نبيل مصلح
التويتي
التويتي
يعتقد الكثيرون أن الفساد هو أحد
أسباب التخلف والفقر، ويرى البعض الآخر ان الفقر هو المسئول إلى حد بعيد عن استمرار
الفساد , فإذا كان الفساد نتيجة طبيعية للفقر فان الفقر أيضا احد منتجات الفساد
وبعيدا عن جدلية الدجاجة ام البيضة,فلا يختلف اثنان على أن الفقر والفساد هما سمتان
بارزتان يوصف بهما أي مجتمع متخلف .
face=Arial>و بعد قرابة نصف قرن على قيام الثورة اليمنية وعقدين على قيام الوحدة لا
تزال بلادنا من الدول القلائل التي تتربع على أوتار هذا المثلث, و ليس هذا فحسب بل
تعدى الأمر إلى المنافسة على تحقيق مراكز متقدمة على المستوى العالمي وأصبحنا نتصدر
قوائم المنظمات الدولية في هذا المجال بلا منازع . وما يثير علامات التعجب
والاستفهام في آن واحد هو القول بأن اليمن بلد فقير موارده, وهو مفهوم مغلوط إلى حد
كبير فهناك هوة شاسعة وعلاقة عكسية بين الفقر في موارد الدخل الوطني والمستوى
المعيشي للسكان فنصف عدد سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر في الوقت الذي يمتلك اليمن
من المقومات و الإمكانات ما يؤهله ليصبح كمثيلاته من الدول المجاورة على اقل تقدير
, ولا فرق فنحن نعيش في نطاق جغرافي واحد وعلى ارض واحدة و جزيرة واحدة لا تفصل
بيننا إلا حدود سياسية , بل ونتميز عنهم في موردين هامين هما الزراعة والثروة
السمكية إلى جانب رأس المال البشري فما الذي يجعل بلادنا تقبع في أسفل قائمة الدول
الأشد فقرا ؟! , ثم من المسئول عن ضياع او سوء استغلال لتلك الموارد التي حباها
الله لأهل اليمن على مر العصور فقال جل من قائل "كلوا من رزق ربكم واشكروا له ,بلدة
طيبة ورب غفور" صدق الله العظيم .لقد أضحى الفساد اليوم يمثل سمة بارزة في مجتمعنا
المعاصر و صار من الصعوبة بمكان مكافحته او الحد منه, حتى لو شكلت اللجان والهيئات
والأجهزة بمختلف مسمياتها , خاصة بعد أن استوطن الفساد عقول الغالبية من أبناء هذا
الجيل الذي لم يعرف له بدا , فقد تشكلت ثقافة عصرية تصور الفاسدين وكأنهم أبطال
قوميين و تصور الشرفاء المثابرين والمناضلين المخلصين وكأنهم سذجا أو أغبياء , وهذه
الثقافة لا يتحمل وزرها أبناء هذا الجيل وحده فلعلهم تشربوها صغارا و نموا وترعرعوا
على ثقافة تمجد الفساد والفاسدين في مقابل برامج مكرسة لتجويع و تركيع الشعوب
وإذلالها والاستيلاء على ما تبقى من أقواتها . جيل بأكمله تفتحت عيناه على هذا
الواقع الذي تكرست فيه المفاهيم المغلوطة والتي نجحت حكومات الفساد ,خالفا عن سالف
, في غرسها قيما وتأصيلها سلوكا وممارسة حتى تتوسع دائرة الفساد لتعم الجميع عندئذ
لن يجرؤ احد على مناهضته فالجميع غارق حتى أذنيه , فقد دفعت سياسات الإفقار
والتجويع بكل من لا يستطيع تامين لقمة عيشه بطريقة شريفة إلى اللحاق بركب الفساد,
أو أن يكون مدعاة للسخرية حتى من أقربائه , وفي حالات كهذه يسهل استقطاب و شراء من
لديه الاستعداد لان يبيع كل شيئ من اجل مكاسب مشبوهة , وعندما يكسب الجميع فان
الوطن حتما ًهو اكبر الخاسرين , فالفساد يقتل روح العمل والمثابرة وليس هناك ما هو
أكثر تدميرا للمجتمع من السعي لتحقيق الربح السريع والسهل بدون عناء الأمر الذي
يقلب الموازين لصالحه.اما المواطن البسيط والمغلوب على أمره فقد سخّره الفساد كما
يُسخّر الحمار قصير القامة حينما يعتليه الكبير والصغير في إي وقت , فالمواطن في كل
مرحلة هو المكلف دوما بدفع فاتورة الفساد الذي لا ناقة له فيها ولا جمل في الوقت
الذي لا يلمس من الدولة حتى ابسط الخدمات التي تشعره بحقوق المواطنة أو حتى توجهات
جادة و إصلاحات حقيقية لمكافحته سوى هيئة مزعومة بمكافحة الفساد والتي تحولت إلى
مركز إعلامي لسرد معلومات وإحصائيات وأرقام وتقارير- لا تختلف عن تقارير الحوادث
الصادرة عن إدارة المرور - في الوقت الذي لم نسمع فيه عن محاكمة لأي من رموزه .
ومثل هذه اللجان قد أسهمت في زيادة الأعباء على الموطن وأرهقت بنفقاتها الخيالية
كاهله دون أن تقدم فاسدا واحدا للمحاكمة , فهل كان المواطن بالفعل بحاجة إلى من
يزيد من أعباءه في الوقت الذي تتوسع فيه رقعة الفساد مخلفة الفقر والجرعات وغياب
التنمية وتدهور العملة الوطنية وضياع الاستثمارات وزيادة البطالة والتخلف . فإذا
كان الفقر هو الابن الشرعي للفساد, فان التنمية هي اكبر ضحاياه ,لان قضية الفساد
تنسحب على عملية التنمية بكل تفاصيلها , حيث لم يبق شيء لم تطله يد الفساد , فقد
تعطلت القوانين وسطت شريعة الغاب, تفشت الأمراض وزادت الأمية , هُجّر المزارعون
وتعطلت الزراعة واستبيحت الأراضي في كل مكان, بيعت الثروات في ظاهر الأرض وباطنها ,
وأضحت البحار مقاطعات لتجار الفساد تحطمت لحومها الطرية إلى أشلاء على متن قواربه,
تشرد الملايين و توسعت رقعة الفقراء ولم نعد نسمع عن التنمية إلا في الخطابات
الرسمية ونشرات الأخبار على فضائياتنا المحلية أو عندما تردد إذاعتنا الفتية "
اسعدي يا ارض بلقيس الجميلة "
أسباب التخلف والفقر، ويرى البعض الآخر ان الفقر هو المسئول إلى حد بعيد عن استمرار
الفساد , فإذا كان الفساد نتيجة طبيعية للفقر فان الفقر أيضا احد منتجات الفساد
وبعيدا عن جدلية الدجاجة ام البيضة,فلا يختلف اثنان على أن الفقر والفساد هما سمتان
بارزتان يوصف بهما أي مجتمع متخلف .
face=Arial>و بعد قرابة نصف قرن على قيام الثورة اليمنية وعقدين على قيام الوحدة لا
تزال بلادنا من الدول القلائل التي تتربع على أوتار هذا المثلث, و ليس هذا فحسب بل
تعدى الأمر إلى المنافسة على تحقيق مراكز متقدمة على المستوى العالمي وأصبحنا نتصدر
قوائم المنظمات الدولية في هذا المجال بلا منازع . وما يثير علامات التعجب
والاستفهام في آن واحد هو القول بأن اليمن بلد فقير موارده, وهو مفهوم مغلوط إلى حد
كبير فهناك هوة شاسعة وعلاقة عكسية بين الفقر في موارد الدخل الوطني والمستوى
المعيشي للسكان فنصف عدد سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر في الوقت الذي يمتلك اليمن
من المقومات و الإمكانات ما يؤهله ليصبح كمثيلاته من الدول المجاورة على اقل تقدير
, ولا فرق فنحن نعيش في نطاق جغرافي واحد وعلى ارض واحدة و جزيرة واحدة لا تفصل
بيننا إلا حدود سياسية , بل ونتميز عنهم في موردين هامين هما الزراعة والثروة
السمكية إلى جانب رأس المال البشري فما الذي يجعل بلادنا تقبع في أسفل قائمة الدول
الأشد فقرا ؟! , ثم من المسئول عن ضياع او سوء استغلال لتلك الموارد التي حباها
الله لأهل اليمن على مر العصور فقال جل من قائل "كلوا من رزق ربكم واشكروا له ,بلدة
طيبة ورب غفور" صدق الله العظيم .لقد أضحى الفساد اليوم يمثل سمة بارزة في مجتمعنا
المعاصر و صار من الصعوبة بمكان مكافحته او الحد منه, حتى لو شكلت اللجان والهيئات
والأجهزة بمختلف مسمياتها , خاصة بعد أن استوطن الفساد عقول الغالبية من أبناء هذا
الجيل الذي لم يعرف له بدا , فقد تشكلت ثقافة عصرية تصور الفاسدين وكأنهم أبطال
قوميين و تصور الشرفاء المثابرين والمناضلين المخلصين وكأنهم سذجا أو أغبياء , وهذه
الثقافة لا يتحمل وزرها أبناء هذا الجيل وحده فلعلهم تشربوها صغارا و نموا وترعرعوا
على ثقافة تمجد الفساد والفاسدين في مقابل برامج مكرسة لتجويع و تركيع الشعوب
وإذلالها والاستيلاء على ما تبقى من أقواتها . جيل بأكمله تفتحت عيناه على هذا
الواقع الذي تكرست فيه المفاهيم المغلوطة والتي نجحت حكومات الفساد ,خالفا عن سالف
, في غرسها قيما وتأصيلها سلوكا وممارسة حتى تتوسع دائرة الفساد لتعم الجميع عندئذ
لن يجرؤ احد على مناهضته فالجميع غارق حتى أذنيه , فقد دفعت سياسات الإفقار
والتجويع بكل من لا يستطيع تامين لقمة عيشه بطريقة شريفة إلى اللحاق بركب الفساد,
أو أن يكون مدعاة للسخرية حتى من أقربائه , وفي حالات كهذه يسهل استقطاب و شراء من
لديه الاستعداد لان يبيع كل شيئ من اجل مكاسب مشبوهة , وعندما يكسب الجميع فان
الوطن حتما ًهو اكبر الخاسرين , فالفساد يقتل روح العمل والمثابرة وليس هناك ما هو
أكثر تدميرا للمجتمع من السعي لتحقيق الربح السريع والسهل بدون عناء الأمر الذي
يقلب الموازين لصالحه.اما المواطن البسيط والمغلوب على أمره فقد سخّره الفساد كما
يُسخّر الحمار قصير القامة حينما يعتليه الكبير والصغير في إي وقت , فالمواطن في كل
مرحلة هو المكلف دوما بدفع فاتورة الفساد الذي لا ناقة له فيها ولا جمل في الوقت
الذي لا يلمس من الدولة حتى ابسط الخدمات التي تشعره بحقوق المواطنة أو حتى توجهات
جادة و إصلاحات حقيقية لمكافحته سوى هيئة مزعومة بمكافحة الفساد والتي تحولت إلى
مركز إعلامي لسرد معلومات وإحصائيات وأرقام وتقارير- لا تختلف عن تقارير الحوادث
الصادرة عن إدارة المرور - في الوقت الذي لم نسمع فيه عن محاكمة لأي من رموزه .
ومثل هذه اللجان قد أسهمت في زيادة الأعباء على الموطن وأرهقت بنفقاتها الخيالية
كاهله دون أن تقدم فاسدا واحدا للمحاكمة , فهل كان المواطن بالفعل بحاجة إلى من
يزيد من أعباءه في الوقت الذي تتوسع فيه رقعة الفساد مخلفة الفقر والجرعات وغياب
التنمية وتدهور العملة الوطنية وضياع الاستثمارات وزيادة البطالة والتخلف . فإذا
كان الفقر هو الابن الشرعي للفساد, فان التنمية هي اكبر ضحاياه ,لان قضية الفساد
تنسحب على عملية التنمية بكل تفاصيلها , حيث لم يبق شيء لم تطله يد الفساد , فقد
تعطلت القوانين وسطت شريعة الغاب, تفشت الأمراض وزادت الأمية , هُجّر المزارعون
وتعطلت الزراعة واستبيحت الأراضي في كل مكان, بيعت الثروات في ظاهر الأرض وباطنها ,
وأضحت البحار مقاطعات لتجار الفساد تحطمت لحومها الطرية إلى أشلاء على متن قواربه,
تشرد الملايين و توسعت رقعة الفقراء ولم نعد نسمع عن التنمية إلا في الخطابات
الرسمية ونشرات الأخبار على فضائياتنا المحلية أو عندما تردد إذاعتنا الفتية "
اسعدي يا ارض بلقيس الجميلة "