الشرجبي
كل مجتمع وتختلف النظرة إليها والتعامل معها حسب العادات والتقاليد والمفاهيم
الاجتماعية وفي بعض مجتمعاتنا العربية تحبس الفتاة التي لم تتزوج في سجن مقيت ونظرة
دونية تتراوح بين الاستخفاف والشفقة في أمس الأحوال، إذا كانت الفتاة التي تجاوزت
سن الزواج المتعارف عليه اجتماعياً لم تزل عزباء ترفض الاعتراف بواقعها فإن الآخرين
ينظرون إليها نظرة ثنائية مزدوجة وهم يضمرون غير ما يعلنون ويتملقونها علانية ثم
يقولون سراً "يا حرام أنها لم تتزوج لا نعلم لماذا؟!".
ولا ننكر أن للفتيات دوراً كبيراً لا يمكن التغاضي
عنه في تفاقم مشكلة العنوسة فمنهن من لا ترضى أن تكون حتى مخطوبه أثناء فترة
الدراسة الجامعية ومنهن من لا ترضى إلا بصاحب الشهادة العالية والوظيفة المرموقة
وأخريات ينتظرن صاحب الراتب الكبير ولكن إذا سألنا أنفسنا عن المتسبب الرئيسي في
تنامي هذه الظاهرة؟ إذا تحدثنا من واقع حياتنا المعاش لوجدنا أن وعي الأهل يشكل
علامة بارزة في القضاء على هذه الظاهرة ومحاربتها لأن المرأة هي الخاسرة الكبرى في
مثل هذا الوضع فأستطيع القول أن الأهل هم السبب الرئيسي والمباشرة فيها، فالأهل
يعتقدون أن الإسراف في المظاهر يعطيهم موقعاً ومكانة اجتماعية ويجعل من ابنهم
مضرباً للمثل عند الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران فغلا المهور تقف سداً مزعجاً
في مواجهة الشباب الراغبين بالزواج والذين يصدمون بهذا الواقع الذي تفرضه تقاليد
اجتماعية بآلية.
ففي السابق كان الزواج لا يكلف الشباب كثيراً حيث كان يشارك
أهله السكن وكانت المهور بسيطة جداً والمتطلبات أقل بكثير من الآن، أما الآن فعلى
الشباب التزامات كثيرة منها توفير السكن الخاص وتأثيثه وتوفير المهر وغالباً ما
يكون مبلغاً كبيراً يثقل كاهل الشباب إلى جانب مصاريف الحفلة والعرس
والهدايا....إلخ.
فهناك دراسة أكدت على أن ظاهرة العنوسة من أسباب الخلل في
التركيبة الاجتماعية والنفسية والأخلاقية لأي مجتمع تنتشر فيه فهناك احتمالات في
زيادة نسبة الفساد الأخلاقي في مجتمع تغيب عنه بشكل أو بآخر العلاقات الشرعية
الطبيعية بين الجنسين.
إذن لابد من البحث عن الحلول الجذرية لهذه المشكلة من
أساسها قبل أن تستفحل وتصبح جزءاً من حياة مجتمع يقود نفسه إلى الهاوية والانحراف
والخراب الاجتماعي.
إن هذه الدراسة فيها الكثير من الصحة والدقة إذ أن بدأت تظهر
على سطح الواقع العديد من السلوكيات الغير أخلاقية والمرفوضة وحتى لا نظلم أحداً
فهذه السلوكيات ليست من قبل الشباب فقط وإنما من قبل الفتيات أيضاً لذلك نقول أنه
بأيدينا نحن الحل نحن والأهل نستطيع أن نجعل هذه السلوكيات تختفي أو حتى تقل إذا ما
تعاونا مع كل طالب للحلال.
وعموماً إذا نظرنا إلى من نطلق عليهن كلمة عانس من
الفتيات فهن لسن قبيحات أو هامشيات فيهن الجميلات والأنيقات والموظفات والمتعلمات
من حملة الشهادات الجامعية العليا وفيهن الكفاءات، أي أن وضعهن يترك أكثر من علامة
استفهام في مواجهتهن أولاً وفي مواجهة ذويهن الذين هم جزء من المجتمع الذي فرض
عليهن هذا الوضع ثانياً.