أبو سالم
يستغرب كثيراً وربما يستهجن السؤال ويعتبره ساذجاً سطحي سؤال يفرض نفسه ومن يقرأه لابد أن يستغرب
كثيراً وربما يستهجن السؤال ويعتبره ساذجاً سطحي يشبه سؤال صاحب أبو حنيفة ذاك الذي
جلس يوماً في إحدى حلقات دروسه وكان بادياً عليه الهيبة والوقار ظنه أبو حنيفة من
أكابر علماء زمانه وفقهائه الذين لم يسمع بهم، بدأ درسه بعناية مختار الألفاظ بدقة
خوفاً من زلة أو سقطة لسان أو خطأ فقهياً، مراعياً كل شيء حوله جلس الإمام متربعاً
طاوياً رجليه حياءً وخجلاً وكان درسه حول الإفطار في رمضان ووقته فقال: إذا
غربت الشمس فقد أفطر الصائم وإذا بصاحبه يسأل وإذا لم تغرب الشمس يا إمام؟ فكان
جواب أبو حنيفة المشهور "فليمدد أبا حنيفة ولا يبالي" أخذ راحته أبو حنيفة وزاح عن
كاهله هم مفاجأة ذلك الشخص له ومدد رجليه غير مبالي فقد أدرك أن الشخص الذي أمامه
لا يملك إلا المظهر وحسن الهندام وسذاجة التفكير لأن الشمس لم يحدث أن يوماً لم
تغرب، ليس هذا موضوعنا ولكن عندما تختلط الأشياء تختلط معها الموضوعات وتتداخل
القصص وتتشابه رغم الفوارق في طبيعتها وظروفها، فمن يقرأ عنوان المقال سيجب في
الحال أنه سؤال بديهي وسطحي وإجابته أكثر منه بداهة وسطحية كون من استهدف الأمن
السياسي في عدن وأبين هي القاعدة وهذا صحيح ولكن هناك من يشترك مع القاعدة في
استهداف الأمن ويشجع على هذا الاستهداف ويتحمل مسؤولية لا تقل عن المسؤولية التي
تتحملها القاعدة وهي الجهات والقيادات المسؤولية عن هذه الأجهزة الذين كانوا في
وضعية ذلك الشخص المقابل لأبي حنيفة وبسذاجته عندما جعلوا القاعدة تمدد وتقتحم
وتقبل ولا تبالي، حيث أظهرت الهجمات مدى هشاشة الإجراءات المتبعة في حماية المباني
والأفراد وجعلتهم يظهرون وكأنهم مجرد ديكور يخفي خلفه جدار من خشب أكلته الأرضة
فسقط مع أول ضربة أو حركة مبدياً عيوب ما تحت الديكور.مواجهة القاعدة ليست دعاية
إعلامية ولا حرباً كلامية أو صحفية إنها حرب مع عدو شرس يتفنن بالقتل ويبدع في
اختيار الأهداف والإبادة والقتل ومن يواجهه عليه أن يكون أكثر كفاءة وقدرةً
وتأهيلاً وتسليقاً منه..
وإلا فإن النتائج ستكون كما يحدث تعرض المقرات
والعاملين للهجمات المستمرة والاستهداف والقتل بصورة بشعة وبغير رحمة وعندما تجد
القاعدة أنها لن تواجه عدوا بمستوى شراستها ويتخذ إجراءات وقائية وأمنية وحواجز
وإعاقات ونوبات حراسة مشددة ومسلحة بأحدث الأسلحة فإنها لن تتردد في المهاجمة..فأين
هي الإجراءات حول المباني لا أبراج ولا نوبات ولا حواجز يمكن أن توقف محاولة تكرار
مثل هذه الحادثة وتصد الخطر الذي يحدث في مثل هذه المؤسسة ومن ينتسب إليها بل ما هو
أشد خطراً وأغرب خبراً عندما تسأل عن سبب عدم مقاومة من كانوا في مبنى الأمن
السياسي لمن هاجمهم فإن الجواب يرعبك ولا تتخيله وهو أن معظم هؤلاء ليس لديهم سلاح
شخصي للدفاع عن النفس ولم تصرف لهم ، فهل يعقل أن ضباط وأفراد هذا الجهاز بدون
تسليح ولا يمتلكون حتى المسدس للدفاع عن النفس وهم جزء رئيس ومهم في مواجهة القاعدة
والإرهابيين الذين يمتلكون كل أنواع الأسلحة ووسائل الفتك والقتل وهو ما حصل يوم
الهجوم على مبنى الأمن السياسي حين أمطر المهاجمون المبنى ومن فيه بكل أشكال سلاح
العصابات والمافيا من قنابل، متفجرات، رشاشات حديثة لم تتوقف لحظة واحدة لعلعة
الرصاص والتفجيرات وكأن السماء تمطر وابلاً من القنابل والرصاص..
لماذا لم يتم
تزويد عناصر الأمن بأحدث الأسلحة التي تصرف لأقرانهم في كل دول العالم لحماية
أنفسهم أولاً ولمواجهة هذا العدو الشرس ثانياً وخصوصاً أن الاستهدافات مستمرة
ومتكررة تجاههم أم أنهم سيظلون ضحايا للقاعدة تفاخر بقتلهم واقتحام مبانيهم ،
ويكفيهم أنهم يحملون أسماء ضباط وجنود أمن ينتظرون لحظات القطاف التي ترفع معنويات
القاعدة وتزيد من رصيدها؟