بقلم /
أبو زيد بن عبد القوي
أبو زيد بن عبد القوي
المذهب الزيدي من أعظم المذاهب
الإسلامية على الإطلاق فقد فتح باب الاجتهاد على مصراعيه في الوقت الذي أغلقت بقية
المذاهب ذلك الباب والمذهب الزيدي نبغ فيه المئات من العلماء المجددين أمثال الإمام
الهادي والإمام يحي بن حمزة والإمام المهدي والمقبلي وابن الوزير وابن الأمير
والشوكاني وغيرهم لكن بقيت قضية الجارودية حجر عثرة وسبب من الأسباب التي استغلها
الكثير للهجوم على المذهب الزيدي
وتشويه صورته النقية !! وكنت قد عزمت على كتابة بحث موسع عن الجارودية وعلاقتها
بالزيدية بعد أن قرأت كتاب الإمام العلامة يحي بن حمزة - رحمه الله تعالى -
"الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب أصحاب خير المرسلين" والذي هاجم فيه "الجارودية"
ونفى أن يكون أحد من علماء أهل البيت متبعاً لأبي الجارود وأثناء البحث اطلعت على
بحث أخر للعلامة المحقق السيد زيد بن علي الوزير في "المسار" المجلد العاشر - العدد
الثاني صيف 2009 أطرحه هنا لنستفيد منه قبل أن أنشر بحثي الشخصي وسأستقبل أي
تعليقات أو إضافات من القراء على البريد الإلكتروني (writerw1@hotmail. com) حتى لو
كانت مخالفة فالهدف وجه الله تعالى فإلى البحث والذي سأنقله بحذافيره وأضيف إليه
بعض العناوين فقط : أضواء على أبي الجارود وللمزيد من تسليط الأضواء على "أبي
الجارود" من أجل توسيع المعرفة بأفكاره المضادة "للزيدية" ننقل ما ذكره الإمام
"أحمد بن علي بن حجر العسقلاني" ( ت852 ) في "تهذيب التهذيب" من ترجمته ، قال : (
"زياد بن المنذر الهمداني" ويقال : النهدي ، ويقال الثقفي : "أبو الجارود" الأعمى
الكوفي.
روى عن "خطية العوفي" وأبي الجحاف "داود ابن أبي عوف" و "أبي الزبير" و
"الأصبغ بن نباتة" ، و "أبي بردة بن أبي موسى" و "أبي جعفر الباقر" ، و "عبد الله
بن الحسن بن الحسن" و "الحسن البصري" و "نافع ابن الحارث" و هو "نفيع أبو داود
الأعمى" وغيرهم.
( وعنه "مروان بن معاوية الفزاري" و "يونس بن بكر" و"علي بن
هاشم بن البريد" و "عمار بن محمد" ابن أخت "سفيان" و "محمد بن بكر البرساني" و
"محمد بن سنان" (العوقي) (13) وغيرهم.
( قال "عبد الله بن أحمد عن أبيه" : متروك
الحديث وضعفه جداً ، وقال "معاوية ابن صالح" عن "يحي بن معين" : كذاب عدو الله ليس
يسوى فلساً.
وقال "الدوري" عن "يحي" كذاب.
وقال "الآجري" عن "أبي داود" :
كذاب سمعت "يحي" يقوله.
وقال "البخاري": يتكلمون فيه ، وقال "النسائي" : متروك
وقال في موضع آخر : ليس بثقة.
وقال "أبو حاتم" (في) (14) الثاقب : ضعيف
.
وقال "يزيد بن زريع" ل "أبي عوانة" : لأتحدث عن "أبي الجارود" فإنه أخذ كتابه
فأحرقه.
وقال "أبو حاتم بن حبان" : كان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنهم ، ويروي في فضائل "أهل البيت" رضي
الله عنهم أشياء ما لها أصول ، لا يحل كتب حديثه.
وقال "ابن عدي" : عامة أحاديثه
غير محفوظة ، وعامة ما يرويه عن فضائل "أهل البيت" وهو من المعدودين من أهل الكوفة
الغاليين وأحاديثه عمن يروي عنه فيها نظر.
وقال "النوبختي" : في مقالات الشيعة :
والجارودية منهم أصحاب أبي الجارود زياد بن المنذر.
روى له الترمذي حديثاً
واحداً في إطعام الجائع.
قلت : قال "يحي بن يحي النيسابوري" : يضع الحديث ، حكاه
"الحاكم" في "التاريخ".
وقال "ابن عبد البر" : اتفقوا على أنه ضعيف الحديث منكر
ونسبه بعضهم إلى الكذب.
قلت وفي الثقات ل"ابن حبان" : "زياد بن المنذر" روى عن
"نافع بن الحارث" ، وعنه "يونس ابن بكير" فهو هو غفل عنه "ابن حبان" وذكره
"البخاري" في فصل من مات من الخمسين ومائة إلى الستين )(15).
نستفيد من هذا النص
: - أن أبا الجارود "منذر بن زياد" منكر الرواية ، والناس متشددون في الإنكار عليه
أو مقلون ، ولم يقل أحد فيه - من خارج "الجارودية" - خيراً.
- كان له كتب
ومؤلفات في الحديث.
- وصفه بأنه من الغالية ، ولم يصفه بأنه زيدي مغال.
بل
لم يذكره في هذا النص ضمن "الزيدية".
أخلص من هذا كله إلى طرح تساؤل : ماذا بقي
من "الزيدية" لو كانت ترى كفر "الصحابة" ، وكفر الأمة ، وضلال الأمة ؟ سوف تتجاوز
"الزيدية" بهذا القول كل متطرف ، والعجب الأخرس أن كثيرين من "الزيدية" - الهادوية"
يتباهون بأنها منهم و وهي بهذا المعتقد الذي يخالف معتقدات الإمامين "زيد" و
"الهادي" مخالفة جوهرية.
رؤية داخلية تلك رؤية جئنا بها من الخارج ، وعلينا أن
نأتي برؤية من داخلها.
قال الإمام "عبد الله بن حمزة" : ( إن "الزيدية" على
الحقيقة هم "الجارودية" ولا يعلم من وقت "زيد بن علي" من "الزيدية" من ليس بجارودي
، وأتباعهم كذلك) (16).
وهو قول لا يتطابق قط مع أفكار "الزيدية" بأية حال ،
ولكن الإمام عبد الله بن حمزة" ولأسباب سياسية وجد نفسه قريبا من هذا التكفير ، فهو
يستبيح دم كل من يدعي الإمامة من غير العلويين ، وبتحديد أدق من غير البطينين
.
وكان "أبو الجارود" أول من أطلق مصطلح البطنين فوجد فيه الإمام "عبد الله بن
حمزة" بغيته المنشودة ، ولكي يعمق تبنيه لفكره السياسي فقد وجد في مصطلح البطنين
تشريعاً قاسياً لما يراه ، ومن ثم خلط "الجارودية" - في نشوة فرح مدمرة - ب
"الزيدية" خلطاً تاماً ليعطي لهذا القول الغريب تشريعاً زيدياً في حين أنه أعطى
الزيدية عمقاً جارودياً مضراً.
أكبر أئمة اليمن والجارودية إزاء قول الإمام "عبد
الله بن حمزة" نستحضر قول الإمام "يحي بن حمزة" وهذا الإمام واحد من أكبر أئمة
"اليمن" - إن لم أقل أكبرهم - علماً وأكثرهم إنصافاً ، وأجدرهم تمثيلاً ، وهو يرد
في أدب جم وخلق رفيع ، وعلم عميق كما هي عادته على ما ذهب إليه الإمام "عبد الله بن
حمزة" بقوله : ( ليس غرضه من هذه الحكاية أن يكون هو والأئمة السابقون متابعين
للجارودية ؛ فقدرهم أعلى وأشرف من أن يكونوا متابعين للجارودية في جميع الحالات ،
وكيف يقال بأن الأئمة السابقين والمقتصدين متابعون "للجارودية" وهو أحق بالمتابعة
لهم ، فكيف يكونوا متابعين له ، وهذا مما لا يتسع له عقل أصلاً ، وقد حكمنا أن "أبا
الجارود" رجل من "عبد القيس" كان من أصحاب زيد ، وإنما غرض الإمام المنصور بالله
سلام الله عليه هو أن ألائمة من بعده قائلون بأن إمامته ثابتة بالنص كمقالته ، لا
لأنهم متابعون له في القول بإكفار الصحابة وتفسيقهم ، وحاشا لفكرته الصافية وعزيمته
السامية أن يكون متضمخاً برذائل التقليد "للجارود" وغيره ، وإذا كان ولا بد من
المتابعة ف "زيد بن علي" أحق بالتقليد من غيره" ولهذا فإن "الجارود" كان متابعاً
له ، وكان من جملة أصحاب "زيد" ، فكيف يظن من له بصيرة أو أدنى خبرة من المنصور
بالله وممن سبقه من الأئمة السابقين أن يكونوا أتباعاً "للجارود" ، هذه غاية الغفلة
) (17).
هذا النص يبعد "أبا الجارود" عن الإمام زيد ولا يؤهله أن يكون على مذهبه
، ولربما كانت صحبته ل "زيد" هي التي جعلت البعض يلحقه ب "الزيدية" في حين أن هذه
الصحبة لا تعني أنه تابعه ، وعلى مذهبه ، وقد أيد الإمام "زيد" وخرج معه ، علماء
الفرق الإسلامية بما فيها بعض أفراد من "الخوارج" ، وقد بايع الإمام الأعظم "أبو
حنيفة" الإمام "إبراهيم بن عبد الله" وقال بإمامته ، ومع ذلك فلم يكن "أبو حنيفة"
زيدياً ، فالمتابعة في الموقف السياسي ليس متابعة في المذهب - كما قلنا.
زيد بن
علي والنص الخفي ثم لم يثبت حتى الآن أن الإمام "زيد بن علي" قال بالنص الخفي بدليل
تبنيه للخلفاء الراشدين ، فكيف يجوز للإمام "زيد" - وهو الآمر بالحق والمضحي من
أجله - أن يخالف نصاً خفياً أو جلياً ؛ فهذا القول بالنص الخفي - وهو من مذهب
"الجارود" - هو رأي "القاسم بن إبراهيم" وحفيده الهادي "يحي بن الحسين" وبعض
"الهادوية" لكنهم تبنوا هذا الرأي ، ولم يتبنوا تكفير الأمة وتضليلها.
وليس
اقتباس رأي من هنا ، أو من هناك ، يكفي لدمج هذا بذلك ، وعلى هذا فهناك "جارودية"
وهناك "زيدية" أي وجود فرقتين متميزتين منفصلتين.
ثم إذا كان قدر أئمة الزيدية
أعلى وأشرف من أن يكونوا متابعين للجارودية فكيف تكون هذه الفرقة
منهم.
!!؟.
براءة من الجارودية ثم يقول الإمام "يحي بن حمزة" : ( وهم مختصون
من بين سائر فرق "الزيدية" بالتخطئة للصحابة وتفسيقهم ، وقد نقل عن بعضهم إكفار بعض
الصحابة ، والله حسبهم فيما زعموه واعتقدوه وهو لهم بالمرصاد ، وهذه المقالة
(التكفير) لا تنسب إلى أحد من أكابر أهل البيت وعلمائهم وأئمتهم ، وقد ذكرنا
وتأولنا ما حكي عن الإمام المنصور بالله عليه السلام ، وعلى الجملة فهذه فرية ليس
فيها مرية ، ونحن نبرأ إلى الله من هذه المقالة ) (18).
ومع أن هذا الإمام
الكبير ينسف التلاقي بينهما من الأساس إلا أنه عدَّهم من فرق "الزيدية" وفي الوقت
نفسه نسف وجود التلاقي من الأساس ؟ فكيف يهضم هذا التعارض ؟.
أعتقد أن الإمام
كان يتحدث عما قد تعارف الناس عليه ، لا بما هو واقع في ذاته ، ولم أجد تعليلاً
أفضل من هذا لمحو ما يبدو على كلامه عليه السلام من تناقض ؟.
ويقول : ( وأعلم
أنه ليس أحد من فرق الزيدية أطول لساناً ولا أكثر تصريحاً بالسوء في حق الصحابة من
هذه الفرقة أعني "الجارودية" ، وأما سائر فرق "الزيدية" فليسوا قائلين بإكفار ولا
إفساق و ولكن أكثر ما يعتقدون الخطأ في مخالفة النصوص من غير زيادة على هذا )
(19).
ويقول : ( لولا أن المذاهب لا بد من إسنادها إلى قائلها لكان أهلاً أن لا
ينقل عنه هذا المذهب لمخالفته لمذاهب الأمة وما هو المشهور من مذاهب العترة ، فهذه
بدعة ابتدعها من نفسه وفرية افتراها من جهته ، لم يقم عليها دلالة ولا برهان ولا
صدرت عن عقيدة ملحمة بإيمان ، ولقد كان يكفيه عن هذه المقالة التولي لأمير المؤمنين
والتفضيل له على غيره من الصحابة وإثبات إمامته بالنصوص من غير تعريض لتكفير ولا
تفسيق ، ومن أعظم البراهين على بطلان هذا المذهب أعني مذهب "الجارود" وبإجترائه على
الوقاحة بتفسيق الصحابة وإكفارهم هو أن كتبنا ونقل الأئمة السابقين من آبائنا
مملوءة من مذاهبهم ورواياتهم ومضطربات اجتهادهم ما أعلم كتاباً من كتاب الأئمة إلى
وفيه ذكر الصحابة : إما إعتضاداً لمذهبهم ، وإما تصحيحاً لرواياتهم ، وإما اعتماداً
على قولهم ، ومن يكون كافراً أو فاسقاً لا يعول على قوله ) (20).
وأنا مع الإمام
العظيم في قوله : لولا ن المذاهب لا بد من إسنادها إلى قائلها لكان أهلاً أن لا
ينقل عنه هذا المذاهب ، وعليه وقد نقل عن "أبي الجارود" هذا المذهب فأحق به أن ينسب
إليه وأن يسمى "الجارودية" ، كفرقة أو مذهب مستقل ، وفي هذه الحالة لا معنى أن يضم
إلى فرق "الزيدية" لأن هذا الإسناد سيكون إسناد لقيط ، لا إسناد نسب حقيقي
.
وأخلص إلى القول أن "الجارودية" مذهب مستقل قبس بعض "الزيدية" منه النص الخفي
وإمامة البطنين ، كما تقبس المذاهب من بعضها بعضاً بدون أن تلحق بهذا أو
بذاك.
ومرة أخرى أسأل : ماذا بقي من صلات بين "الزيدية" وبين "الجارودية" وهما
على هذا الوضع التناقض؟ كيف أصبح زيدياً من ابتدع فرية واجترح وقاحة ؟ كيف
؟كيف؟.
خروج الجارودية على الإمام زيد ونتجاوز الرؤيتين الخارجتين ، ونطل على
أبحاث المعاصرين يقول البروفيسور الدكتور "أحمد محمود صبحي" : ( وخرجت الجارودية
على الإمام زيد حين رفض الطعن في الشيخين.
كما ذهبت بعض فرقها إلى القول
بالإمام الغائب واختلفوا في شخصه بين "محمد النفس الزكية" وبين "ابن القاسم" صاحب
"الطالقان" ، وبين "يحي بن عمر" بالوصف دون التسمية ، وأن الإمامة فيمن خرج من
أولاد "فاطمة" داعياً إلى نفسه ، مستوفياً شروط الإمامة ، غير أن هذه الفرق الثلاث
( الصالحية أو البترية ، والسليمانية أو الجريرية والجارودية ) لم تصمد خلال عصور
التاريخ الزيدي ، إذ لا نكاد نجد من بين علماء "الزيدية" اللاحقين منتسباً إلى فرقة
من هذه الفرق ، ويبدوا أنه لا بد من إمام حتى يستجيب لدعوته المتشيعون ، ولم يكن
أحد مؤسسي هذه الفرق من بين الأئمة أياً ما كانت درجتهم في العلم والفضل والجهاد
)(21).
ويقول أيضاً : ( لقد قال الإمام المنصور أن أئمة "الزيدية" وعلماءهم
متابعون "للجارودية" غير أن غرضه أنهم متابعون لهم في القول بالنص الخفي على "علي"
لا فيما ورد عن "أبي الجارود" من تفسيق الصحابة ، فذلك ما لم يرد عن أحد من أئمة
"الزيدية" ) (22).
ويقول البروفسور "سرجينت" : ( تكوين مفهوم ما عن الاتجاه
الزيدي في الفكر يكفي مراجعة المذاهب الستة التي صنفها "الأشعري" والتي لا يوافقه
عليها الآخرون تماماً ، ومن هؤلاء "الجارودية" والتي تعتبر الفرع المتطرف ، من حيث
رفضها لإمامة "أبي بكر" و "عمر" والإصرار على وجود "النص" بتعيين "علي" كخلفية
ل"محمد" ، وعليه فإن الآراء التي يعتنقونها تتعارض مع آراء "زيد" نفسه.
)
(23).
ويقول د.
"أحمد شوقي إبراهيم العمرجي" عن "الجارودية" : ( تسمى بهذا
الاسم نسبة إلى مؤسسها أبي الجارود "زياد بن المنذر العبدي" (توفى ما بين 150/160 )
ويكنى أبا النجم (24) ويقال له النهدي (25) والثقفي والكوفي (26) وكان من أتباع
"محمد الباقر" ثم ابنه "جعفر" ثم تركهما ولحق ب "الزيدية" (27) وقد روى عن "محمد
الباقر" بعض التفاسير (28) ولقبه "الباقر" سرحوباً ، وفسر "الباقر" نفسه هذا اللقب
بأنه شيطان يسكن البحر (29) وقال عنه "جعفر الصادق" : إنه أعمى القلب والبصر (30)
ويصفه "النسائي" بأنه متروك وليس بثقة (31) وقد رماه "ابن معين" بالكذب (32) وقال
عنه "ابن حبان" : إنه يضع الحديث في الفضائل والمثالب (33).
الهامش (13)
المعقوفين من المحققين.
(14) المعقوفين مني.
(15) أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني ، تهذيب التهذيب ، تحقيق الشيخ خليل مأمون شجا ، والشيخ عمر السلامي ،
والشيخ علي بن مسعود ، بيروت : دار المعرفة ، الطبعة الأولى 1417/1996، م2 ص230-
231(16) يحي بن حمزة : الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين مطبوعة
مصورة عما نشره محمد زبارة في مجموع الرسائل اليمنية ، صنعاء مكتب دار التراث ،
الطبعة الأولى 1411/1990 ، ص42.
(17) يحي بن حمزة : الرسالة الوازعة للمعتدين
، ص42.
(18) يحي بن حمزة ، الرسالة الوازعة ، ص59.
(19) المصدر السابق
ص42.
(20) المصدر نفسه ص59-60.
(21) د.
أحمد محمود صبحي : الزيدية ،
القاهرة : الزهراء للإعلام ، الطبعة الثانية 1404/1984، ص105- 106.
(22) المصدر
السابق ص21-322.
(23) مجلة المسار : السنة السادسة ، العدد 18 ، ص116.
(24)
العمرجي ومصدره أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت852 ) تهذيب التهذيب حيدر أباد
الدكن : الطبعة الأولى 1325، ج3 ص386.
(25) شمس الدين محمد بن علي بن أحمد )
الداؤدي ( ت945 ) طبقات المفسرين تحقيق علي محمد عمر ، القاهرة : مكتبة وهبة ،
الطبعة الأولى 1392/1972، ج2 ص99.
(26) ( أبو محمد الحسن بن موسى ) النوبختي (
ت310 ) فرق الشيعة ، منشورات دار الأضواء : بيروت الطبعة الثانية 1404/1984
ص55.
(27) ( محمد بن إسحاق ) ابن النديم ، (ت385) الفهرست ، بيروت : دار المعرفة
، بدون تاريخ ، ص50.
( أبي جعفر محمد بن الحسن ) الطوسي ( ت460 ) الفهرست ،
النجف : المطبعة الحيدرية ، الطبعة الثانية 1380 ، 1961 ص98 الداؤدي ج2
ص99.
ولكني لم أجد ما قاله في فهرست ابن النديم الذي بين يدي ، وكان المفروض أن
يذكر المصدر الأساس.
(28) ( سعد بن عبد الله أبي خلف الأشعري) القمي ( ت301 )
المقالات ، وفرق ، ص71-72.
النوبختي ص55.
( أبو الحسن علي بن إسماعيل )
الأشعري (ت330) مقالات الإسلاميين، ج1 ص140-141.
( أبو الفتح محمد بن عبد الكريم
) الشهرستاني ( ت548) : الملل والنحل ، القاهرة : مطبعة صبيح 1348، ج1 ، ص164.
(
صلاح الدين خليل بين أبيك الصفدي ) الصفدي ( ت764) : الوافي بالوفيات ، تحقيق إحسان
عباس وآخرين ، فيبادن : دار النشر فرانز شتاينر 1381، ج15، ص36.
(29) ابن النديم
: الفهرست ، ص253.
(30) العسقلاني : كتاب الضعفاء والمتروكين ، باكستان :
المطبعة الأثرية ، ص293.
(31) ( أحمد بن أبي الحسن بن إبراهيم ) الحلبي ( ت256)
: التاريخ الصغير ، باكستان : المطبعة الأثرية بدون تاريخ ص185.
(32) (برهان
الدين) الحلبي ( ت841) : الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث ، تحقيق صبحي السامرائي
، بغداد : مكتبة العاني 1402 ص186.
(33) النوبختي : فرق الشيعة ،
ص21.
الأشعري : مقالات الإسلاميين ، ج1 ص141.
(محمد بن طاهر ) المقدسي (
ت340) البدء والتاريخ ، مدينة شالون : مطبعة برطرند 1899، ج5 ص133.
(عبد القاهر
بن طاهر ) البغدادي (ت429 ؟ ) : الفرق بين الفرق ، بيروت : دار الآفاق الجديدة
1393/1973 ، ص22-23.
( أبو المظفر ) الإسفرياني ( ت471) : التبصير في الدين ،
وتمييز الفرقة الناجية عن فرقة الهالكين ، تحقيق محمد زاهد الكوثري ، القاهرة :
مطبعة الأنوار 1359/1940، ص16.
الشهرستاني : الملل والنحل ج1ص163-164.
( عبد
الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف ) الرسعني ( كان حيا سنة 674) : مختصر كتاب
الفرق بين الفرق ، تحقيق فيليب حتي ، القاهرة : مطبعة الهلال 1614 ص31.
( علي بن
محمد بين السيد الزين أبي الحسن الحسيني ) الجرجاني ( ت816) : التعريفات ، القاهرة
: مطبعة مصطفى الحلبي 1357/1938 ص64.
( أبو العباس نقي الدين أحمد بن عبد الحليم
) ابن تيمية ( ت728) : منهاج السنة في نقض كلام الشيعة والقدرية ، بيروت ، دار
الكتب العلمية ، بدون تاريخ ج1 ص256.
( أحمد بن يحي المرتضى ) ( 840) : القلائد
في تصحيح العقائد ، تحقيق د.
البير نصري نادر ، بيروت : منشورات دار المشرق 1985
ص47.
الإسلامية على الإطلاق فقد فتح باب الاجتهاد على مصراعيه في الوقت الذي أغلقت بقية
المذاهب ذلك الباب والمذهب الزيدي نبغ فيه المئات من العلماء المجددين أمثال الإمام
الهادي والإمام يحي بن حمزة والإمام المهدي والمقبلي وابن الوزير وابن الأمير
والشوكاني وغيرهم لكن بقيت قضية الجارودية حجر عثرة وسبب من الأسباب التي استغلها
الكثير للهجوم على المذهب الزيدي
وتشويه صورته النقية !! وكنت قد عزمت على كتابة بحث موسع عن الجارودية وعلاقتها
بالزيدية بعد أن قرأت كتاب الإمام العلامة يحي بن حمزة - رحمه الله تعالى -
"الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب أصحاب خير المرسلين" والذي هاجم فيه "الجارودية"
ونفى أن يكون أحد من علماء أهل البيت متبعاً لأبي الجارود وأثناء البحث اطلعت على
بحث أخر للعلامة المحقق السيد زيد بن علي الوزير في "المسار" المجلد العاشر - العدد
الثاني صيف 2009 أطرحه هنا لنستفيد منه قبل أن أنشر بحثي الشخصي وسأستقبل أي
تعليقات أو إضافات من القراء على البريد الإلكتروني (writerw1@hotmail. com) حتى لو
كانت مخالفة فالهدف وجه الله تعالى فإلى البحث والذي سأنقله بحذافيره وأضيف إليه
بعض العناوين فقط : أضواء على أبي الجارود وللمزيد من تسليط الأضواء على "أبي
الجارود" من أجل توسيع المعرفة بأفكاره المضادة "للزيدية" ننقل ما ذكره الإمام
"أحمد بن علي بن حجر العسقلاني" ( ت852 ) في "تهذيب التهذيب" من ترجمته ، قال : (
"زياد بن المنذر الهمداني" ويقال : النهدي ، ويقال الثقفي : "أبو الجارود" الأعمى
الكوفي.
روى عن "خطية العوفي" وأبي الجحاف "داود ابن أبي عوف" و "أبي الزبير" و
"الأصبغ بن نباتة" ، و "أبي بردة بن أبي موسى" و "أبي جعفر الباقر" ، و "عبد الله
بن الحسن بن الحسن" و "الحسن البصري" و "نافع ابن الحارث" و هو "نفيع أبو داود
الأعمى" وغيرهم.
( وعنه "مروان بن معاوية الفزاري" و "يونس بن بكر" و"علي بن
هاشم بن البريد" و "عمار بن محمد" ابن أخت "سفيان" و "محمد بن بكر البرساني" و
"محمد بن سنان" (العوقي) (13) وغيرهم.
( قال "عبد الله بن أحمد عن أبيه" : متروك
الحديث وضعفه جداً ، وقال "معاوية ابن صالح" عن "يحي بن معين" : كذاب عدو الله ليس
يسوى فلساً.
وقال "الدوري" عن "يحي" كذاب.
وقال "الآجري" عن "أبي داود" :
كذاب سمعت "يحي" يقوله.
وقال "البخاري": يتكلمون فيه ، وقال "النسائي" : متروك
وقال في موضع آخر : ليس بثقة.
وقال "أبو حاتم" (في) (14) الثاقب : ضعيف
.
وقال "يزيد بن زريع" ل "أبي عوانة" : لأتحدث عن "أبي الجارود" فإنه أخذ كتابه
فأحرقه.
وقال "أبو حاتم بن حبان" : كان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنهم ، ويروي في فضائل "أهل البيت" رضي
الله عنهم أشياء ما لها أصول ، لا يحل كتب حديثه.
وقال "ابن عدي" : عامة أحاديثه
غير محفوظة ، وعامة ما يرويه عن فضائل "أهل البيت" وهو من المعدودين من أهل الكوفة
الغاليين وأحاديثه عمن يروي عنه فيها نظر.
وقال "النوبختي" : في مقالات الشيعة :
والجارودية منهم أصحاب أبي الجارود زياد بن المنذر.
روى له الترمذي حديثاً
واحداً في إطعام الجائع.
قلت : قال "يحي بن يحي النيسابوري" : يضع الحديث ، حكاه
"الحاكم" في "التاريخ".
وقال "ابن عبد البر" : اتفقوا على أنه ضعيف الحديث منكر
ونسبه بعضهم إلى الكذب.
قلت وفي الثقات ل"ابن حبان" : "زياد بن المنذر" روى عن
"نافع بن الحارث" ، وعنه "يونس ابن بكير" فهو هو غفل عنه "ابن حبان" وذكره
"البخاري" في فصل من مات من الخمسين ومائة إلى الستين )(15).
نستفيد من هذا النص
: - أن أبا الجارود "منذر بن زياد" منكر الرواية ، والناس متشددون في الإنكار عليه
أو مقلون ، ولم يقل أحد فيه - من خارج "الجارودية" - خيراً.
- كان له كتب
ومؤلفات في الحديث.
- وصفه بأنه من الغالية ، ولم يصفه بأنه زيدي مغال.
بل
لم يذكره في هذا النص ضمن "الزيدية".
أخلص من هذا كله إلى طرح تساؤل : ماذا بقي
من "الزيدية" لو كانت ترى كفر "الصحابة" ، وكفر الأمة ، وضلال الأمة ؟ سوف تتجاوز
"الزيدية" بهذا القول كل متطرف ، والعجب الأخرس أن كثيرين من "الزيدية" - الهادوية"
يتباهون بأنها منهم و وهي بهذا المعتقد الذي يخالف معتقدات الإمامين "زيد" و
"الهادي" مخالفة جوهرية.
رؤية داخلية تلك رؤية جئنا بها من الخارج ، وعلينا أن
نأتي برؤية من داخلها.
قال الإمام "عبد الله بن حمزة" : ( إن "الزيدية" على
الحقيقة هم "الجارودية" ولا يعلم من وقت "زيد بن علي" من "الزيدية" من ليس بجارودي
، وأتباعهم كذلك) (16).
وهو قول لا يتطابق قط مع أفكار "الزيدية" بأية حال ،
ولكن الإمام عبد الله بن حمزة" ولأسباب سياسية وجد نفسه قريبا من هذا التكفير ، فهو
يستبيح دم كل من يدعي الإمامة من غير العلويين ، وبتحديد أدق من غير البطينين
.
وكان "أبو الجارود" أول من أطلق مصطلح البطنين فوجد فيه الإمام "عبد الله بن
حمزة" بغيته المنشودة ، ولكي يعمق تبنيه لفكره السياسي فقد وجد في مصطلح البطنين
تشريعاً قاسياً لما يراه ، ومن ثم خلط "الجارودية" - في نشوة فرح مدمرة - ب
"الزيدية" خلطاً تاماً ليعطي لهذا القول الغريب تشريعاً زيدياً في حين أنه أعطى
الزيدية عمقاً جارودياً مضراً.
أكبر أئمة اليمن والجارودية إزاء قول الإمام "عبد
الله بن حمزة" نستحضر قول الإمام "يحي بن حمزة" وهذا الإمام واحد من أكبر أئمة
"اليمن" - إن لم أقل أكبرهم - علماً وأكثرهم إنصافاً ، وأجدرهم تمثيلاً ، وهو يرد
في أدب جم وخلق رفيع ، وعلم عميق كما هي عادته على ما ذهب إليه الإمام "عبد الله بن
حمزة" بقوله : ( ليس غرضه من هذه الحكاية أن يكون هو والأئمة السابقون متابعين
للجارودية ؛ فقدرهم أعلى وأشرف من أن يكونوا متابعين للجارودية في جميع الحالات ،
وكيف يقال بأن الأئمة السابقين والمقتصدين متابعون "للجارودية" وهو أحق بالمتابعة
لهم ، فكيف يكونوا متابعين له ، وهذا مما لا يتسع له عقل أصلاً ، وقد حكمنا أن "أبا
الجارود" رجل من "عبد القيس" كان من أصحاب زيد ، وإنما غرض الإمام المنصور بالله
سلام الله عليه هو أن ألائمة من بعده قائلون بأن إمامته ثابتة بالنص كمقالته ، لا
لأنهم متابعون له في القول بإكفار الصحابة وتفسيقهم ، وحاشا لفكرته الصافية وعزيمته
السامية أن يكون متضمخاً برذائل التقليد "للجارود" وغيره ، وإذا كان ولا بد من
المتابعة ف "زيد بن علي" أحق بالتقليد من غيره" ولهذا فإن "الجارود" كان متابعاً
له ، وكان من جملة أصحاب "زيد" ، فكيف يظن من له بصيرة أو أدنى خبرة من المنصور
بالله وممن سبقه من الأئمة السابقين أن يكونوا أتباعاً "للجارود" ، هذه غاية الغفلة
) (17).
هذا النص يبعد "أبا الجارود" عن الإمام زيد ولا يؤهله أن يكون على مذهبه
، ولربما كانت صحبته ل "زيد" هي التي جعلت البعض يلحقه ب "الزيدية" في حين أن هذه
الصحبة لا تعني أنه تابعه ، وعلى مذهبه ، وقد أيد الإمام "زيد" وخرج معه ، علماء
الفرق الإسلامية بما فيها بعض أفراد من "الخوارج" ، وقد بايع الإمام الأعظم "أبو
حنيفة" الإمام "إبراهيم بن عبد الله" وقال بإمامته ، ومع ذلك فلم يكن "أبو حنيفة"
زيدياً ، فالمتابعة في الموقف السياسي ليس متابعة في المذهب - كما قلنا.
زيد بن
علي والنص الخفي ثم لم يثبت حتى الآن أن الإمام "زيد بن علي" قال بالنص الخفي بدليل
تبنيه للخلفاء الراشدين ، فكيف يجوز للإمام "زيد" - وهو الآمر بالحق والمضحي من
أجله - أن يخالف نصاً خفياً أو جلياً ؛ فهذا القول بالنص الخفي - وهو من مذهب
"الجارود" - هو رأي "القاسم بن إبراهيم" وحفيده الهادي "يحي بن الحسين" وبعض
"الهادوية" لكنهم تبنوا هذا الرأي ، ولم يتبنوا تكفير الأمة وتضليلها.
وليس
اقتباس رأي من هنا ، أو من هناك ، يكفي لدمج هذا بذلك ، وعلى هذا فهناك "جارودية"
وهناك "زيدية" أي وجود فرقتين متميزتين منفصلتين.
ثم إذا كان قدر أئمة الزيدية
أعلى وأشرف من أن يكونوا متابعين للجارودية فكيف تكون هذه الفرقة
منهم.
!!؟.
براءة من الجارودية ثم يقول الإمام "يحي بن حمزة" : ( وهم مختصون
من بين سائر فرق "الزيدية" بالتخطئة للصحابة وتفسيقهم ، وقد نقل عن بعضهم إكفار بعض
الصحابة ، والله حسبهم فيما زعموه واعتقدوه وهو لهم بالمرصاد ، وهذه المقالة
(التكفير) لا تنسب إلى أحد من أكابر أهل البيت وعلمائهم وأئمتهم ، وقد ذكرنا
وتأولنا ما حكي عن الإمام المنصور بالله عليه السلام ، وعلى الجملة فهذه فرية ليس
فيها مرية ، ونحن نبرأ إلى الله من هذه المقالة ) (18).
ومع أن هذا الإمام
الكبير ينسف التلاقي بينهما من الأساس إلا أنه عدَّهم من فرق "الزيدية" وفي الوقت
نفسه نسف وجود التلاقي من الأساس ؟ فكيف يهضم هذا التعارض ؟.
أعتقد أن الإمام
كان يتحدث عما قد تعارف الناس عليه ، لا بما هو واقع في ذاته ، ولم أجد تعليلاً
أفضل من هذا لمحو ما يبدو على كلامه عليه السلام من تناقض ؟.
ويقول : ( وأعلم
أنه ليس أحد من فرق الزيدية أطول لساناً ولا أكثر تصريحاً بالسوء في حق الصحابة من
هذه الفرقة أعني "الجارودية" ، وأما سائر فرق "الزيدية" فليسوا قائلين بإكفار ولا
إفساق و ولكن أكثر ما يعتقدون الخطأ في مخالفة النصوص من غير زيادة على هذا )
(19).
ويقول : ( لولا أن المذاهب لا بد من إسنادها إلى قائلها لكان أهلاً أن لا
ينقل عنه هذا المذهب لمخالفته لمذاهب الأمة وما هو المشهور من مذاهب العترة ، فهذه
بدعة ابتدعها من نفسه وفرية افتراها من جهته ، لم يقم عليها دلالة ولا برهان ولا
صدرت عن عقيدة ملحمة بإيمان ، ولقد كان يكفيه عن هذه المقالة التولي لأمير المؤمنين
والتفضيل له على غيره من الصحابة وإثبات إمامته بالنصوص من غير تعريض لتكفير ولا
تفسيق ، ومن أعظم البراهين على بطلان هذا المذهب أعني مذهب "الجارود" وبإجترائه على
الوقاحة بتفسيق الصحابة وإكفارهم هو أن كتبنا ونقل الأئمة السابقين من آبائنا
مملوءة من مذاهبهم ورواياتهم ومضطربات اجتهادهم ما أعلم كتاباً من كتاب الأئمة إلى
وفيه ذكر الصحابة : إما إعتضاداً لمذهبهم ، وإما تصحيحاً لرواياتهم ، وإما اعتماداً
على قولهم ، ومن يكون كافراً أو فاسقاً لا يعول على قوله ) (20).
وأنا مع الإمام
العظيم في قوله : لولا ن المذاهب لا بد من إسنادها إلى قائلها لكان أهلاً أن لا
ينقل عنه هذا المذاهب ، وعليه وقد نقل عن "أبي الجارود" هذا المذهب فأحق به أن ينسب
إليه وأن يسمى "الجارودية" ، كفرقة أو مذهب مستقل ، وفي هذه الحالة لا معنى أن يضم
إلى فرق "الزيدية" لأن هذا الإسناد سيكون إسناد لقيط ، لا إسناد نسب حقيقي
.
وأخلص إلى القول أن "الجارودية" مذهب مستقل قبس بعض "الزيدية" منه النص الخفي
وإمامة البطنين ، كما تقبس المذاهب من بعضها بعضاً بدون أن تلحق بهذا أو
بذاك.
ومرة أخرى أسأل : ماذا بقي من صلات بين "الزيدية" وبين "الجارودية" وهما
على هذا الوضع التناقض؟ كيف أصبح زيدياً من ابتدع فرية واجترح وقاحة ؟ كيف
؟كيف؟.
خروج الجارودية على الإمام زيد ونتجاوز الرؤيتين الخارجتين ، ونطل على
أبحاث المعاصرين يقول البروفيسور الدكتور "أحمد محمود صبحي" : ( وخرجت الجارودية
على الإمام زيد حين رفض الطعن في الشيخين.
كما ذهبت بعض فرقها إلى القول
بالإمام الغائب واختلفوا في شخصه بين "محمد النفس الزكية" وبين "ابن القاسم" صاحب
"الطالقان" ، وبين "يحي بن عمر" بالوصف دون التسمية ، وأن الإمامة فيمن خرج من
أولاد "فاطمة" داعياً إلى نفسه ، مستوفياً شروط الإمامة ، غير أن هذه الفرق الثلاث
( الصالحية أو البترية ، والسليمانية أو الجريرية والجارودية ) لم تصمد خلال عصور
التاريخ الزيدي ، إذ لا نكاد نجد من بين علماء "الزيدية" اللاحقين منتسباً إلى فرقة
من هذه الفرق ، ويبدوا أنه لا بد من إمام حتى يستجيب لدعوته المتشيعون ، ولم يكن
أحد مؤسسي هذه الفرق من بين الأئمة أياً ما كانت درجتهم في العلم والفضل والجهاد
)(21).
ويقول أيضاً : ( لقد قال الإمام المنصور أن أئمة "الزيدية" وعلماءهم
متابعون "للجارودية" غير أن غرضه أنهم متابعون لهم في القول بالنص الخفي على "علي"
لا فيما ورد عن "أبي الجارود" من تفسيق الصحابة ، فذلك ما لم يرد عن أحد من أئمة
"الزيدية" ) (22).
ويقول البروفسور "سرجينت" : ( تكوين مفهوم ما عن الاتجاه
الزيدي في الفكر يكفي مراجعة المذاهب الستة التي صنفها "الأشعري" والتي لا يوافقه
عليها الآخرون تماماً ، ومن هؤلاء "الجارودية" والتي تعتبر الفرع المتطرف ، من حيث
رفضها لإمامة "أبي بكر" و "عمر" والإصرار على وجود "النص" بتعيين "علي" كخلفية
ل"محمد" ، وعليه فإن الآراء التي يعتنقونها تتعارض مع آراء "زيد" نفسه.
)
(23).
ويقول د.
"أحمد شوقي إبراهيم العمرجي" عن "الجارودية" : ( تسمى بهذا
الاسم نسبة إلى مؤسسها أبي الجارود "زياد بن المنذر العبدي" (توفى ما بين 150/160 )
ويكنى أبا النجم (24) ويقال له النهدي (25) والثقفي والكوفي (26) وكان من أتباع
"محمد الباقر" ثم ابنه "جعفر" ثم تركهما ولحق ب "الزيدية" (27) وقد روى عن "محمد
الباقر" بعض التفاسير (28) ولقبه "الباقر" سرحوباً ، وفسر "الباقر" نفسه هذا اللقب
بأنه شيطان يسكن البحر (29) وقال عنه "جعفر الصادق" : إنه أعمى القلب والبصر (30)
ويصفه "النسائي" بأنه متروك وليس بثقة (31) وقد رماه "ابن معين" بالكذب (32) وقال
عنه "ابن حبان" : إنه يضع الحديث في الفضائل والمثالب (33).
الهامش (13)
المعقوفين من المحققين.
(14) المعقوفين مني.
(15) أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني ، تهذيب التهذيب ، تحقيق الشيخ خليل مأمون شجا ، والشيخ عمر السلامي ،
والشيخ علي بن مسعود ، بيروت : دار المعرفة ، الطبعة الأولى 1417/1996، م2 ص230-
231(16) يحي بن حمزة : الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين مطبوعة
مصورة عما نشره محمد زبارة في مجموع الرسائل اليمنية ، صنعاء مكتب دار التراث ،
الطبعة الأولى 1411/1990 ، ص42.
(17) يحي بن حمزة : الرسالة الوازعة للمعتدين
، ص42.
(18) يحي بن حمزة ، الرسالة الوازعة ، ص59.
(19) المصدر السابق
ص42.
(20) المصدر نفسه ص59-60.
(21) د.
أحمد محمود صبحي : الزيدية ،
القاهرة : الزهراء للإعلام ، الطبعة الثانية 1404/1984، ص105- 106.
(22) المصدر
السابق ص21-322.
(23) مجلة المسار : السنة السادسة ، العدد 18 ، ص116.
(24)
العمرجي ومصدره أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت852 ) تهذيب التهذيب حيدر أباد
الدكن : الطبعة الأولى 1325، ج3 ص386.
(25) شمس الدين محمد بن علي بن أحمد )
الداؤدي ( ت945 ) طبقات المفسرين تحقيق علي محمد عمر ، القاهرة : مكتبة وهبة ،
الطبعة الأولى 1392/1972، ج2 ص99.
(26) ( أبو محمد الحسن بن موسى ) النوبختي (
ت310 ) فرق الشيعة ، منشورات دار الأضواء : بيروت الطبعة الثانية 1404/1984
ص55.
(27) ( محمد بن إسحاق ) ابن النديم ، (ت385) الفهرست ، بيروت : دار المعرفة
، بدون تاريخ ، ص50.
( أبي جعفر محمد بن الحسن ) الطوسي ( ت460 ) الفهرست ،
النجف : المطبعة الحيدرية ، الطبعة الثانية 1380 ، 1961 ص98 الداؤدي ج2
ص99.
ولكني لم أجد ما قاله في فهرست ابن النديم الذي بين يدي ، وكان المفروض أن
يذكر المصدر الأساس.
(28) ( سعد بن عبد الله أبي خلف الأشعري) القمي ( ت301 )
المقالات ، وفرق ، ص71-72.
النوبختي ص55.
( أبو الحسن علي بن إسماعيل )
الأشعري (ت330) مقالات الإسلاميين، ج1 ص140-141.
( أبو الفتح محمد بن عبد الكريم
) الشهرستاني ( ت548) : الملل والنحل ، القاهرة : مطبعة صبيح 1348، ج1 ، ص164.
(
صلاح الدين خليل بين أبيك الصفدي ) الصفدي ( ت764) : الوافي بالوفيات ، تحقيق إحسان
عباس وآخرين ، فيبادن : دار النشر فرانز شتاينر 1381، ج15، ص36.
(29) ابن النديم
: الفهرست ، ص253.
(30) العسقلاني : كتاب الضعفاء والمتروكين ، باكستان :
المطبعة الأثرية ، ص293.
(31) ( أحمد بن أبي الحسن بن إبراهيم ) الحلبي ( ت256)
: التاريخ الصغير ، باكستان : المطبعة الأثرية بدون تاريخ ص185.
(32) (برهان
الدين) الحلبي ( ت841) : الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث ، تحقيق صبحي السامرائي
، بغداد : مكتبة العاني 1402 ص186.
(33) النوبختي : فرق الشيعة ،
ص21.
الأشعري : مقالات الإسلاميين ، ج1 ص141.
(محمد بن طاهر ) المقدسي (
ت340) البدء والتاريخ ، مدينة شالون : مطبعة برطرند 1899، ج5 ص133.
(عبد القاهر
بن طاهر ) البغدادي (ت429 ؟ ) : الفرق بين الفرق ، بيروت : دار الآفاق الجديدة
1393/1973 ، ص22-23.
( أبو المظفر ) الإسفرياني ( ت471) : التبصير في الدين ،
وتمييز الفرقة الناجية عن فرقة الهالكين ، تحقيق محمد زاهد الكوثري ، القاهرة :
مطبعة الأنوار 1359/1940، ص16.
الشهرستاني : الملل والنحل ج1ص163-164.
( عبد
الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف ) الرسعني ( كان حيا سنة 674) : مختصر كتاب
الفرق بين الفرق ، تحقيق فيليب حتي ، القاهرة : مطبعة الهلال 1614 ص31.
( علي بن
محمد بين السيد الزين أبي الحسن الحسيني ) الجرجاني ( ت816) : التعريفات ، القاهرة
: مطبعة مصطفى الحلبي 1357/1938 ص64.
( أبو العباس نقي الدين أحمد بن عبد الحليم
) ابن تيمية ( ت728) : منهاج السنة في نقض كلام الشيعة والقدرية ، بيروت ، دار
الكتب العلمية ، بدون تاريخ ج1 ص256.
( أحمد بن يحي المرتضى ) ( 840) : القلائد
في تصحيح العقائد ، تحقيق د.
البير نصري نادر ، بيروت : منشورات دار المشرق 1985
ص47.