;

دفع المفاسد بالرقابة وليس بالتمرد ..الحلقة الـ«29» 958

2010-04-03 05:09:11

صفحه من
كتاب


لا شرعية في
نظام إسلامي تستمد من ورثة أو من عصمة أو استخلاف أو من انقلاب..إنه حكم مدني من كل
وجه، أي رئاسة شوروية طريقها ترشيح لأهل الحل والعقد وللأمة أن تقبل ذلك الترشيح أو
تزاحمه بترشيح آخر، ومع التسليم بالمشروعية العليا للشريعة يمكن تصور حكومات
إسلامية ناقصة في حال الدولة القطرية أو عدم التزام بالشورى مصدراً لسلطة
الحكم.

إجتهد فقهاء
السياسة الشرعية في تحديد واجبات الحاكم وحقوقه، إنطلاقاً من نصوص الكتاب والسنة
ومقاصد الإسلام العامة وتراث الحكم الإسلامي وما اقتضاه العرف السائد في البيئة
التي نشأ فيها وذلك لا عجب إن ظهر في ذلك التحديد اشتراك واختلاف.
وليست الخلافة
إلا في حراسة الدين وسياسة الدنيا وهما يتسعان ليشملان في كل عصر ما يناسبه من
الوسائل، الأمر الذي يجعل نفوذ الدولة قابلاً للامتداد والتقلص بحسب ما يقتضيه
تحقيق هدفها، وفعلاًَ لاحظ المحدثون غياب مرافق هامة من مرافق الدولة الحديثة، فيما
حدده الدستوريون القدامى لرئيس الدولة مثل شؤون التربية والتعليم والتثقيف والشؤون
الصحية والاجتماعية، والملاحظ أن أحداً من الدستوريين القدامى لم يذكر الشورى فرضاً
ملزماً للحاكم "الإمام" من حيث التزامه بنتيجتها، أما من حيث ممارستها فقد نص بعض
الفقهاء على أنها شرط في استمرار مشروعيته إماماً وإلا حق عزله..
حراسة الدين
وسياسة الدنيا: إن مثل تلك المهام يمكن أن تندرج تحت إحدى الغايتين المذكورتين
للدولة الإسلامية: حراسة الدين وسياسة الدنيا "تحقيق مصالح المحكومين".
ومما
ينبغي ملاحظته أنه وإن لم تكن كل وظائف الدولة الإسلامية ثابتة وهي من خلال تفاعلها
مع حاجيات الأمة تتسع وتضيق، فإنها ليست بالتأكيد دولة شمولية تتضخم على حساب
المجتمع، بل على الضد من ذلك تشهد تجربتها التاريخية أن صلاحيتها كانت محدودة، وأن
المجتمع كان يقوم بمعظم وظائفه مستقلاً عنها كالتشريع والتعليم والصحة والضمان
الاجتماعي، وأنها تتدخل عندما يعجز المجتمع، وإلى مثل هذا النموذج ينبغي أن نتجه:
تقوية دور المجتمع وتوسيعه على حساب الحكومة حتى تكون بحق خادماً معيناً مطيعاً،
محدود الصلاحيات بسيط التركيب والمئونة.
إطلاق يد الأمة: إن كل ما يقتضيه عمل
الإمام من استحداث أجهزة وتعيين أعوان ليس من شأنه أن يلقي أو يقلص دور الأمة، بل
بالعكس يسعى إلى تنمية فاعليتها واستكفائها الذاتي حتى يتقلص دور الأمة إلى حده
الأدنى..
إن عدم اتساع مهامها لا يدرجها في مصاف الدول الأمنية، ولكن لا ينبغي
أن تزرع لدى المحكومين روح التواكل على الدولة بل تسعى إلى استغنائهم عنها وقيامهم
بأنفسهم ما وسعهم ذلك، من خلال تشجيع المبادرة الفردية والجماعية في كل مجالات
الخير وتفتيق طاقات الإبداع والعمل الطوعي وتفجيرها.
لا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق: فرض الإسلام الطاعة على المسلمين لأولي الأمر منهم وهي طاعة دستورية وليست
لأشخاصهم أي طاعة للشريعة فإذا أطاع المؤمن أولياء أمره بهذه النية وكانت طاعته في
حدود الشريعة كان عابداً مأجوراً، ولقد تواتر هذا المعنى، "إنما الطاعة في
المعروف"..
إن انصراف الأمة عن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جملة
وانشغالها بالمنكرات الصغيرة أو منكرات الصغار عن منكرات الكبار هو السبب المباشر
لما أصابها من نكبات الاستبداد وما جره من انحطاط وجمود وهزائم على كل المستويات،
"وأنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" استعادة لسلطانها عن طريق
تبوئها مجدداً مقام الأمر والنهي بدءاً بالكبار قبل الصغار.
الرقابة في دفع
الأمة إذا كانت أحكام الشريعة إنما وضعت كلها لجلب المصالح ودرء المفاسد، وأن
الحاكم إنما نصبته الأمة لإنفاذ الشريعة وتحقيق مصالحها وإقامة العدل بينها حتى يعم
الأمن والرخاء وتتحقق الكرامة والحرية ، فإن خروج الإمام عن دائرة الشريعة والعدل
والمصلحة، بتعطيل أو عدوان على حقوق الناس وحريتهم أو التفريط بمصالحهم والعبث
بأموالهم وما إلى ذلك من ألوان النكث بميثاق البيعة منكر واجب على الأمة دفعه عن
طريق الرقابة الدائمة على الحاكم وما تقتضيه من وسائل الإنكار لمنع الإساءة في
استعمال السلطة..
وليس الإنكار على الحاكم ومقاومة إنحرافه وجوره مسؤولية طائفة
واحدة من الأمة بل مسئوولية الأمة كلها على اعتبار أنها مخاطبة بالشرع وأمينة عليه،
وتتوزع المسؤولية بحسب قدرة كل فئة من فئات الأمة، ففئة العلماء مدعوة إلى أن تبين
للناس نوع انحراف الإمام عن الشرائع وتتولى الإنكار عليه سواءً خالف نصاً شرعياً أو
خالف إجماع العلماء حتى ولو كان مجتهداً.
وما ينبغي أن يقتصر عمل الأمة في
الرقابة على الحاكم على الأعمال الفردية، بل قد يجب أن تتكون الأحزاب والجماعات
التي تجعل الاجتماع على إنكار المنكر من أوجب واجباتها، ذلك أن الحكم جهاز له
أعوانه وجنوده وأمواله فيما يمكن أن يكفي حكم الآحاد صولته، فليس في التشريع ما
يحول دون تأليف الجماعات للرقابة على السلطة وتقوية صف الأمة ودعم سلطة الرأي العام
ولا شك أن الإنكار على الحاكم يتدرج من الأدنى إلى الأعلى.
لقد كان لعلماء
الإسلام مآثر جليلة في التصدي لجور الحكام ومنكراتهم ورفعهم سلطان الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر فوق سلطان الحكام.
إن الرقابة على الحاكم لابد أن تفضي إما إلى
استجابته فيفيء إلى الرشد بعد الغي والشروع في إصلاح ما أفسد، أو تعويض الأضرار
المنجرة عن سياسته..
أو الخضوع لضغط الجماهير من أهل الحل والعقد .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-10 01:36:58

تكتل وطني منشود

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد