إبراهيم مجاهد
كم سعدت يا صغيرتي وأنا
أرى فرحة إخراجك من تابوت الزوجية اللعين الذي أراد الطمع أن يدفنك حية لولا عناية
الرب بك وجهود الخيرين والناشطين، والقضاء والشرع الذي طلقك وأطلق حريتك من داخل
ذلك القفص الذي تحولت قضبانه إلى مخالب ، وشرع سجانك في نهش طفولتك
بها. .
آه يا صغيرتي لو تعلمين
حجم العناية الربانية التي أنقذتك من ذئب مفترس، وكم هي شريعتنا السمحاء عادلة إذا
ما التزمنا بتعاليم ديننا الحنيف، وكم هو الإسلام عظيم إذا ما اقتفينا أثر نبينا
العظيم، وطبقنا شريعته في تعاملاتنا اليومية. .
نجود ياصغيرتي. .
يدرك الجميع
أن الطمع والجشع وتجرد شخص ما لن أقول والدك من كل صفات البشرية ومعاني
الإنسانية وو. . . إلخ، وغيرها من الأسباب هي من ساقتكي إلى ذاك القفص الحديدي الذي
ترك بداخله أسد متوحش، سُمح له أن ينهش طفولتك. .
والكل يدرك أن من ساقك إلى ذلك
القفص قد استلم ثمن طفولتكي ياعزيزتي، وتاجر بطهر برائتك، وكان هدفه الربح والمال
وإن كان على حساب فلذة كبده. .
رغم أنه لا يستحق كلمة أب أو يكون كذلك.
صغيرتي
نجود. .
غمرتني السعادة والجميع كذلك وأنا أشاهدكي تتمرجحين وتلعبين مع غيرك
من ذوي الطفولة والبرائة في الحديقة. .
وشكرت الله ودعوت للذين ساهموا في إعادتك
إلى الحياة التي يفترض أن تعيشيها بطهر طفلة ونقاء فتاة.
صغيرتي نجود. .
لا
أخفيكي أن ثمة أشياء كثيرة تحز في النفس، ليس لما تعرضتي له في السابق، لكن لما
تتعرض له براءتك وطفولتك الآن من قبل ثلة وجدوا في معاناتك وقضيتك والجرم الذي لحق
بك وكاد يفتك بطفولتك وحياتك لولا عناية الرب- وجدوا مصدراً للكسب الرخيص على حساب
براءة طفولتك يا غاليتي، ولا يختلفون عن الشخص الذي قادك يا غاليتي إلى معاناتك
السابقة، فالجميع يهمه الربح!! صغيرتي نجود. .
قد لا تدرك معنى ما سأكتبه اليوم،
أو سيعمد أولئك الذين يتاجرون بقضيتك على تضليلك. .
واعلمي يا صغيرتي أن من يظهر
على شاشات التلفزة ويتحدث على أنه منقذك الوحيد لم يصبر طويلاً عقب صدور حكم
المحكمة، وذهب يطالب بتحويل جميع المبالغ المقدمة من المنظمات الأجنبية لرعايتك
لتعيشي طفولتك وتكملي تعليمك- إلى رصيده الخاص، وزعم أن هناك منظمة أخرى ستعمل على
تبني شقيقتك إلى جانبك، ومجرد أن تم تحويل ذلك المبلغ إلى رصيده الخاص بات اليوم
يقاسمك ذلك بحجة أنه يرعاك. .
غاليتي نجود. .
الجميع أقر بأن من قادك إلى ذلك
الجحيم يستحق العقوبة وأنه لا يوجد أي ظرف قد يبرر له فعلته تلك، أكان الفقر أو
الجوع أو غير ذلك. .
ولكن ما معنى أن تحرص المنظمات الأجنبية والناشطون
والناشطات على تخصيص مبلغ شهري له. .
فهل هذا العقاب الذي يستحقه؟ وإذا كان هذا
الحرص نابعاً من ضرورة إخراج والد نجود من حالة فقر يعيشها مع أسرته- فأين هم من
ملايين الفقراء في اليمن ممن يعتبرون أشد فقراً؟! نجود. .
يا صغيرتي ويا فلذة
الكبد. .
لن أخاطب براءتك وطهرك وابتسامتكم الملائكية. .
بل سأخاطب من يتاجرون
بقضيتك في المحافل الدولية. .
وأقول لهم: من قال لكم أن طفلتنا نجود امرأة حتى
تكرمونها باسم " امرأة العالم"، وتجعلون براءتها تزاحم " المرأة الحديدة" "
كوندليزا رايس" في نفس المسابقة؟ من سمح لكم أن تجعلوا صغيرتنا الغالية " نجودي"
تكرم من منظمة كرمت امرأة " رايس" التي تلذذت بقتل مئات الآلاف من أطفالنا في
العراق وأفغانستان وفلسطين؟ في حين أن نجود قُتلت طفولتها؟! أقول أيضاً: أي منظمة
إنسانية أو اجتماعية أو حقوقية تقبل أن تتاجر كاتبة بقضية طفلة وإلا ما معنى أن يتم
سرد قضية " نجود" في كتيب باللغة الفرنسية والإنجليزية ويوزع في دول أوروبا
وأميركا- في حين أن هذه الدول والمجتمعات تعبر عن أسفها لحدوث مثل هذه القضايا في
الدول العربية والإسلامية، وتزعم أن مجتمعاتها بفضل حضارتها خالية من هكذا حوادث-
رغم أن حالات الإغتصاب التي تتعرض لها الفتيات دون سن ال"18" وكذا ممن فقدن
عذريتهن تؤرق تلك المجتمعات وتجاوزت مرحلة الحوادث النادرة؟! في الأخير. .
أدعو
الله يا صغيرتي أن يحفظك ويحفظ جميع أطفالنا من المتاجرين باللحوم البشرية ممن
يتصورون لنا كبشر أسوياء في حين أنهم وحوش مفترسة تدربت بعناية على التهام فريستها
دون إحداث أي ضجيج لأصواتها العدوانية!!.