;

الأخطبوط الألماني .. ماذا لو كان بيننا ؟!! 1467

2010-07-14 06:27:39

هاني أحمد
علي


انتهى مونديال كأس العالم 2010
بجنوب إفريقيا وانتهت معه كثير من التوقعات والتكهنات والإثارة التي استمرت على مدى
شهر كامل شاهدنا خلالها الكثير من العجائب والغرائب والأهداف وركلات الجزاء وضربات
الترجيح والأداء المتميز وكثيرا من دموع الفرح والحزن المنهمرة على وجوه اللاعبين
وسط الميدان.

ولعل ما كان يميز
المونديال هذه المرة بجنوب إفريقيا هو (الأخطبوط) الألماني الذي كان نجماً حقيقياً
ولا يقل شأناً عن بقية نجوم كرة القدم ، فقد تصدر الاخطبوط العراف "بول" واجهات
الصحف والفضائيات والوكالات العربية والأجنبية وشتى وسائل الإعلام في العالم بعد أن
صدقت جميع تنبؤاته التي قدمها من داخل حوضه المائي بإحدى حدائق ألمانيا.
فقد
استطاع هذا الأخطبوط العجيب أن يرسم الفرحة على شفاه المنتخب الإسباني بعد أن تنبأ
بفوزه مسبقاً على نظيره الهولندي وهو ما دفع رجال أعمال أسبان إلى تقديم العروض
لشراء هذا الأخطبوط الذي صار يتمتع بنجومية عالمية ، وحماس الأسبان الشديد ل«بول»
ليس بغريب، خاصة بعد أن تنبأ بفوزهم على ألمانيا في نصف النهائي، وهو الأمر الذي
حدث بالفعل مما ساهم في زيادة الأصوات المطالبة بالحصول على «بول» وبإنشاء نادي
معجبين ونصب تذكاري له، مقابل نقمة بعض الألمان الذين طالبوا بشيه أو رميه لأسماك
القرش.
وبعد انتهاء المونديال فقد طالب محبو الأخطبوط «بول» بمواصلة الاستفادة
منه ولكن الجهة المسؤولة عنه قررت «إحالته للتقاعد» حيث قالت متحدثة باسم حوض
الأحياء المائية :«بول سيحال للتقاعد وهو يقول للجميع حول العالم: شكراً لقد كانت
بطولة رائعة».
ولكن وبعد كل هذا العجب العجاب. .
ألم نكن هنا في اليمن أحوج
إلى هذا الأخطبوط كي يخرجنا من النفق المظلم الذي نعيش فيه جراء تدهور الأوضاع
الاقتصادية والمعيشية التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
ماذا لو كان هذا الأخطبوط
ينتمي لليمن ، ويطلق تنبؤاته من حديقة الحيوان بالحوبان ، ربما كان حالنا أفضل مما
نحن فيه الآن.
فلو كان هذا الأخطبوط بيننا كان سيعرف كم عدد الطلاب الراسبين في
امتحانات الثانوية والتعليم الأساسي قبل بدأ عملية التصحيح ، وكان سيعرف كل زوج
يخون زوجته ، وكان سيعرف أين تذهب المليارات وإلى أي جيوب تدخل ، وكان سيعرف من هي
الوزارة التي لم تطبق البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية ، وكان سيعرف هل ستنجح
الدوله في تشكيل حكومة وحدة وطنية أم لا ، وكان سيعرف حتى كم هي نسبة أرباح
المساهمين في شركة يمن موبايل دون الرجوع للمحاسبين ، وكان سيعرف إلى أين تريد
الوصول بنا الحكومة من خلال جرعاتها القاتلة ورفع أسعار المشتقات النفطية والمواد
الغذائية والاستهلاكية. .
فلو كان هذا الأخطبوط بيننا لما وجدت حكومة يمنية
فاشلة ، فقد كان باستطاعته التنبؤ بفشل أداء أي حكومة وتجنب تشكيلها ، والتنبؤ
بأخرى وبالتالي نعيش في رخاء وتنمية وحياة كريمة ورغيده.
ولو كان هذا الأخطبوط
بيننا لما قامت الحكومة وبقلب بارد ببيع صفقة الغاز المسال لكوريا الجنوبية (بيعة
سارق) ، فقد كان باستطاعته التنبؤ بحجم الكارثة التي ستلحق باليمن جراء هذه الخسارة
بعد أن ارتفع سعره خمسة أضعاف سعر البيع وبالتالي تجنب التوقيع والدخول في هذه
الصفقة.
ولو كان هذا الأخطبوط بيننا لما أصبحت بلادنا على رأس الدول الأكثر
فساداً في العالم ، فقد كان باستطاعته التنبؤ بأسماء المسئولين والجهات الحكومية
التي ترعى هذا الفساد وبالتالي العمل على تجفيف منابع هذا الفساد دون حاجتنا للجهاز
المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة العليا لمكافحة الفساد.
ولو كان هذا الأخطبوط
بيننا كنا سنعرف ما هو مصير خليجي 20 المقرر إقامته في اليمن نهاية العام الجاري ،
فقد كان باستطاعته التنبؤ بإمكانية بلادنا في استضافة الفرق الخليجية أم أن فشل
التجهيزات والإستعدات اليمنية لهذه الإستضافة الكروية الخليجية ستجعلنا نشاهد هذا
الحدث من على ملاعب البحرين أو الكويت وبالتالي فإن بإستطاعة بلادنا من خلال تنبؤات
هذا الأخطبوط أن تخرج بماء الوجه وتقدم اعتذارها للأشقاء الخليجين بعدم إمكانية
استضافة هذه البطوله واختلاق أي عذر من أجل ذلك.
ولو كان هذا الأخطبوط بيننا لما
وجدنا أعمال العنف والقتل والنهب والسلب في بعض مديريات المحافظات الجنوبية ، فقد
كان باستطاعته التنبؤ بهذه الأعمال الإجرامية وبالتالي تستطيع السلطة إصلاح الأخطاء
وقطع الطريق على المخربين وليس أمام المارة طبعاً.
ولو كان هذا الأخطبوط بيننا
لما خاضت الدولة ستة حروب طاحنة في محافظة صعدة ضد الحوثيين ، فقد كان باستطاعته
التنبؤ بدخول وساطة قطرية على خط القتال وبالتالي إلغاء فكرة الدخول في الحرب مع
هؤلاء واستدعاء قطر منذ الوهلة الأولى لهذه الفتنة.
ولو كان هذا الأخطبوط بيننا
لما حصل التناحر والتنافر بين الأحزاب السياسية ، فقد كان باستطاعته التنبؤ لمن
ستكون الغلبة في نهاية الانتخابات وبالتالي تهدأ الساحة اليمنية ويهدأ أبناء الشعب
من سياسة التجاذبات والمشاحنات ويتم الاستغناء عن اللجنة العليا للانتخابات.
ولو
كان هذا الأخطبوط بيننا لما عشنا في ظلام الكهرباء والبحث الطويل عن المياه والصراع
المرير مع الجوع والبحث عن لقمة العيش ، فلو كان بيننا أعتقد أنه سيكون حالنا أفضل
.
آه آه آه آه آه. . . . .
كم تمنيت ولكن صعب الأماني.
فكلمة (لو) تفتح عمل
الشيطان وبالتالي فقد كتب علينا العيش تحت رحمة الحكومة وتحت وطأة الفقر ، فهنيئاً
لألمانيا أخطبوطها وهنيئاً لأسبانيا تنبؤات (بول) ، وهنيئاً لنا نحن اليمنيين
الأخطبوطات البشرية التي أوصلت هذا البلد إلى أسوأ حالاته بفضل تنبؤاتها الفاشلة
وخططها المستقبلية على الورق بعيداً عن الواقع.
ولا أنسى هنا أن أثني بالحمد
والشكر لله تعالى أن جعل هذا الأخطبوط ألمانياً ، فلو كان بيننا لن يكون مكانه داخل
الحوض المائي الزجاجي ، بل سيكون مكانه الشارع بعد أن يموت من الجوع أو في مسبح
داخل فله تابعة لأحد المسؤولين ويحاول الأخير أن يخضع تنبؤات "بول" لرغباته ومصالحة
الشخصية من خلال تجويعه وتهديده بالقتل أو رميه لأسماك القرش إذا كانت تنبؤاته
خلافاً لرغبات هذا المسؤول!! جزما لست ممن يؤمن بهذه الخزعبلات إلا أن الحال الذي
وصلنا إليه يجعل الواحد منا يعلق آماله على أي شيء حتى لو كان "بول" بدلاً من
متابعة عبث وتخبط وعشوائية حكومتنا الرشيدة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد