;

لأجل عمارة الأرض خلقنا أحراراً ومسؤولين .. الحلقة الـ«41» 1428

2010-04-18 04:01:36

صفحه من
كتاب


إن الحرية هنا ليست مجرد إباحة ولا
معطى وجودي وإنما هي من ناحية واجب وهي من ناحية أخرى كدح متواصل لتجاوز الضرورة
عبر مجاهدة النفس لحملها على معالي الأمور ومجاهدة قوى الشر والجهالة في الخارج
لإعلاء كلمة الحق والعدل والحرية عبر المجاهدة والجهاد على اختلاف أبعاده وبالتعاون
مع الآخر وعلى قدر ذلك يحقق المؤمن كسبه من الحرية.

إن العقيدة الفلسفية الرئيسية التي تقوم عليها الحكومة الإنسانية
في الإسلام هي الإيمان بالله والرسالة واليوم الآخر وأن الإنسان مستخلف عن الله قد
وهب العقل والإرادة والحرية والمسؤولية من أجل عمارة الأرض وتسخير طاقاتها لإقامة
العدل والخير والحرية وجاء الوحي عوناً له وهادياً لتحقيق المشروع الإلهي في
الارتقاء المادي والروحي بحياته حتى يتأهل للسعادة المطلقة والخلود والرضوان وإن
انقطاع الوحي هو علامة رشد وسيادة للبشرية فالبشرية كلها في هذا التصور مستخلفة عن
الله وهي صاحبة السلطة نيابة عن الله ولأن السلطة المخولة من الله للجماعة لا يمكن
عملياً أن تديرها مباشرة وتحتم إيكالها بمقتضى عقد لمن يقوم بها وفق القانون ورقابة
الشعب وهما السلطة المؤسسة للدولة الإسلامية.
بقاء الإجماع والشورى: النص:
المصدر الأول والأساسي لشرعية كل حكم في النظرية الإسلامية الأساسية تستمد من قبوله
الكامل بالاحتكام إلى القانون الإسلامي بلا منازعة ولا تحرج فالنص من الكتاب والسنة
ثابت الورود وقطعي الدلالة هو الحاكم الأعلى والسلطة التي لا تعلوها سلطة والقاعدة
الأساسية التي قام عليها المجتمع الإسلامي وحفظته فهو السلطة المؤسسة الموجهة
والمنظمة للجماعة والدولة والحضارة وعلى أساس هذه القاعدة وفي إطارها قامت
الاجتهادات والمنازعات والإبداعات الحضارية الإسلامية النص سبب بقاء الاجتماع
الإسلامي والشورى أداة تجسيده وتطويره وازدهاره ولقد كان التمييز واضحاً بين هذه
السلطة العليا الموجهة وبين المفهوم والآراء مما هو فكر واجتهاد يستمد قوته
التنفيذية من المصدر الثاني: الشورى في شكل من أشكالها: الإجماع أو الأكثرية
الاجتهاد الفردي والجماعي.
الشورى: هي الأصل الثاني الذي يقوم عليه حكم الإسلام
باعتبار أن القرآن قد نص على استخلاف الأمة وحقها في المشاركة في شؤون الحكم بل إن
ذلك من واجباتها والجماعة والبيعة وأولو الأمر "وأهل الحل والعقد" والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وعلاقتها كصور لها وتطبيقات في المجتمع ولكن أسباباً كثيرة صرفتها
إلى المستوى الفردية بدل تحويلها من خلال الاجتهاد الجماعي إلى مؤسسات للحكم وذلك
ما أنجزه إلى حد كبير الفكر الغربي الحديث.
أصحاب الحل والعقد. .
أهل الشورى:
إن أهل الشورى هم جماعة أهل الحل والعقد وهم الهيئة الممثلة للجماعة الإسلامية
بتكتلاتها ومراكز القوة فيها وليس الخليفة إمام أو الرئيس إلا واحداً منها معبراً
عن إرادتها في إقامة الشريعة ورعاية المصالح وفي توجهات تلك الهيئة وتحت رقابتها
والمجتمع فضلاً عن رقابة ضمير الديني وهكذا ولأنه كان التشريع التفصيلي وتنزيل
المبادئ والمقاصد على الواقع المتغير بسبب ما اتسم به النص من غنى ومحدودية
وعمومية. .
فهو غالباً لم يزد عن كونه توجيهات عامة ومقاصد تجعل للأمة الملتزمة
والمشبعة بها مجالاً واسعاً للفهم والاختلاف والثراء دون أن يحيف ذلك على وحدتها
وذلك من خلال آليات الشورى. .
بل أن إلتزام تلك التوجيهات والتعاليم كالتزام
الشورى يهب الأمة عصمة من الاجتماع على الخطأ ولقد أثبت البحث أن المعصوم ليس بعض
الأمة وإنما مجموعها الملتزم النص والشورى.
أما الأمة في إطار المشروعية العليا
للنص ويدرأ عنها شبح الاستبداد فكل طريق لاستبانه اتجاه الرأي العام والتعرف إلى من
يحوز ثقة الأمة وهو جائز وبسبب ما جاء في النص الإسلامي من مرونة في المجال السياسي
وعمومية يمكن تصور صيغ للشورى الإسلامية وللمجتمعات الإسلامية بغير نهاية ولا حد
وفي استعراض البحث ما اشترطه الفقهاء من شرائط لأعضاء الهيئة الشورية: يؤكد
المواطنة ثم أنه في دولة أغلبها مسلمون ستكون الهيئة الشورية ذات أغلبية إسلامية
إلا أنه ليس هناك ما يمنع تمثيل الأقليات غير الإسلامية ولا خشية من ذلك على سلامة
المشروعية العليا الإسلامية طالما احترام الدستور الإسلامي وهو بالتأكيد قائم على
مبادئ الإسلام ولا مانع لمطلوب وجود مجلس يضمن دستورية القوانين على إلا يحتكر فهم
النصوص أو يدعى النطق باسمها فحرية الاجتهاد تبقى أبداً مفتوحة.
وللشورى إلى
جانب بعدها التشريعي الذي جعل للأمة دوراً تشريعياً أبعاد أخرى.
الشورى
السياسية: الشورى السياسية: وتتمثل في اعتبار الإمامة عقداً وأن الأمة هي الموجب
له وهي صاحب السلطة والسيادة على حكامها في إطار المشروعية العليا للوحي فلا خلافة
إلا ببيعة حقيقية الأمر الذي يجعل الحكم الإسلامي حكماً ديمقراطياً بكل ما في
الكلمة من معنى وأنه حكم مدني من كل وجه إذ ليس للدولة أو الحاكم أي امتيازين ديني
وحتى إذا كان الخليفة أي رئيس الدولة من أهل الاجتهاد فليس لاجتهادات أي امتياز
ولابد لها من أجل اكتساب الصفة التشريعية أن تمر كسائر الاجتهادات الأخرى
بالمناقشات العامة لإقرار العمل بها من عدمه.
ولقد أيد البحث الترجيح بالإجماع
أي الثلثين وأكثر وينتهي البحث إلى أن الدولة الإسلامية ضرورة اجتماعية وحقيقة
شرعية فوجودها بالضرورة والنص وإدارتها بالشورى فهي حكمة النص والشورى ورجح البحث
أنه لا وراثة ولا عصمة ولا وصية ولا استخلاف في النظام الديمقراطي فإن هذا الأخير
أقرب الأنظمة إلية، الأمر الذي يسمح لنا بالحديث عن ديمقراطية إسلامية مصدر سلطاتها
الوحيد الأمة واعتبار المواطنة أي الاشتراك في الجماعة السياسية وليس بالضرورة
الاشتراك في العقيدة أساساً رئيسياً للدولة ومعنى ذلك إمكان تعدد الدولة الإسلامية
بتعدد الجماعات السياسية رغم أن ذلك مخالف الأصل وهو وحدة الدولة الإسلامية بعامل
الارتباط بين الديني والسياسي في التصور الإسلامي الأمر الذي يجعل أمة الإسلام
جماعة سياسية واحدة وسواء رجح التعدد إلى الضرورة أو إلى تباعد الأمصار فإن الخلافة
أي الإطار السياسي الموحد الذي يلتقي فيه مفهوم الأمة مع مفهوم الدولة والسياسي
بالديني وهو الثمرة الطبيعية لعقيدة التوحيد الإسلامية تبقى هدفاً لجهاد الأمة لا
يحل ولا يصلح لها التنازل عنه بل ينبغي السعي إليه بتدرج وإذن فدولة التجزئة وضع
شاذ لا يقبل إلا استثناء. .
وإن الديمقراطية هي طريق الانتقال من الدولة القطرية
والقومية إلى دولة الفكرة دولة الأمة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد