صلاح أبو شمالة
أصحاب الشعر الأشقر، فلماذا يحرص الأوروبيون والأمريكيون على دفع الأموال لنا، نحن
الفلسطينيين؟ بل ويدفعون لنا بسخاء، وحريصون على إرضائنا، وإشباعنا، وإسكاتنا حتى
صرنا مثل دجاج المزارع المعلوف بنسبة البروتين عالية الجودة، وكما يقال: "أكلٌ،
ومرعى، وقلة صنعة"، حتى صرنا نعطي بيض الصمت كل صباح! ونصفق لإنسانية الغرب بأجنحة
الفرخ الذي ينتظر أن يزقه مطعموه.
ما أكثر الوفود الأجنبية الزائرة لفلسطين، بعضها جاء من اليابان ليعالج
الصرف الصحي، والآخر جاء من إيطاليا ليهتم بالمياه العذبة للمواطن الفلسطيني، وفريق
ثالث جاء من فرنسا بغرض نشر الثقافة الحرة، والاهتمام بالمرأة، وفريق من ألمانيا
يعتني بالطفل، ما هذا يا فلسطين؟ كيف تساقط عليك مطر الخيرات الأوروبية؟، وتم تشكيل
المؤسسات لدعم الشعب الفلسطيني، وتواجدت على أرضك الجمعيات السياسية الداعمة
للديمقراطية، وتم عقد المؤتمرات الدولية لدعم الشعب الفلسطيني؟ لماذا كل هذا
الاهتمام بكم يا أيها الفلسطينيون؟ لماذا لا يصير الاهتمام بإخوانكم العرب في
الأردن، أو بإخوانكم العرب في مصر؟ لماذا يقدمون لكم أنتم الأموال، وطرق إنفاقها،
وكيفية تطوير الانتفاع، وآلية توظيفها واستثمارها؟ سؤال كبير يطرح على كل ذي عقل!
لماذا ينفقون علينا من ميزانياتهم، ويقطعون اللقمة عن فم أطفال العراق والسودان
والصومال ليضعوها في فم الفلسطينيين؟ وإلى متى؟ سيخرج من يقول لي: لماذا تنسى الطرف
الآخر من معادلة الانقسام الفلسطينية، والخلافات العربية؟ ألا تبصر إيران، والمال
الذي تدفعه لحزب الله في لبنان، ولحركة "حماس" في غزة؟ إن لإيران أطماعا توسعيه،
وهي تسعى إلى إيجاد ركائز لها في المنطقة العربية، ولإيران أهداف سياسية بعيدة
المدى تكمن وراء تصنيع القنبلة الذرية، ولهذا تدفع المال لصنائعها في المنطقة، إنه
مال سياسي، يقبضونه كي يمررون مخططات إيران! هذا الحديث يعيدني إلى البداية التي
تقول: لا أحد يدفع مالاً لزرقة عيون الفلسطينيين، ولا من أجل ترقيق ضميرهم، وتعزيز
ديمقراطيتهم، المال الذي يدفع على هيئة رواتب، ومساعدات، ومؤسسات حقوق إنسان يصل
راتب بعض مسؤوليها إلى آلاف مؤلفة من الدولارات الأمريكية، وأخرى نثرية؛ جاء لشراء
الذمم، وتثبيط الهمم، ووأد الحمم البركانية التي تتفجر في قلوب شعب اغتصب اليهودي
أرضه، وطردوه، وتركوه يرتزق، كي لا يقاتل عدوه، وإنما ليتقاتل فيما بينه على
الفتات، والرتب العسكرية الوهمية، والدرجات الوظيفية.
يعرف ذلك السيد سلام فياض
وهو يقول لعكيفا إلدار في صحيفة "هآرتس": "إن السلام يصنع بين المتساويين، وليس بين
الأسياد والخدم"!.