;

السيادة هي العـدل والاقـتـصاد لا الطـقـم والدبابة 1182

2010-04-07 04:18:29

محمد راوح
الشيباني


ليست السيادة الوطنية مجرد وضع
الجنود ورفع العَلَم لهذه الدولة أو تلك في هذا المكان أو ذاك، فذلك يرمز إلى
الاستحواذ على هذا المكان الجغرافي أو ذاك، والاستحواذ قابل للتغيير بأي وسيلة
ومنها عدم الاعتراف المعنوي والنفسي بذلك من قبل المواطنين هنا أوهناك حتى مع وجود
الجنود ورفع العلم، لأن السؤال الفاصل بين السيادة وعدم السيادة هو: ماذا بعد
انتشار الجنود ورفع العلم
في هذه
البقعة أو تلك حتى في إطار حدود الأوطان ذاتها؟؟ هل تترك صحاري مقفرة وسهولاً مجدبة
وأودية جافة ومدناً خاوية لا روح فيها ولا حياة ؟؟ أم يتم استغلال هذه المساحات
الشاسعة واستثمارها بالتعمير والزراعة والسكن من باب امتصاص البطالة المفجعة بما
يتناسب مع طبيعة ومناخ وجدوى كل منطقة بذاتها. .
إن السيادة الحقيقية على
الأوطان لا تتأكد أو تتأتى بمجرد رفع الأعلام وانتشار الجنود وحسب، على أهمية
ذلك، ولكن السيادة الحقيقية تكون في النفوس أولا من خلال مصانع تدور وعمال ينتجون
ماكينات تحرث وتبذر وحقول تخضر وتثمر وأيادي سمراء وسواعد قوية تحصد وتجمع وإنتاج
صناعي وافر للتصدير إلى دول الجوار الإقليمي والدولي. .
السيادة على الأوطان يا
هؤلاء ليست في إغراق أسواقنا بالبضائع الصينية والهندية وغيرها ذات النوعية الرديئة
من كل صنف ونوع ولكن تكون بحجم الأسطول التجاري البري الناقل للمنتجات الوطنية إلى
الآخرين كما تفعل (سورية وتركيا) معنا اليوم عبر المنافذ البرية وكذلك تكون في حجم
الأسطول البحري من السفن والمراكب المغادرة موانئنا إلى مختلف دول العالم محملة
بإنتاجنا الوطني من السلع الزراعية والصناعية وبقية الثروات الطبيعية التي منحنا
إياها الخالق عز وجل بقوله تعالى (كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور)
. .
السيادة تكون في توسيع النشاط الزراعي والصناعي والتجاري والرعي إلى درجة
إحداث الأزمة في قلة الأيدي الوطنية والحاجة الملحة إلى المزيد منها مما يتطلب
تسهيل الزواج لغرض زيادة المواليد وتوفير الرعاية الصحية الكاملة للأمومة والطفولة
الآمنة وصولا للاكتفاء الذاتي من الأيدي العاملة الوطنية، لا تكدس العمال بالآلف في
الجولات والشوارع يبحثون عن أي عمل باليومية يقتاتون منه ليسدوا به رمقهم ورمق من
خلفهم ولو بالرغيف الجاف والشاي الأحمر إن وجد. .
السيادة تكون بتوفير آلاف
الوظائف والفرص والمنح الدراسية للمتخرجين من الجامعات بما يلبي ويواكب سوق العمل
الوطني لا مجرد خريجين أميين فنيا وثقافيا وعمليا لا يقبل بهم أحد وغير صالحين لشغل
أي وظيفة سوى مجرد كتبة في ديوان شيخ أو سائق تاكسي في أحسن الأحوال. .
السيادة
تكون في عملة وطنية قوية ومحترمة وقدرة شرائية عالية للمواطنين وعَلَم وطني
يحترمه ويقدس رمزيته كل من في الوطن ويدافع عنه حتى دون وجود قانون، لأنه رمزا
لسيادة الدولة القوية العادلة المسئولة عن رعيتها الساهرة على حماية مصالحهم
ورعايتهم، لا عملة وطنية تحولت بفعل بعض الخائنين لدينهم وربهم ووطنهم إلى أشبه ما
تكون بأوراق لعبة (المونوبولي) الانجليزية الشهيرة، وذلك بعد أن فقدت قيمتها
الشرائية في أيدي المواطنين وتحول التعامل اليومي ب(الدولار) بدلا عن (الريال)
المغدور به وفي داخل الوطن ذاته دون أن تحرك السلطة ساكنا لإعادة الاعتبار لعملتها
رمز وجودها وسلطتها معتمدة على بورصة (سوق الملح) في صنعاء التي يديرها بعض
المسئولين من داخل البنك المركزي ذاته لخلق حالة هلع مفتعلة ليستفيدوا منها
بالمضاربة بفارق الصرف على حساب وطن وشعب بأكمله. .
سيادة أي دولة في العالم تكون
في قوة اقتصادها لا في اتساع مساحتها الجغرافية وكثرة عدد سكانها، فهذه (سنغافورة)
مثلا صاحبة اكبر ميناء (ترانزيت) في العالم لا تتجاوز مساحتها (697) كم مربع ومثلها
(فنلندا) وطن أكبر شركة لصناعة الهاتف المحمول في العالم (نوكيا) ومعظم مصانعها
خارج البلاد، وهناك ماليزيا وتايوان ولوكسمبورج وسويسرا هي دول لا تساوي أراضيها
مجتمعة نصف مساحة محافظة (حضرموت) المباركة ومع ذلك ينافس اقتصادها أكبر اقتصاديات
العالم رغم صغر مساحتها و قلة عدد سكانها وهي مهابة الجانب بسبب قوة اقتصادها الذي
يمثل سيادتها الحقيقية وهناك إمارة (دبي) في دولة الإمارات نموذجا لحسن الإدارة
والاستغلال لأقل المساحة. .
إذن نحن أمام مشكلة حقيقية في مفهوم ومعنى السيادة
الحقيقية أولاً، ويوم انهار (الاتحاد السوفيتي) بكل عظمته وجبروته ركعت (روسيا)
أمام البنك الدولي وصندوق النقد العالمي وهي أكبر دولة مساحة وقوة عسكرية وثروات
مكنونة في العالم، ركعت بكل ذل ومرغت كبرياءها العسكري السابق كدولة عظمى أمام
(قرنيّ) الاستعمار الجديد تستجديهما المال لتسديد المرتبات وشراء الاحتياجات
الغذائية الضرورية لشعبها وهي التي كانت تتحكم بمصائر ومقادير نصف سكان الأرض
تقريبا. .
فهل يعقل أن يكون هذا الوطن بكل ثرواته وبعدد سكانه الضئيل قياسا
بمساحته الجغرافية المهولة والشاسعة وخيراته البرية والبحرية والمناخية وثرواته
الباطنية، يكون أفقر شعب في الأرض يتسول غذاءه ودواءه وملبسه من أيدي الآخرين!!
العملة الوطنية في الحضيض والعلم الوطني موضع استهزاء وسخرية كل يوم في مناطق
معينة، والشعب تطحنه الجرعات السعرية باسم (الإصلاح الاقتصادي) منذ العام 1995م فلا
الإصلاح تأتى ولا الشعب بقي به روح للحياة، وأصبح هذا الوطن كما قال الزميل الأستاذ
/ حمود البخيتي صاحب ورئيس تحرير مجلة (اقتصاد وأسواق) في افتتاحية العدد لشهر مارس
الماضي بسؤاله الرائع الكبير: هل نحن عبء على اليمن أم اليمن عبء علينا ؟؟ سؤال
يختزل كل هذه المعاناة والمهازل التي نشاهدها بين الواقع المعاش وبين الثروات
الموجودة أمامنا وبين أيدينا وبين المستقبل الذي كنا نأمل تحقيقه ذات يوم وتدعي
حكوماتنا (الرشيدة) المتعاقبة أنها تعمل من أجله. .
آخر السطور : طالما وحكومة
الكوارث والخيبات الوطنية تطالعنا ب(نكاتها) المفجعة بين الحين والآخر ومصرة على
(تكعيفنا) بمسلسل (سكة الحديد) الحزينة بعد الكهرباء النووية، في اعتمادها لتأهل
(21) شركة استشارية لمناقصة مشروع إنشاء السكة الحديدية في اليمن!! نحن بدورنا
كمواطنين نقدم لها مقترحنا لنكون الرقم (22) في الاستشارة وهو بسيط جداً، هناك
قطارات في بعض المحلات التجارية في شارع حدة والقاع والزبيري تباع جاهزة وتسير على
حجر البطاريات العادية ويمكن تشغيلها كمرحلة أولى بين القاع - شارع جمال ، التحرير
- باب اليمن دون أن تفرغ البطاريات شريطة أن لا تكون صيني. .
ثم المرحلة الثانية
(القاع - أنقرة ، التحرير - طوكيو) وبالكهرباء (النووية) فما رأيكم؟؟

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد