مصطفى العمراني
قضية " تحديد سن الزواج" التي صارت حديث الناس وذلك لأن كل طرف قد حشد أدلته وشرحها
وفصلها فالعلماء وضحوا أسباب رفضهم لمشروع القانون بسلسلة محاضرات في المساجد ثم
أصدروا بياناً وقع عليه أكثر من مائة وعشرين عالماً من مختلف الجهات والتيارات،
والمؤيدون لمشروع القانون أشعلوا صفحات الصحف الرسمية وشبه الرسمية بتنظيرهم واتهاماتهم دون أن يجد الطرف الآخر حتى
مساحة ضئيلة بجوارهم ليبدي رأيه ويوضح وجهة نظره ولكني بالأمس وأنا أقلب في قنوات
التلفزيون وجدت بالفضائية اليمنية ندوة حول القضية أستضيف فيها اثنان من أعضاء مجلس
النواب وأكاديمي خبير بالقانون ووكيلة وزارة الصحة، وكل الأربعة يمثلون رأياً
واحداً يتحاورون فيما بينهم ويسألون ويجيبون على أنفسهم في مشهد غريب لم يعد له
وجود إلا في دول العالم الثالث التي لم يخرج إعلامها الرسمي الموجه من زنزانة
الأحادية والرأي الواحد وحينها أدركت لماذا أنفض الناس عن مشاهدة الفضائية اليمنية
ومتابعة الإعلام الرسمي الذي من المفترض أن يكون سباقاً إلى إبراز التعددية وإيراد
كل الآراء وحينها يكون المتلقي هو الحكم ويكون له الاختيار، وأنا هنا أشيد ب"أخبار
اليوم" كونها نشرت بيان العلماء وأوردت رأيهم المغيب تماماً في الصحافة الرسمية
والصحافة عموماً إلا ما ندر.
موظفون لا إعلاميون وإذا كان موظفو التلفزيون ولا
أقول "إعلاميو التلفزيون" لأن هناك فرقاً بين الموظف الذي يتلقى الأوامر وينفذها
بالحرف والمسطرة وبين الإعلامي الذي يمتلك الصلاحيات وحرية اختيار الضيوف دون أن
يعترض قراره أحد ناهيك عن توقيفه وفصله. .
أقول: إذا كان موظفو التلفزيون مغلوبين
على أمرهم ولا يملكون حيلة فلماذا قبل هؤلاء الضيوف - وهم ممن نحترمهم ونقدرهم -أن
يأتوا لندوة يغيب عنها الطرف الآخر ؟!! ارتفاع نسبة العنوسة وغلاء المهور: من يقوم
بإحصاء عدد العوانس في منطقة محددة كعينة سيصاب بالفزع، فارتفاع نسبة العوانس مؤشر
خطير ينذر بعواقب ومخاطر عديدة على المجتمع وعلى العانس وهي المشكلة الاجتماعية
البعيدة عن اهتمام هؤلاء وهؤلاء للأسف، وهذه العنوسة لها أسباب كثيرة منها غلاء
المهور، حيث يصل في بعض الأماكن إلى مليون ريال، وتردي الأوضاع الاقتصادية وضعف دخل
الفرد وكذلك الثقافة الاجتماعية المغلوطة، إذ بعض الأسر لا يزوجون إلا بعضهم وبعضهم
لا يزوجون المشتغلين بالمهن المحتقرة وغيرها من الأسباب التي تحتاج لتضافر جهود
الدولة والمجتمع لحلها والعمل على تذليلها.
نحو إشاعة ثقافة تيسير الزواج تزف
بعض الجمعيات بين الحين والآخر مجموعة من العرسان وتقيم لذلك حفلاً خاصاً وتعفي
العرسان من تحمل تكاليف صالة الأعراس ولوازمها بالإضافة إلى مبلغ مادي يتراوح بين
الخمسين والمائة ألف ريال في أغلب الأحوال وهذا شيء طيب ونحن نشجع عليه ونشيد به من
باب "ما لا يدرك كله لا يترك جله" ولكن نحن بحاجة إلى عشرات الجمعيات بالإضافة إلى
مهرجانات العفاف التي تعمل على إشاعة ثقافة تيسير الزواج وتحديد المهور بمبلغ رمزي
حتى يتمكن الشباب من إعفاف أنفسهم وإكمال نصف دينهم وذلك من خلال التوعية بمخاطر
غلاء المهور وازدياد نسبة العنوسة عبر وسائل الإعلام المختلفة وعبر منابر المساجد
وإصدار الفتاوى والبيانات التي تشنع على المغالين في المهور وتدعو إلى تيسير
الزواج.
مشروع قانون لتحديد المهور: وبعد ذلك نقترح أن تقدم هذه الجمعيات
بالتعاون مع بعض أعضاء مجلس النواب مشروع قانون لتحديد المهور بمبلغ مائة ألف ريال
وذلك لطرحه في مجلس النواب والعمل على إقراره، لأن مبلغ خمسين أو مائة ألف ريال لا
يكفي ولا يفي بأثاث غرفة كما أن آلية مهرجانات العفاف هناك ملاحظات جمة عليها وهي
أن هذه الجمعيات بالإضافة إلى قلة المبلغ الذي يصل إلى العريس تدخل في عداد العرسان
من تزوج حديثاً ومن عقد وذلك لإكثار السواد وإكمال النصاب والبعض يأتي بورقة العقد
ويزف مع العرسان ويعود إلى منزله دون العروسة وربما تمضي السنوات حتى تصل العروسة
بالفعل ولكن ومن باب الإنصاف تقوم هذه الجمعيات بدور طيب نتمنى أن يكتمل.