الشرجبي
فترة منتصف العمر حيث يتزوج الأولاد ويستقلون بحياتهم وحين يكتئب الكثير من البشر خاصة
بعد فترة منتصف العمر حيث يتزوج الأولاد ويستقلون بحياتهم وحين يرحل شريك العمر أو
حين يأتي موعد التقاعد من الوظيفة وذلك لأن الحياة تبدو فارغة، فجأة يختفي الصخب
اليومي للبيت أو الوظيفة ويحل صمت غريب لم يعتده الإنسان فيبدو هذا الصمت كالشبح
الممهد للحظة الموت ، قد يكون هذا هو حال جميع البشر في كافة أنحاء العالم
ولكن نحن العرب أكثر من يصيبهم الاكتئاب لأن أغلبية من يتعرضون لهذا الموقف لا توجد
ممهدات لديهم لتقبل هذه المرحلة والاستعداد لها.
تلك مرحلة صعبة بكل تأكيد على
المرأة والرجل فقد يتساءل الرجل أو المرأة عن معنى وجوده بعيداً عن أسرة أو وظيفة
فكثيرون يتأثرون بفراق الأبناء أو حتى ترك الوظيفة ولكن قد يزول هذا التأثر إذا ما
ثابر على إيجاد الحلول الحقيقية.
لهذا الوضع فإذا كنت أحد هؤلاء عليك أن تتذكر
أنه كانت لكل اهتمامات مؤجلة بسبب ضغوط الأسرة والعمل فمثلاً أعرف جاراً لنا قام
بغرس أشجار أمام منزله ووضع عليها وبشكل دائري أعواداً خشبية ونراه يومياً يهتم بها
وهاهي تنمو أمام أعيننا وبفضل رعايته لها والحفاظ عليها فهو قد أظهر اهتمامه
بالنباتات وبدأ يعمل في حديقته الصغيرة وأحياناً كثيرة نرى أولاد يقومون بسقي
الأشجار إذ انتقل اهتمام والدهم بالأشجار إليهم، وآخر تقاعد مبكراً أي قبل سنه
القانوني فاكتشف ميوله في الطلاء وبالفعل هاهو يطلي المنازل وأحياناً كثيرة يساعد
الأصدقاء والأهل في طلاء المنازل دون مقابل.
وهكذا عليك أن تخرج الطاقات
المدفونة والأشياء التي كنت ترغب بان تفعلها منذ زمن ولكن الوقت لم يكن ليسعفك
فستجد أن الحياة لن تنتهي وأنك فعلاً بدأت مشواراً في تحقيق حلم أو رغبة طالما حلمت
بتحقيقها وعلينا أن لا ننسى أن الحياة مليئة بالفرص فلماذا لا نغنم الفرصة من أجل
البدء بحياة جديدة حتى وإن كنت في أواخر العمر فحياة الإنسان لا تقاس بالسنين
والأشهر والأيام وإنما تقاس بالشعور والإحساس فمتى ما أحسست بأنك لا زلت قادراً على
العطاء اعمل واعمل حينها لن يعرف الاكتئاب طريقه إليك أبداً.