السفير د.
عبدالله الأشعل
عبدالله الأشعل
كانت قمة سرت كاشفة لحقيقة عبرت عن
نفسها في كل قرارات القمة وخطبها، هى أن العرب فقدوا إرادة القرار والفعل ولذلك فإن
الذين يطالبون بخيار المقاومة لابد أن يدركوا هذه الحقيقة، أما الذين يرون أن
الإرادة موجودة ولكن الخيارات ضعيفة أو أن التمزق العربي يحول دون موقف موحد، فهم
ينضمون إلى مذهب الذرائع الذي يقوم أصلاً على قرار رفض مواجهة الواقع.
فقد أحسن
الجميع في تصوير خطورة الحال في
فلسطين، وما تسببه إسرائيل من إحراج للجميع، وأنه بين الألم لما يجري والعجز عن
وقفه تضيع القدس والأقصى، ولذلك كنت أتمنى أن يحسم العرب أمرهم في هذه القمة فيكفوا
عن الهروب من الواقع، وأنهم ماداموا قد خلصوا إلى سوء الحال، فلابد أن يسلموا بفساد
المآل، وأن يتوقفوا عن توليد آمال زائفة بحلول في الأفق ولو البعيد، فمن الواضح
تماماً أن مصير العرب ارتهن بإسرائيل ولكنه بيد واشنطن، وأن ما يدور الآن ويردده
الإعلام الإسرائيلي والأمريكي حول علاقة إسرائيل بأمريكا وفزع إسرائيل من تحول
الموقف الأمريكى وإتجاهه إلى إحراج إسرائيل بسبب حرصه على تسوية لا ترضاها إسرائيل
- - إنما هي بضاعة فاسدة وإمعان في القهر النفسي واللا أخلاقي للشعوب
العربية.
فقد عمدت قمة سرت إلى الهروب من الواقع ولكنها حاولت أن يكون الهروب
أنيقاً، فالقمة عندما تعلن أنها قمة دعم صمود القدس تعلن التبرع بخمسمائه مليون
دولار لصناديق القدس والأقصى ولاندري من سيدفع المبلغ وإلى من يؤول ومن المسئوول عن
توزيعه، وما دوره في تحقيق صمود الفلسطنيين العزل الذين يخلون بيوتهم ويسلموها
لليهود تحت قهر السلطة الإسرائيلية.
والقمة اكتفت بإدانة إعلان إسرائيل أن القدس
عاصمة لإسرائيل، ولكن الفارق بين الموقفين العربي والإسرائيلي هو أن إسرائيل تتبع
الإعلان بالعمل لأنها الحائز الغاصب للأرض والقادر على تشكيل الواقع بما تتمتع به
من دعم أمريكي غير محدود، رغم ما يردده المسئولون الأمريكيون إمعان في الاستخفاف
بالعرب بأنهم ضد الاستيطان، بينما ترصد الأموال الأمريكية للشركات الأمريكية
العاملة في بناء المستوطنات وتقدم الحوافز السخية في أمريكا لهذه الشركات على حساب
دافع الضرائب الأمريكى، حتى صار البناء في أراضي القدس مسئولية المواطن الأمريكي
أيضاً، كما سبق أن استثمرت بعض قيادات السلطة في رام الله مع قيادات السلطة في مصر
أموالها في بناء الجدار العازل الذي يلعنه الجميع صباح مساء.
والقمة من ناحية
ثالثة رفضت أن تبدأ المفاوضات مع استمرار الاستيطان وهو القرار الوحيد المعقول لأنه
من مظاهر تهرب قمة سرت من مواجهة المشكلة، رابعاً أنها هددت باللجوء إلى مجلس الأمن
وهي تعلم أن مجرد انعقاده يتطلب موافقة أمريكية وحتى هذه الموافقة قد تضمن بها
إكراماً لإسرائيل، أما ما تسرب في سياق القمة في الإعلام الأمريكي بأن أوباما غاضب
وأنه يفكر في عدم استخدام الفيتو لإدانة إسرائيل في مجلس الأمن، فهدفه تبرير اتجاه
القمة إلى استمرار الرهان على واشنطن والقمة تعلم جيداً أن نتانياهو أقوى في
الولايات المتحدة من أوباما وهو ما كشف عنه لقاؤه في الكونجرس بعد لقائه في
الإيباك، ولذلك قررت القمة أن تناشد أوباما أن يظل على موقف الرفض للاستيطان وهو إن
صح فإنه موقف نظري، وحتى لو أدان مجلس الأمن إسرائيل جدلاً فما قيمة الإدانة ومعاول
الهدم والتهويد لاتكف عن العمل، ومن مظاهر تخلي القمة خامساً وسادساً بعد الرهان
على واشنطن وبغيرها لاستقام موقف إسرائيل، فهو قرار القمة باللجوء إلى محكمة العدل
الدولية وهو موقف يثير العجب، لأن القمة يجب أن تكون مدركة أن اللجوء إلى المحكمة
تشكو منه إسرائيل، فلابد أن ترفع دعوى من دولة لها صفة ومصلحة في الدعوى، وأن تقبل
إسرائيل اختصاص المحكمة، وإن كانت تقصد أن المحكمة تصدر رأياً استشارياً في هذا
الصدد، فقد سبق أن صدر مثل هذا الرأي في 9 يوليو 2004 وأغفله العالم العربي قبل
غيره بما في ذلك الأمم المتحدة.
كما أن طلب الرأي الاستشاري تقدمه الجمعية
العامة أو مجلس الأمن أو من ترخصان له من أجهزة المنظمة الدولية، وأما اللجوء إلى
الجمعية العامة حسبما قررت القمة فلا ندري الموضوع المطلوب بحثه في الجمعية اللهم
إذا كانت القمة تريد من الجمعية العامة معاقبة إسرائيل، وفي هذا المقام تستيطع
الجمعية العامة أن تفعل الكثير مما يؤثر على إسرائيل مثل فرض عقوبات اقتصادية
ودبلوماسية على إسرائيل، وتحويل تقرير جولدستون إلى المحكمة الجنائية الدولية، إذا
كان اجتماع الجمعية العامة تطبيقاً لقرار الاتحاد من أجل السلم وهو ما يتطلب عجز
مجلس قبل إحالة المسألة إلى الجمعية العامة.
كما تستطيع الجمعية العامة أن تراجع
عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية على ضوء إغفالها لقرارات الأمم المتحدة وعدم
وفائها بشروط العضوية عام 1949م ، من ناحية ثانية تهربت القمة من تحديد موقفها من
عملية السلام أو البدائل لها أو مبادرة السلام العربية.
هكذا يتضح أن قمة سرت قد
تهربت من مواجهة المشكلة التى تطرق بشدة أبواب العرب وهي موقف إسرائيل من فلسطين
وخاصة القدس والأقصي.
فهل تواضع الرد العربي إلى هذا الحد على هذا التحدي الواضح
والقاطع؟ ولماذا كانت الاستجابة العربية لاعلاقة لها بهذا التحدي، وهل يرى البعض أن
في هذه القرارات إغواء لإسرائيل وتشجيع لها على التمادي؟.
إنفضت القمة والتحدي
لايزال قائماً والشقاق الفلسطيني مستمراً والعجز العربي في اضطردا، فما جدوى عقد
قمم أخرى استثنائية أو عادية سوى أنها تؤدي إلى مزيد من الانكشاف العربي وإلى مزيد
من الإذلال للشعوب العربية؟!.
نفسها في كل قرارات القمة وخطبها، هى أن العرب فقدوا إرادة القرار والفعل ولذلك فإن
الذين يطالبون بخيار المقاومة لابد أن يدركوا هذه الحقيقة، أما الذين يرون أن
الإرادة موجودة ولكن الخيارات ضعيفة أو أن التمزق العربي يحول دون موقف موحد، فهم
ينضمون إلى مذهب الذرائع الذي يقوم أصلاً على قرار رفض مواجهة الواقع.
فقد أحسن
الجميع في تصوير خطورة الحال في
فلسطين، وما تسببه إسرائيل من إحراج للجميع، وأنه بين الألم لما يجري والعجز عن
وقفه تضيع القدس والأقصى، ولذلك كنت أتمنى أن يحسم العرب أمرهم في هذه القمة فيكفوا
عن الهروب من الواقع، وأنهم ماداموا قد خلصوا إلى سوء الحال، فلابد أن يسلموا بفساد
المآل، وأن يتوقفوا عن توليد آمال زائفة بحلول في الأفق ولو البعيد، فمن الواضح
تماماً أن مصير العرب ارتهن بإسرائيل ولكنه بيد واشنطن، وأن ما يدور الآن ويردده
الإعلام الإسرائيلي والأمريكي حول علاقة إسرائيل بأمريكا وفزع إسرائيل من تحول
الموقف الأمريكى وإتجاهه إلى إحراج إسرائيل بسبب حرصه على تسوية لا ترضاها إسرائيل
- - إنما هي بضاعة فاسدة وإمعان في القهر النفسي واللا أخلاقي للشعوب
العربية.
فقد عمدت قمة سرت إلى الهروب من الواقع ولكنها حاولت أن يكون الهروب
أنيقاً، فالقمة عندما تعلن أنها قمة دعم صمود القدس تعلن التبرع بخمسمائه مليون
دولار لصناديق القدس والأقصى ولاندري من سيدفع المبلغ وإلى من يؤول ومن المسئوول عن
توزيعه، وما دوره في تحقيق صمود الفلسطنيين العزل الذين يخلون بيوتهم ويسلموها
لليهود تحت قهر السلطة الإسرائيلية.
والقمة اكتفت بإدانة إعلان إسرائيل أن القدس
عاصمة لإسرائيل، ولكن الفارق بين الموقفين العربي والإسرائيلي هو أن إسرائيل تتبع
الإعلان بالعمل لأنها الحائز الغاصب للأرض والقادر على تشكيل الواقع بما تتمتع به
من دعم أمريكي غير محدود، رغم ما يردده المسئولون الأمريكيون إمعان في الاستخفاف
بالعرب بأنهم ضد الاستيطان، بينما ترصد الأموال الأمريكية للشركات الأمريكية
العاملة في بناء المستوطنات وتقدم الحوافز السخية في أمريكا لهذه الشركات على حساب
دافع الضرائب الأمريكى، حتى صار البناء في أراضي القدس مسئولية المواطن الأمريكي
أيضاً، كما سبق أن استثمرت بعض قيادات السلطة في رام الله مع قيادات السلطة في مصر
أموالها في بناء الجدار العازل الذي يلعنه الجميع صباح مساء.
والقمة من ناحية
ثالثة رفضت أن تبدأ المفاوضات مع استمرار الاستيطان وهو القرار الوحيد المعقول لأنه
من مظاهر تهرب قمة سرت من مواجهة المشكلة، رابعاً أنها هددت باللجوء إلى مجلس الأمن
وهي تعلم أن مجرد انعقاده يتطلب موافقة أمريكية وحتى هذه الموافقة قد تضمن بها
إكراماً لإسرائيل، أما ما تسرب في سياق القمة في الإعلام الأمريكي بأن أوباما غاضب
وأنه يفكر في عدم استخدام الفيتو لإدانة إسرائيل في مجلس الأمن، فهدفه تبرير اتجاه
القمة إلى استمرار الرهان على واشنطن والقمة تعلم جيداً أن نتانياهو أقوى في
الولايات المتحدة من أوباما وهو ما كشف عنه لقاؤه في الكونجرس بعد لقائه في
الإيباك، ولذلك قررت القمة أن تناشد أوباما أن يظل على موقف الرفض للاستيطان وهو إن
صح فإنه موقف نظري، وحتى لو أدان مجلس الأمن إسرائيل جدلاً فما قيمة الإدانة ومعاول
الهدم والتهويد لاتكف عن العمل، ومن مظاهر تخلي القمة خامساً وسادساً بعد الرهان
على واشنطن وبغيرها لاستقام موقف إسرائيل، فهو قرار القمة باللجوء إلى محكمة العدل
الدولية وهو موقف يثير العجب، لأن القمة يجب أن تكون مدركة أن اللجوء إلى المحكمة
تشكو منه إسرائيل، فلابد أن ترفع دعوى من دولة لها صفة ومصلحة في الدعوى، وأن تقبل
إسرائيل اختصاص المحكمة، وإن كانت تقصد أن المحكمة تصدر رأياً استشارياً في هذا
الصدد، فقد سبق أن صدر مثل هذا الرأي في 9 يوليو 2004 وأغفله العالم العربي قبل
غيره بما في ذلك الأمم المتحدة.
كما أن طلب الرأي الاستشاري تقدمه الجمعية
العامة أو مجلس الأمن أو من ترخصان له من أجهزة المنظمة الدولية، وأما اللجوء إلى
الجمعية العامة حسبما قررت القمة فلا ندري الموضوع المطلوب بحثه في الجمعية اللهم
إذا كانت القمة تريد من الجمعية العامة معاقبة إسرائيل، وفي هذا المقام تستيطع
الجمعية العامة أن تفعل الكثير مما يؤثر على إسرائيل مثل فرض عقوبات اقتصادية
ودبلوماسية على إسرائيل، وتحويل تقرير جولدستون إلى المحكمة الجنائية الدولية، إذا
كان اجتماع الجمعية العامة تطبيقاً لقرار الاتحاد من أجل السلم وهو ما يتطلب عجز
مجلس قبل إحالة المسألة إلى الجمعية العامة.
كما تستطيع الجمعية العامة أن تراجع
عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية على ضوء إغفالها لقرارات الأمم المتحدة وعدم
وفائها بشروط العضوية عام 1949م ، من ناحية ثانية تهربت القمة من تحديد موقفها من
عملية السلام أو البدائل لها أو مبادرة السلام العربية.
هكذا يتضح أن قمة سرت قد
تهربت من مواجهة المشكلة التى تطرق بشدة أبواب العرب وهي موقف إسرائيل من فلسطين
وخاصة القدس والأقصي.
فهل تواضع الرد العربي إلى هذا الحد على هذا التحدي الواضح
والقاطع؟ ولماذا كانت الاستجابة العربية لاعلاقة لها بهذا التحدي، وهل يرى البعض أن
في هذه القرارات إغواء لإسرائيل وتشجيع لها على التمادي؟.
إنفضت القمة والتحدي
لايزال قائماً والشقاق الفلسطيني مستمراً والعجز العربي في اضطردا، فما جدوى عقد
قمم أخرى استثنائية أو عادية سوى أنها تؤدي إلى مزيد من الانكشاف العربي وإلى مزيد
من الإذلال للشعوب العربية؟!.