الجفري
كالماس والبلاتين والذهب والفضة وكثير منهم كالصفيح، ومعادن الناس تختلف حسب
عاداتهم وطباعهم وتربيتهم، فكلما حسنت التربية والعادات والطباع زادت قيمة معدنهم
وارتفع قدرهم لدى المجتمع، ومعدن البشر النادر والنفيس لا علاقة له بالمال والثراء
أو الفقر والحاجة فكم، من فقير محتاج عزيز النفس عالي الخلق وكم من ثري غني بالمال
ولكنه فقير في التربية والأخلاق..إننا نجد بين الفقراء من هو عفيف النفس عف اللسان
لأنه تربى في بيت علمه العادات
الطيبة والطباع الحسنة، كما نجد بين الأغنياء من هو طويل اللسان لا يراعي الله في
تصرفاته ومعاملاته مع غيره من الناس حيث تسوده روح الأنانية والجشع والحقد ويتمنى
الشر للآخرين، وذلك ببساطة لأنه نشأ في بيت لا يعرف الأخلاق الطيبة والطباع الحميدة
رغم أن المال عندهم وفير وقد يكون بلا حساب.
إن المال أحياناً يشكل مفسدة
للأخلاق لدى كثير من البشر الذين يتحولون إلى عبيد للمال والثروة فيدوسون على
المبادئ والمثل ويتخلون عن الأخلاق إن كانت عندهم في الأصل أخلاق وتصبح عاداتهم
وطباعهم في شراسة حيوانات الغابة التي لا تخاف إلا ممن هو أشرس وأقوى منها، فهم لا
يعرفون الرأفة والشفقة ولا يعترفون بالحنان والرحمة والتراحم، والتربية هي أصلاً
مسئولية المنزل قبل أن تكون مسئولية المدرسة وإن كانت المدارس افتقدت حرصها القديم
على تربية النشء فلا تهتم بالتربية في يومنا هذا وأيضاً بالتعليم ولذلك فقد
المعلمون احترامهم فنسمع اليوم بكل أسف عن طالب يضرب معلمه أو مدير المدرسة وكنا في
الماضي الجميل نتعلم قولاً مأثوراً مازال لاصقاً في الذهن والذاكرة والوجدان رغم
مرور أكثر من نصف قرن من الزمان وهو القائل: "من علمني حرفاً صرت له عبداً".
كما
نتذكر قول الشاعر الكبير احمد شوقي: "قم للمعلم ووفه التبجيلا..
كاد المعلم أن
يكون رسولا".
وتبقى المسئولية الرئيسية لتربية النشء أولاً الأم وكما قال الشاعر
حافظ إبراهيم.
الأم مدرسة إن أعددتها..
أعددت شعباً طيب الأعراق.