;

أزمة تربية.. والعرب يحرثون في البحر ..الحلقة الـ«35» 1183

2010-04-11 05:32:29

صفحه من
كتاب


تعاني التربية في بلاد العرب
والمسلمين من أزمة حادة على الرغم مما استنفذته من جهود طائلة وأرصدة هائلة، حيث من
مظاهر هذه الأزمة تحلل أجيالنا المعاصرة وضعفها في مجابهة ما تزخر به مجتمعاتنا من
فنون الإغراء وانسياقها وراء كل ما نبع في الغرب من مذاهب
وتيارات..

مشكلة التربية في
بلادنا في غياب فلسفة للتربية منبثقة من ثقافتنا تجسدها، مما يجعل العمل التربوي
أقرب إلى عملية التخطيط التربوي، إذ يضع برنامجاً للأدب أو للتاريخ أو للحساب يدرك
من قبل ذلك آثر تلك البرامج والمعلومات في صياغة النموذج الإنساني الذي يريد الوصول
إليه أي إنسان معتز بإنتمائه إلى شعب حامل لمبادئ "العالم الحر".
وكذا الشأن
بالنسبة إلى رجل التخطيط التربوي في الكيان الصهيوني يحدد النموذج الإنساني الذي
يريد الوصول إليه كإنسان معتز بإنتمائه إلى شعب بني إسرائيل وتاريخه وتراثه حامل
إيديولوجية الغطرسة الصهيونية والهيمنة على العالم ثم بعد ذلك ينتخب من المعلومات
في التاريخ والأدب والفلسفة وغيرها بما يصلح لصياغة النموذج الذي حدده، أما نحن في
بلاد العرب فترى لو ألقينا هذا السؤال على رجال التخطيط والتنفيذ التربويين ما
معالم النموذج الإنساني الذي تريدون من برامجكم ومدارسكم أن تعمل على صياغته؟ ما
نظرته إلى نفسه وإلى الكون من حوله؟ ما فلسفته في الحياة وغايته ودوره فيها؟ ما
الميزان الذي يزن به قيم الخير والشر الحق والباطل الجمال والقبح؟ ترى هل يجدون
جواباً بل هم يتفقون على جواب؟ بل تأكيد إلا والجيل الضائع الذي يجوب شوارعنا الذي
يقع فريسة سهلة لمختلف صنوف الأوبئة الاجتماعية وسائر الإيديولوجيات تستلحقه وتجنده
لتخريب بلاده خير دليل.
اختيار النموذج الإنساني ولذلك فإنه ما لم نحسم هذا
الأمر أمر اختيار النموذج الإنساني الذي نريد لبرامجنا أن تنشئه والمرجعية الفلسفية
وجهة الحسم في مستقبل أجيالنا فسنظل نحرث في البحر ونخبط خبط عشواء وسنظل ندور في
حلقات مفرغة من الجدل العقيم حول مسائل فرعية لا يمكن أن نصل فيها إلى نتيجة حاسمة،
وذلك هو الذي يحدث في أوساطنا الثقافية والتربوية وكثيراً ما يشتدّ الجدل حول مسائل
تتعلق بالتربية ويحمى الوطيس أياما ثم يخيب دون أن ينجح أي طرف في إقناع الآخرين
برأيه.
ما لغة التدريس الأجدى؟ أهي العربية أم الفرنسية أم الانكليزية؟ هل من
المفيد التربية الجنسية مادة رسمية من مواد المنهج التربوي؟ هل التربية الملتزمة
بالقيم الدينية والخلقية أم التربية الحرة؟ وتبدأ الألسن والأقلام وتعيد في هذه
المسائل وغيرها دون أن تصل إلى نتيجة حاسمة مؤسسة على فلسفة واضحة ذات صلة عميقة
بهويتنا الحضارية أنضجها حوار معمق وشورى شعبية، لأن هذه المسائل، كلها فروع لقضية
رئيسية لا بد من البت فيها بادئ ذي بدء وهي إما النموذج الإنساني الذي نريد لجهازنا
التربوي أن يعمل على صياغته، ومن له شرعية تحديد ذلك النموذج؟ هل هم ممثلو الشعب أم
الأوصياء؟ حتى إذا ما اتفقنا على ذلك كان الاتفاق على وسائل تحقيقه أمراً
هيناً.
حلول هي إمعان في النية ضمن مخطط ترويض أمتنا وتهيئة أجيالها الجديدة
للاستسلام لهيمنة بني إسرائيل وما يقتضيه ذلك من إزالة القضبان الفكرية والحواجز
النفسية والتكتلات السياسية والمؤسسات التربوية قفز إلى السطح الاهتمام بمناهج
التربية لا من أجل تصحيح المسار من خلال إرساء مناهجنا التربوية على أسس الإسلام
فلسفة وثقافة وخلقاً وتراثاً وحضارة...
باعتباره الأرضية الفكرية التي انبثقت
منها حضارتنا وتشريعاتنا وموازين الأخلاق والأذواق وكان رباطنا الاجتماعي ومصباحنا
في ليالي الدجى ومفجر ثوراتنا.
ضد جحافل الغزاة المتتالية والمحرض الذي لا يفتر
على التصدي لأعدائنا واستعادة كرامتنا وأرضنا ووحدتنا ومجدنا..
أنه بمنطق الشورى
والديمقراطية دين الشعب وروحه الأعمق، كلا ليس من هذا المنطلق تجدد الاهتمام
بالتربية وضرورة ضبط فلسفتها وموازين الثقافة التي تقوم، عليها وإنما من منطلق
إعادة صياغة مناهجنا بما يتفق مع إتفاقيات "كامب ديفيد" وقد تضمنت مناقشتها
ومحلقاتها توصيات خطيرة في هذا الصدد خلاصتها تنقية برامج التربية والإعلام من جذور
العداء ضد إسرائيل..
وسرعان ما بدأ تعديل البرامج على ضوء هذا التوجيه لا في مصر
فحسب بل في بلدان عربية كثيرة، لأنها جميعاً مبرمج دخولها في العهد نفسه من هذا
المنظور وفي إطار إزالة العقبات من طريق ما يسمى بالتطبيع كانت الحملة على الحركة
الإسلامية باعتبارها أشد العقبات في طريق هذا التطبيع ودمج أمتنا في السوق الدولية
وتذويب شخصيتها الحضارة المتميزة.
لقد تجاوزت هذه الحملة البعد السياسي أي ضرب
الحركة الإسلامية باعتبارها منافساً على السلطة وعقبه في طريق خطة الإدماج والتطبيع
إلى الأبعاد الثقافية التربوية ولعل أبرز مكان تجلت فيه هذه الخطة الشاملة بعض
بلدان.
شمال أفريقيا، حيث أوقفت برامج التعريب بقرار حكومي وبدأت عملية شاملة
لإعادة النظر في البرامج التربوي على ضوء فلسفة محدودة هذه المرة، تجعل المدرسة
أداة فكرية وسياسية في معركة الحضارة السياسية بين حضارة الإسلام ممثلة في التيار
الإسلامي تيار الدفاع عن الهوية الوطنية وبين تيار التغريب والتبعية والحكم الفردي
ممثلاً في نخب فاسدة.
لقد حدد وزير التربية في بعض هذه البلدان الأساس الفلسفي
النظري الذي سيعيد في ضوئه النظر في كل المناهج بدءاً بمناهج التربية
الدينية..
وهو نده الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الوطني..
ولأن
الأمر يجري على عجل وفي جو متوتر في خضم الحرب ضد الخصم السياسي الأصولي فلم يكن
منتظراً أن تنضبط.
الحرب بقواعد هذه المواثيق رغم ما يمكن أن تؤاخذ به من أنه
مهما بلغ اتفاقها مع عقيدة الشعب وما انبثق مع الإسلام عقيدة، الشعب وما إنبثق منها
من ثقافة وحضارة وتراث مما ينبغي أن يتأسس عليها البرنامج..
تبقى تلك المواثيق
شيئاً آخر تمت في بيئات وظروف ومناخات فلسفية مختلفة، وعلى فرض أنها متفقه مع
الإسلام عقيدة الشعب فلماذا لا يقع الاستناد مباشرة إلى الإسلام وثقافته.
لقد
اتخذت هذه المواثيق قانوناً أعلى حولكم إليه الإسلام ومشرطاً للإجهاز على كثير من
أركانه التي قدروا أنها غير متفقه مع تلك المواثيق فالجهاد ترجم إلى عنف يتناقض مع
تلك المواثيق "فاربيخ"وأبواب النظام السياسي والاقتصادي في الإسلام وقانون الأسرة
في الإسلام فكراً شمولي يتناقض مع تلك المواثيق فيشطب، وهكذا دخلت المدرسة بشكل
مباشر في المعركة السياسية والحضارية ضد الهوية والديمقراطية وأنصارهما لتساند
العمل الأمني والدبلوماسي والإعلامي وسائر أجهزة الدولة التي تحولت إلى جهاز حربي
لتدمير ثقافة الجماهير لصالح الأقليات الحاكمة وتأبيد سيطرتها ومصالحها تحت لا فته
مقاومة الأصولية وهذا المنظور الشامل للمعركة له أنصاره جاهدون في تصديره إلى
البلدان العربية والإسلامية على أنه اكتشاف خاص ناجح في مقاومة هذا العدو المشترك
وبموازاة هذه الخطة التي يجري العمل بها في معظم البلدان العربية بأحجام وسرع
مختلفة حسب ما تطيق تتقدم خطة التطبيع دون ضجيج كبير وتدخل فيها ليس فقط الأول
الطوق وإنما الغالبية المطلقة للبلدان العربية والإسلامية وكذلك إدماج المنطقة في
السوق الدولية وفي هذا الإطار تتنزل الحملة ضد الأصولية وأنصار الحربية والهوية
والعدالة والحدة بشكل عام.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد