطخة بجهالات القرون، لقد أنطقنا ذلك العهد
الزاهر بما يأباه عليه فقهه النير في الدين وعقله المستقيم في السياسية...
تقول
أدعياء التشيع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا نظامه الشورى كسروية
وراثية يتسلمها الأحفاد عن الأجداد كم يتسلمون المواريث، حاشى أهل أطهر بيت أن ينسب
إليهم دنس النظام الوراثي، أنه النظام الوراثي مهما اختلفت العناوين.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد