;

المعلم.. الذي لم يوفَّ حقه..! 1213

2010-04-19 03:46:39

عبد
الباسط الشميري


إن أهمية التعليم مسألة لم تعد
اليوم محل جدل في أي منطقة من العالم فالتجارب الدولية المعاصرة أثبتت بما لا يدع
مجالاً للشك أن بداية التقدم الحقيقية بل والوحيدة هي التعليم وأن جميع الدول التي
تقدمت كان التعليم بوابة ذلك التقدم ، وأن الدول المتقدمة تضع التعليم في أولوية
برامجها وسياستها.

كما أن مهمة
التعليم مهمة عظيمة تبني على نجاحها المجتمعات وتطورها، فإن وظيفة المعلم غاية في
الحساسية والتأثير عند المتعلم ولا يمكن أن تنجح أو أن يكون هناك تعليم إلا بوجود
المعلم، ولقد شهد التّاريخ للمعلّم بالرِّفعة والقَداسة، فكان تاج الرؤوس ذا هيبة
ووقار، لا يُجارى ولا يُبارى في المجتمع فهو الأمين المستشار، وهو الأب الحنون
البار لدى الكبار والصغار، وهو السّراج الّذي ينير الدرب للسالك، يروي العقول
والأفكار ويحميها من الانحراف والانجراف نحو التيارات الفاسدة المضرّة، فالمعلم
مربٍ في المقام الأول، والتعليم جزء من عملية التربية.
وقد أشار القرآن الكريم
إلى دور المعلمين من الأنبياء وأتباعهم في كثير من الآيات القرآنية مبيناً أن من
أهم وظائف الرسول صلى الله عليه وسلم تعليم الناس الكتاب والحكمة وتزكية الناس - أي
تزكية نفوسهم وتطهيرها - فقال الله تعالى {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً
مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} (129) سورة البقرة.
وقد بلغ
شرّف مهنة التعليم أن جعلها الله من جملة المهام التي كلف بها رسوله صلى الله عليه
وسلم فقال الله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ
فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ
مُّبِينٍ} (164) سورة آل عمران.
وقوله تعالى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا
الأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر.
وقوله تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرٌ} (11) سورة المجادلة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( العلماء
ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن
أخذه أخذ بحظ وافر).
ولكي ينجح المربي المسلم في عمله وفي تأدية أدواره الأخرى
في المجتمع لا بد أن تكون له شخصيته المتميزة، فالمعلم ليس مجرد ملقّن للمعلومات أو
حارس للفصل الدراسي من الفوضى.
لكنّ المعلّم من يساعد طلابه على اكتساب المعارف
والمهارات، كما يهتم بصحتهم وبتوافقهم الشخصي والاجتماعي، وبآمالهم وأهدافهم
وطموحاتهم، يساعدهم ليكونوا أجيالاً عالمة ناقدة مثقفة لا حملة شهادات وألقاب
جامعيّة فارغة.
أجيالاً عالمة بعلم نافع وكثير يخدم الحياة والتطوّر على
المستويات جميعاً الفكريّة والصناعيّة والزراعيّة والتجاريّة والصحيّة والقانونيّة
والتربويّة، أجيالاً ناقدة أي محصنّة ضد البشاعة والغوغائيّة والسطحيّة والتفاهة
والسخف والادّعاء على الصُعد كافة. .
الفكريّة والفنيّة والسياسيّة والدينيّة
وحتى المعيشيّة.
وللشاعر العربي المصري أحمد شوقي أمير الشعراء قصيدة رائعة أنصف
بها المعلم ودعا إلى احترامه واعطائه حقه الذي يستحق، وأعتقد أن الشاعر أحمد شوقي
قد أحسن اختيار مطلع قصيدته تلك حتى أنه أصبح مثلاً متداولاً، بل إنه لشهرته يكاد
يكون قصيدة بذاته وتكريماً لكل معلم ومعلمة ولا يذكر المعلم في محفل من المحافل أو
مجلسٍ من المجالس حتى يجلجل بيت شوقي وساماً لكل معلم: قمْ للمعلمِ وفِّهِ التبجيلا
كاد المعلمُ أن يكون رسولا أرأيت أعظم أو أجلَّ من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولاً
ومما يزيد المعلّم شرفاً وعزّة أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّما
بُعثت معلّما).
ولقد أثبتت البحوث التربويّة أنّ التدريس الفعّال Effective
Teaching يعتمد بالدرجة الأولى على شخصيّة المعلّم وذكائه ومهاراته التدريسيّة التي
يتمتع بها.
ويشير عالم من علماء التربية هو شاندلر Chandler إلى أنّ مهنة
التدريس هي المهنة الأم The Mother Profession وذلك لأنها تعتبر المصدر الأساس الذي
يمهد للمهن الأخرى ويمدها بالعناصر البشريّة المؤهلة علميّاً واجتماعيّاً وفنيّاً
وأخلاقيّاً.
ويعتقد المعلمون أنّ عملهم في مهنة التدريس هو خير ما يمكن أن
يقدموا لمجتمعاتهم، وليس هذا فحسب، بل إنهم بعملهم إنّما يسهمون في تشكيل مستقبل
تلك المجتمعات بتكوينهم لشخصيّات الشباب منذ نعومة أظفارهم، هؤلاء الشباب الذين
يحملون عبء المسؤوليّة في مستقبل أوطانهم وشعوبهم.
اليوم وفيما نحتفل بيوم
المعلم يطلُّ سؤالٌ: ترى هل أعطينا المعلم حقه، خاصة في ظل ما يعانيه المعلمون
والمعلمات من وضعٍ اقتصادي صعب فرضه واقع الحال ومعطيات المرحلة، وما الذي قمنا به
من أجل المعلم والذي يعمل دون توقفٍ حتى في يوم عيده - الذي يخصص له- مع أننا لم
نحاول حتى منحه مجرد إجازة في هذا اليوم، وما الذي ننتظره من المعلم الذي لم يُوفَّ
أقل القليل من حقه؟! شكراً لكل المعلمين والمعلمات من وهبوا حياتهم لحمل رسالة
الأنبياء وتعليمها وإبلاغها للناس. .
وتحية إجلال وإكبار للمعلمين والمعلمات في
يوم يحتفي بهم فيه الوطن كله، وليكن بيت أمير الشعراء أحمد شوقي هو الوسام الذي
نهديه إليهم: قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد