عمار بن ناشر العريقي
والخاصة من المسوؤلين والمتنفذين لأكل الحرام ونهب المال العام واستغلال النفوذ
والسلطة لتحقيق المصالح المادية والشخصية مشكلة بل ظاهرة في محيطنا العربي بعامة
واليمني بخاصة مما جعلنا دولا منهارة فاشلة إدارياً ومالياً، الأمر الذي يهدد
بلداننا في أمنها الداخلي وسلمها الاجتماعي وفي وحدتة أراضيها وتقدمها ورخائها
واستقلالها وسيادتها وصدق الله ((وما
أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)) وقال تعالى: ((قل هو من عند
أنفسكم)) ان تعاطي الأفراد ولاسيما المتنفذين والحكومات للمعاملات المالية المحرمة
التعامل المزري للبنوك والمؤسسات والمصارف والشركات الربوية كل ذلك أسهم في ما نحن
فيه اليوم من مصائب وكوارث وفقر وغلاء وبطالة وتمزق داخلي وتسلط الأعداء والشياطين
والفتن والأمراض النفسية المختلفة كما قال تعالى عن الربا (يمحق الله الربا ويربي
الصدقات) فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) وقال (ص) عن الرشوة (لعن الله
الراشي والمرتشي) فلم يختص اللعن بالطغاة الجبابرة الأقوياء من المرتشين بل وشمل
الضعفاء المهضومين في الدنيا والآخرة من الراشين أيضا تماما كما قال (ص) بشان
الربا( لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء) متفق عليه وهو
مصداق قوله تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) كما شمل الإثم الجميع في قوله
(إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين).
وكذا السرقة والنهب والفرق بينهما إن
السرقة تكون من ضعيف غالبا وعلى وجه الخفية وأما النهب والغصب فيكون علانية وعلى
وجه القوة كما يفعل بعض ذوي النفوذ بكل صفاقة ووقاحة وقد بين (ص) ان من أعظم
الأسباب المفضية إلى استباحة الحرام ضعف الإيمان بالله ومراقبته ومعرفته وحسن الصلة
به في قوله (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس
إبصارهم إليها حين ينتهبها وهو مؤمن) وذكر الزنا والسرقة أيضا متفق عليه، اي تنزع
منه البصيرة والإيمان والحياء وتغلب عليه الغفلة والشهوة وفي الحديث الصحيح من
استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى) الأمر الذي يستوجب
معه ان يكون تعميق الإيمان والوعي والفقه في الدين هو الأساس الأول لبناء الشخصية
فيقوم نظام التعليم والاعلام على ذلك.
وكان عمر رضي الله عنه يطوف بالسوق ويضرب
بعض التجار بالدرة (عصا قصيرة) ويقول: لا يبيع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل
الربا شاء أم أبى).
وكان أبوهريرة يقول يا أهل السوق ما أعجزكم ذاك ميراث رسول
الله يقسم وانتم هاهنا الا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه قالوا: وأين هو؟ قال في
المسجد وفي الصحيحين من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
وقد تبلغ الاستهانة
بالحرام لدى البعض حد اللامبالاة بل والتلذذبه واعتقاد انه إحدى المهارات لاسيما
إذا رأى تقديرا وتشجيعا أو نفاقا من المحيطين به حيث يعتقدون ان تقدير الناس بسبب
ما أصابوه من وجاهة وثراء وان تفعيل أجهزة الدولة كلها في إحياء واجب الرقابة
والمحاسبة للمفسدين بدلا من السكوت عنهم أو ترقيتهم واجب شرعي ضرورة واقعية وتوفير
البدائل الحلال وفرص العمل والحد من ظاهرة البطالة والتسول غير المشروع والاتجار
بالمحرمات كالخمور والمخدرات وإيقاف نزيف الرشوة والغلاء والغش من غش فليس منا،
رواه مسلم، وتوفير الضروريات الحياتية للناس قطعا لطريق الشيطان من إغواء الإنسان
ولقد صدق قول عثمان (ان الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقران) وفي المثل المشهور
المال السائب يعلم السرقة.
وكما ان مسئولية الدولة تقع في المقام الأول في
المراقبة البشرية بعد المراقبة الإلهية فلا يخفى دور الرقابة المجتمعية في احياء
واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دور العلماء والخطباء والمثقفين والاعلام
والمدرسة وعموم الناس وفي صحيح مسلم (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع
فبلسانه، وتفعيل الرقابة قضية من طبيعة المجتمع المؤمن والمؤمنين والمؤمنات بعضهم
من بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وضرورة ان تكون البيئة والأسرة قدوة
في ذلك فتحرص على تامين مستقبل الاسرة والمجتمع والدولة بالأمانة والتقوى وقد كانت
المرأة في عهد الصحابة تقول لزوجها إذا غدى ليقتات لها ولولده (يافلان..
اتق
الله فينا فانا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار) وتقيأ أبوبكر الصديق رضي الله
عنه كل شيء في بطنه عندما اخبره إن الطعام الذي أكله كان عن خديعة في كهانه في
الجاهلية وكل ذلك حذرا من ان يطالهم قوله (ص) انه لا يدخل الجنة حسد نبت من حرام
فالنار أولى به رواه احمد والترمذي وهو صحيح.
وقال تعالى (لا تاكلوا أموالكم
بينكم بالباطل) وقال (ص) في خطبة حجة الوداع (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم
حرام) متفق عليه.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ودنيانا التي فيها
معاشنا واجعل رزقنا حلالا طيبا واسعا مباركا فيه وأجرنا من فتن الفقر والقبر والكفر
يا رب العالمين.