مصطفى الدفعي
الأماكن لنستريح في كورنيش البحر ولنواصل حديثنا عن صعوبة الأوضاع المعيشية التي
نعانيها ويعانيها الناس، وقد كان الوقت بعد العشاء تقريباً حتى إننا لم نلاحظ أن
شخصاً كان واقفاًَ بالقرب منا ولكننا تنبهانا بعدة فترة من وقوفه حين شق الظلام
الصامت بصوته مستجيراً.
وشق
قلبي. . وتمنيت لو فعل ذلك بمن هم السبب الذين سوف يحاسبهم الله يوم الحساب كما
قاله هذا الموظف الذي يعمل في مرفق هام والذي اعتقد أنه لم يجد سوانا ليتنفس
ويشكوا ويعترف بهمومه وما يعانيه.
قال الرجل: إنه يقاوم بأقصى ما يستطيع وقد فكر
أن يصطحب أولاده الثلاثة ويصعد بهم إلى أعلى مكان مرتفع ويلقي بهم وبنفسه من هذا
المكان المرتفع لعل أحداً يحس بأمثاله بعد هذه العملية ولا أقول الانتحار، قال موظف
بوظيفة هامة وأنه بعد عشرين عام من العمل بشهادة جامعية لا يقبض في يده بعد كل شهر
إلا خمسه وثلاثين ألف ريال شاملة المرتب وبعض العلاوات زي كل الموظفين الذي تعطى
لهم، وأن عليه بهذا المرتب أن يطعم زوجة وثلاثة أطفال وأم مريضة بالقلب لا يجد ما
يفعله لمرضها سوى الدواء الذي يضعه تحت اللسان.
قال أيضاً أنه ضمن عمله مطلوب أن
يتابع المخالفين ويكشف عن مهربي السلع وبائعي الأغذية الفاسدة المنتهية وحتى أنه
أقترح لو أن الحكومة تأخذ مرتبة مقابل فقط أن تطعم أسرته وجبه واحدة في
اليوم. .
مجرد وجبة.
أمسكت ورقة وقلماً وكنت سأحسب ولكني تراجعت عندما تذكرت
فواتير الكهرباء وفواتير الماء والتليفون وإذا ما يدفع إيجار بيت وتسألت ماذا سيبقى
من راتبه للأكل ثلاثين يوماً لأسره مكونه من ستة أفراد هذه عيشة شبه مستحيلة واتفق
معه كما قال واتسأل ما رأي الحكومة بذلك وأمثاله كثيرون فبعد عشرين سنة عمل راتب
بخمسة وثلاثين ألف وفي ظروف معيشية صعبة تتزايد صعوبتها كل يوم.
لقد شعرت بالخجل
من نفسي ومن الكتابة، ومن كل من حولي. .
فما معنى أي كلام في الاقتصاد والسياسية
والإصلاح والترميم والترقيع!!. .
ما معنى أي شيئ ومواطن يمني يقبض على شرفه كجمرة
تحرقه وتحرق أمه وأولاده وأمراته، ويقبض بعد عشرين سنة عملاً ما يوازي خمسة وثلاثين
ألف ريال مرتب شهري يدفع منهم فواتير وإيجار وغيره في يمن الوحدة المباركة في
قلوبنا.
والله من وراء القصد.