فاروق
الجفري
الجفري
يا حسرة على الرجل العظيم فهو محروم
من اكبر نعمة يملكها الإنسان العادي نعمة التسكع فهل يا حسرة على الرجل العظيم فهو محروم من اكبر
نعمة يملكها الإنسان العادي نعمة التسكع فهل يستطيع أي عظيم في العالم أن يتسكع في
الشارع أو يمشي بدون هدف ليريح أعصابه من التفكير المنظم والمشي من اجل غاية معينة؟
هل يستطيع الرجل العظيم أن يستمتع بالنعمة الثنائية التي يستمتع بها الرجل
العادي..
نعمة تجاهل الناس له هل يستطيع أن يمشي فلا تراه عين وتنفرج
الشفتان وتقولان هذا فلان ثم لا تنشر عنه الصحف شيئا، فإذا قرأها الناس تطايرت
الشائعات كأنها حمام في برج كبير ذلك ما لا يستطيعه الرجل العظيم. أما الرجل الذي
يحكم أي دولة ملكية أو جمهورية فهو أيضاً يا حسرة عليه لأن الدولة تتولى حراسة
ورقابته كأنه رجل خطر على الأمة، كل حركاته معروفة ومحسوبة وكل ابتسامة على وجهه
مرصودة، كل ما يقوله له وزن وكل مالا يقوله له وزن، انه لا يستطيع أن يتخلص حتى من
حراسة والتخلص من حراسة سيفتح أبواباً هائلة للكلام والشائعات، انه رجل يعيش هناك
عالياً عنا وبعيدا عنا أيضاً.. انه في القمم وقمم الجبال باردة وكثيراً ما نزل
عليها الثلج انه يعيش في ثلج دائم والناس العاديون يعيشون في حرارة دائمة، حرارة
الزحام والكلام أما الرجل الحاكم فهو هناك وحده وحوله حراسة وعظمته رأسه في السحاب
فإذا نزل إلى الأرض انطلقت وراءه عيون كاسرة كأنها كلام الصيد والسنة حادة كأنها
الأفاعي، ولذلك هو يفضل ثلوج وبرودة القمم ونوع آخر من الناس يبني وحدته بيديه
ويجعلها من الطوب والحجارة ويسد المسالك في وجه الناس جميعا إنهم الذين يعيشون في
الصوامع أنهم الرجال والنساء الذين انسحبوا من الحياة واختاروا حياة الرهبان في
الكنائس. ويحس الرهبان أنهم أول الأمر ليسوا وحدهم فما تزال في أذانهم أصداء
الدنيا، وماتزال في أحلامهم صور الأهل والأقارب والأصدقاء، ولكي يكونوا في وحدة
تامة يجب أن ينسوا هذا كله بالصلوات والجوع والأرق، وفي سنوات طويلة يعزلون أنفسهم
عن العالم ويقفون وحدهم ويجعلون الوقوف وحدهم فلسفة وحكمة ودين.
من اكبر نعمة يملكها الإنسان العادي نعمة التسكع فهل يا حسرة على الرجل العظيم فهو محروم من اكبر
نعمة يملكها الإنسان العادي نعمة التسكع فهل يستطيع أي عظيم في العالم أن يتسكع في
الشارع أو يمشي بدون هدف ليريح أعصابه من التفكير المنظم والمشي من اجل غاية معينة؟
هل يستطيع الرجل العظيم أن يستمتع بالنعمة الثنائية التي يستمتع بها الرجل
العادي..
نعمة تجاهل الناس له هل يستطيع أن يمشي فلا تراه عين وتنفرج
الشفتان وتقولان هذا فلان ثم لا تنشر عنه الصحف شيئا، فإذا قرأها الناس تطايرت
الشائعات كأنها حمام في برج كبير ذلك ما لا يستطيعه الرجل العظيم. أما الرجل الذي
يحكم أي دولة ملكية أو جمهورية فهو أيضاً يا حسرة عليه لأن الدولة تتولى حراسة
ورقابته كأنه رجل خطر على الأمة، كل حركاته معروفة ومحسوبة وكل ابتسامة على وجهه
مرصودة، كل ما يقوله له وزن وكل مالا يقوله له وزن، انه لا يستطيع أن يتخلص حتى من
حراسة والتخلص من حراسة سيفتح أبواباً هائلة للكلام والشائعات، انه رجل يعيش هناك
عالياً عنا وبعيدا عنا أيضاً.. انه في القمم وقمم الجبال باردة وكثيراً ما نزل
عليها الثلج انه يعيش في ثلج دائم والناس العاديون يعيشون في حرارة دائمة، حرارة
الزحام والكلام أما الرجل الحاكم فهو هناك وحده وحوله حراسة وعظمته رأسه في السحاب
فإذا نزل إلى الأرض انطلقت وراءه عيون كاسرة كأنها كلام الصيد والسنة حادة كأنها
الأفاعي، ولذلك هو يفضل ثلوج وبرودة القمم ونوع آخر من الناس يبني وحدته بيديه
ويجعلها من الطوب والحجارة ويسد المسالك في وجه الناس جميعا إنهم الذين يعيشون في
الصوامع أنهم الرجال والنساء الذين انسحبوا من الحياة واختاروا حياة الرهبان في
الكنائس. ويحس الرهبان أنهم أول الأمر ليسوا وحدهم فما تزال في أذانهم أصداء
الدنيا، وماتزال في أحلامهم صور الأهل والأقارب والأصدقاء، ولكي يكونوا في وحدة
تامة يجب أن ينسوا هذا كله بالصلوات والجوع والأرق، وفي سنوات طويلة يعزلون أنفسهم
عن العالم ويقفون وحدهم ويجعلون الوقوف وحدهم فلسفة وحكمة ودين.