هيذر موردوك
الجنوبي السابق قانونية في المدن اليمنية، لكن الحكومة لا تسيطر على جزء كبير من
المناطق الريفية في الجنوب، حيث تم رسم تلك الأعلام على جوانب الجبال والصخور وأوجه
المباني.
يقول فتى عمره 15 عاما اسمه مدين وهو يحمل قنابل يدوية وبندقية
كلاشنكوف: "الحكومة لا تستطيع اعتقالي وأنا أحمل البندقية".
يقف مدين على تلة
صخرية في جنوب اليمن، منطقة معروفة لدى الكثيرين من المحليين باسم الجنوب
الحر.
يقول مدين إن 15 رجلا حاولوا ذات مرة أخذ بندقيته بعد أن هاجم مكتب
الأمن بقنبلة يدوية.
وعندما يكبر، يريد مدين أن يصبح جنديا، فهو يأمل بأن التمرد
الجنوبي سيبدأ قريبا.
تُعتبر منطقة يافع محصنة داخل حدود هذا البلد العربي
القاحل، بل أن الحكومة اليمنية لا تسيطر على هذه المنطقة، فهي خاضعة لحكم شبكة من
الشيوخ والحراك الجنوبي.
محمد طماح، أحد قادة الحراك الجنوبي، يبدو فخورا وهو
يستمع إلى مدين.
يقول البعض إنهم جنود لكنهم لم يتسلموا مرتباتهم من الحكومة
لشهور والبعض لسنوات وحتى عقود وهي قضية مشتركة تثير الاضطرابات في اليمن.
ويقول
آخرون إن الحكومة ألقت القبض على أقاربهم أو أصدقائهم بدون اتهامات سوى احتجاجهم
السلمي تجاه ما يسمونه "الاحتلال الشمالي".
ويقولون أن المتظاهرين الجنوبيين في
الغالب يتعرضون لإطلاق النار من قبل الجيش مما أدى إلى سقوط عدد منهم قتلى.
معظم
الناس عاطلون عن العمل وليس هناك ما يكفي من المدرسين لتعليم أولادهم.
إنهم
يريدون دولة مستقلة.
لقد سألتهم ما إذا كان ذلك يعني أنهم جميعا يريدون
الحرب.
الحشد الواقف على منحدر صخري أجابوا بصوت واحد "نعم".
وتعجبت فيما إذا
كان وجود طماح بينهم، وهو زعيم بارز، يعزز من حماسهم لما يمكن أن يكون كارثة.
في
عام 1994، بعد أربع سنوات فقط من توحد شمال وجنوب اليمن، ثار الجنوب وقاتل من أجل
الاستقلال.
الحرب كانت قصيرة ودامية وفيها انتصرت الحكومة الشمالية.
قبل
ساعات فقط، ناقش القادة الانفصاليون مستقبل الحراك الجنوبي في منزل الشيخ عبدالرب
النقيب.
الشيخ النقيب هو الحاكم للمنطقة.
كان مرتديا قبعة بنية أمريكية من
نيويورك للبرهنة على الموقف الغربي المؤيد للحراك الجنوبي.
قال قادة الحراك إنهم
اعتقدوا إن الوحدة مع شمال اليمن كانت فكرة جيدة في عام 1990.
يقول طماح: "كنا
أغبياء.
لم نكن نعرف ما يجري في الشمال.
الحكومة الشمالية استخدمت الوحدة
لاستنزاف الجنوب من الموارد وفرص العمل والأراضي".
تقول الحكومة اليمنية إن
زعماء الحراك الجنوبي مجرمون، حيث يستخدمون معاناة الناس العاديين لتحقيق مكاسب
شخصية.
في مكتبه الخشبي البسيط، قال لي نائب محافظ عدن، سلطان الشعيبي وهو مبتسم
إن الجنوبيين فقراء.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أخذني في جولة في مدينة عدن
بسيارته الفضية ذات الدفع الرباعي.
وأشار إلى المباني الجديدة ومشاريع التنمية،
وقال: "كل هذه المباني منذ الوحدة".
وقال الشعيبي إن الحراك الجنوبي ليس قويا
بما فيه الكفاية، أو يلقى دعما شعبيا يكفي للدفع بتمرد حقيقي، مشيرا إلى أن
الاحتجاجات السلمية لا اعتراض عليها في اليمن، لكن أعمال العنف يجب التصدي لها مثل
أي جرائم أخرى أو تهديدات تضر باستقرار البلاد.
ويضيف الشعيبي: "من هؤلاء الذين
يقطعون الطريق ويوقفون السيارات ويخرجون الناس من سياراتهم أمام أسرهم ويقتلونهم؟
لمجرد أنهم من هنا أو من هناك.
هذا ليس بالعمل الصحيح".
العنف والاحتجاجات
أصبحت شائعة بشكل متزايد في جنوب اليمن، وجهود الانفصاليين تتعقد أكثر مع وجود
تنظيم القاعدة.
يقول الانفصاليون إنهم تنظيم علماني وليس لهم علاقة مع التطرف
الإسلامي أو تنظيم القاعدة.
لكن المرء لا يستطيع إلا أن يلاحظ أن لديهم هدف
مشترك: زعزعة استقرار الحكومة اليمنية.
لم أدلى بملاحظتي هذه في منزل الشيخ لأن
الانفصاليين كانوا بالفعل في جبهة الدفاع.
هم قالوا إن الحكومة اليمنية تنعتهم
بالقاعدة من أجل استخدام الأموال الدولية لمكافحة الإرهاب في مهاجمة
الانفصاليين.
كما ناقش قادة الحراك ما إذا كان من الممكن تحقيق الاستقلال من دون
زعزعة استقرار الحكومة الشمالية.
قال معظمهم إن الاحتجاجات السلمية لا تؤدي
الغرض منها.
وحث البعض الآخر على القيام بمزيد من الاحتجاجات للوصول إلى انفصال
سلمي.
فيما قال آخرون إن المعركة قادمة بدعم أو بدون دعم الآخرين.
وعلى الرغم
من دعوات الحكومة المركزية المتكررة لإجراء مفاوضات مع الانفصاليين، فإن الرئيس
اليمني علي عبدالله صالح يصر على الجنوبيين أن يعترفوا بأن الوحدة سقف للمفاوضات،
قائلا: "أنا واثق أن الأعلام الانفصالية ستُحرق في الأيام والأسابيع
القادمة".
لكن على مسافة دقائق بعيدا عن نقاط التفتيش العسكرية التي تطوق عدن،
تظهر أعلام اليمن الجنوبي السابق مطبوعة على جوانب الجبال والمباني وخزانات المياه
والأبواب.
وكُتب على الجدران والصخور عبارات مثل (الجنوب الحر- بلد لا نحميه لا
نستحقه).
وبينما يمشي طماح وسط حشد من أنصاره على قمة الجبل، فإن موقفه يصبح
واضحاً.
يقول طماح: "انظري، كل الرجال من كبار السن يريدون أيضا المشاركة في
الحرب".