الحجاجي
الصحراء المغربية في مخيم تندوف جنوب الجزائر طيلة السنوات بعد المعاناة التي عانى منها
لاجئو الصحراء المغربية في مخيم تندوف جنوب الجزائر طيلة السنوات الماضية شهدت
الآونة الأخيرة عودة العديد من الأفواج من أولئك اللاجئين إلى الوطن المغربي بعد أن
تبددت الأحلام الوردية التي سبق وأن زرعها في مخيلتهم انفصاليو البوليساريو ومن يقف
خلفهم ممن بنوا جداراً رملياً ارتفاعه أربعة أمتار محاطاً بالأسلاك الشائكة على
المخيم، علاوة عن الممارسات العنصرية والمضايقات التي يتعرضون لها داخل
المخيم من قبل عناصر في الجيش الجزائري ومرتزقة البوليساريو تلك الممارسات التي
حولت حياتهم إلى جحيم داخل المخيم.
ومما لاشك فيه أن عودة الأفواج من اللاجئين
إلى المغرب شكل ويشكل ضربة موجعة، بل سهم أصاب انفصاليي البوليساريو في مقتل، سيما
وأن هذه الحركة الانفصالية تمر بحالة ترهل وتفكك في الفترة الأخيرة وفي تقديري انه
لولا أن هذه الحركة تقتات من خلال استيلائها على الملايين من التبرعات الأوروبية
للاجئين والتي يستولي عليها الانفصاليون -لتبخرت هذه الحركة بين عشية وضحاها، كون
هذه الحركة قد أصيبت بالتصدع عقب عودة العديد من قياداتها إلى الوطن الأم المملكة
المغربية والانضواء تحت راية ملك المغرب في فترات سابقة لتأتي عودة فئات شابة
المكثفة والنوعية لتشكل ضربة قوية لأطروحة الانفصاليين التي تبناها البوليساريو
وغيرهم من خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية ،كما والحال كذلك فإن عودة
اللاجئين أربكت حسابات "البوليساريو" التي كانت تراهن على فئة الشباب في دعم
مشروعها الانفصالي، فإذا بها - أي البوليساريو - تجد نفسها أمام من راهنت عليهم
يتخطون كل الصعاب والمخاطر لتجاوزهم للألغام والحواجز،معرضين أنفسهم للموت من أجل
العودة إلى وطنهم المغرب.
وإن من الضرورة بمكان أن أشير هنا إلى أن أهمية هذه
العودة لا تتمثل في الكثافة فقط،بل في كونها تدرجت عبر مجموعة من المراحل وشملت
مجموعة من المكونات،كون مثل هذه العودة كانت في البداية تقتصر على الأطر والمؤسسين
الأوائل ل`"البوليساريو"،ثم تدرجت بعد ذلك إلى بعض القيادات العسكرية،قبل أن تشمل
زعماء وشيوخ قبائل صحراوية كانوا يشاركون في عمليات تحديد الهوية بحسب بعض
المتابعين.
وقد أكدت مصادر إعلامية عودة العديد من قيادات الجبهة إلى الوطن
الأم، منهم على سبيل المثال وليس الحصر أحمدو ولد سويلم وحبيب أيوب ومصطفى البرزاني
ونور الدين أحمد بلالي وحامتي رباني، إضافة إلى عودة عدد من الأسماء البارزة من
قبائل أولاد الدليم وقبائل الركيب الساحل وقبائل أولاد تيدارلين والعروسيين، وهذا
تأكيد على انتماء هؤلاء إلى الوطن وهو ما سيجعل مخيمات تندوف مملوءة بصحراويي
الجزائر فقط، في الوقت الذي ستتم فيه عودة قياديين آخرين بالنظر إلى أنهم يفضلون
فكرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية على بقائهم في مخيمات تندوف.
ومما
سبق تتجلى للقارئ والمتابع حكمة الإخوة في المغرب ومهارتهم في التعاطي مع انفصاليي
البوليساريو وكيف أن القيادة المغربية استطاعت أن تدير مشكلة النزعات الانفصالية
بسياسة جعلت الكثير من رموز الانفصال يتخلون عن مواقفهم ونزعاتهم والرجوع إلى
صوابهم والإدراك بأنه لا عيشاً كريماً إلا في إطار الوطن الأم ووحدته
الترابية.
وهو ما أتمناه أن تستفيد بعض الأنظمة العربية من هذه التجربة للحفاظ
على وحدة أقطارها ، منها السودان الذي يتجه جنوبه إلى انفصال محتم كما يبدو. . !