يحيى يحيى
السريحي
السريحي
الدين والقانون والشيخوخة ثلاث لا
بد أن تحترم من كل الناس هذا ما أجمع عليه الحكماء ونادى به من قبلهم الأنبياء
والمرسلين ونهج نهجهم من بعدهم العلماء، ونحن اليمنيون قد نكون أكثر البشر على أرض
البسيطة تميزاً في التقنين والتشريع كيف لا وكل المجالس التشريعية منذ قيام
الجمهورية والوحدة المباركة وحتى اليوم لا هم يشغل برلمانيينا سوى إصدار ذلك الكم
الهائل من التشريعات والقوانين والتي لو كانت تسمن وتغني من جوع ما بات يمني
جائعاً ولأنها معطله تظل حبر على ورق فإذا ما تم تحريك تلك القوانين الجامدة
والمكومة أكواماً في أدراك المكاتب ورأيت النور بتنفيذها فعلاً لأقول حينها لا شك
أن أحوال الرعية ستتغير للأفضل على مختلف الأصعدة ولست مبالغاً إذا ما أسرفت في
التوقع والقول أننا سنكون من أكثر الشعوب تقدما ً ورخاء واستقراراً، وما يندى له
الجبين خزياً وعاراً أن الخروق القانونية لم تعد قاصرة على تلك الشريحة البسيطة من
معدومي التعليم وتلك القلة القليلة من همج المجتمع والذي لا يخلو مجتمع من
المجتمعات على أرض المعمورة من وجودهم ولكن مخالفة القانون والحط من قدره ومكانته
والأدهى من ذلك والأمر أن تلك النخبة جعلت من القانون لعبة بين أيديهم شأنه شأن آلة
القانون الموسيقية، وما تلك المشاكل والصعوبات التي يعاني منها غالبية المجتمع
اليمني اليوم إلا نتاج طبيعي لعدم تطبيق القوانين والأنظمة لأن القانون هو الملاذ
الآمن الذي يضمن للمجتمع كرامته وحقوقه المهدورة والمنهوبة وللدولة هيبتها والقانون
قدسيته واحترامه، وما هو مؤكد أنه لن يستقم لنا أمر أو يصلح علم ما لم يرى القانون
شمس الضحى وينفذ على الكبير والصغير دون تميز أو محاباة وسأضرب مثلاً عن إحدى
مخالفات القانون ذات الصلة بشأن الوظيفة العامة والمتعلق بشروط شغل الوظائف
القيادية حيث حرص قانون الخدمة المدنية على أهمية التعليم والمتعلمين في الحصول على
الوظيفة مشدداً على ضرورة حصول الموظف على مؤهل جامعي ليشغل منصب رئيس قسم فما فوق
ومع ذلك نجد أ ن المتربعين على عرش المسؤولية في كثير من الوزارات والمؤسسات
الحكومية هم من حملة الشهادات الدنيا كالابتدائية والإعدادية وفي أفضل الظروف
الثانوية ولو اقتصر هذا ا لأمر على من التحق في سلك الوظيفة العامة قبل أربعين أو
ثلاثين عاماً لهان الأمر على الجميع ولكن تظل نفس الآلية والطريقة متبعة حتى وقتنا
الحاضر فلا شك أن هذه مصيبة ما بعدها مصيبة، فمن يصدق أنه بعد مرور خمسين عاماً على
قيام الثورة المباركة منها عشرين عام من عمر الوحدة العديد قد ظهر خلال هذه الحقبة
الزمنية الطويلة أجيال انتهلت هذه الأجيال من منابع العلم والمعرفة وحصدت من
الشهادات والدرجات العلمية الرفيعة في مختلف المجالات والتخصصات ما يؤهلها للارتقاء
بالوظيفة العامة للمكانة المنشودة وبما يخدم المجتمع والمصلحة العامة ويلبي
الطموحات ومع ذلك فإن ما يحدث على أرض الواقع فعلاً أن من لا يعرفون الكوع من البوع
هم من يعينوا في مناصب القيادية مدراء إدارات ومدراء عموم وغيرها من المناصب
الرفيعة بينما أصحاب المؤهلات إما بدون وظائف القيادية مدراء إدارات ومدراء عموم
وغيرها من المناصب الرفيعة بينما أصحاب المؤهلات إما بدون وظائف أو موظفين مهمشين
في وظائفهم بل وأكثر موظفي الوحدات والأجهزة الإدارة عرضة للتعسف والظلم والقهر
ومصادرة للحقوق من قبل أولئك المسؤولين الفاشيين والفاشلين، وأتساءل ماذا يمكن
لأولئك أن يقدموه من خير وفائدة للمصلحة العامة أو مصلحة المجتمع والقاعدة العامة
تقول إن فاقد الشيء لا يعطيه؟؟ وأجزم سلفاً أن تلك الفئة من المسؤولين غير المؤهلين
هم أحد وراء الفساد المتفشي في المجتمع وأحد أهم أسباب تأخير المجتمع وفقره ووراء
كل مصيبة حلت أو ستحل بهذه الأمة وبقائهم يعد خيانة عظمى وجريمة نكراء ليس في حق
العلم والقانون فحسب وإنما في حق أولئك الرجال المخلصين الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً
عن الثورة والجمهورية والوحدة المباركة.
لا تحولوا شهر الانتصارات إلى شهر
للهزائم العرب أونلاينيستقبل المسلمون شهر رمضان الكريم هذا العام وكلهم أمل ودعاء
وتضرع إلى الله العلي القدير أن يجعله فاتحة خير على الأمة ومناسبة تعيد فيها
الزعامات العربية والإسلامية تقييم الواقع الذي نعيشه، واقع تغلب عليه الفرقة
والخلافات ويزداد فيه تكالب الأعداء وتآمرهم على شعائر الأمة ورموز
هويتها.
رمضان شهر الرحمة والتصدق والعفو، يهل علينا والأمة تعيش وضعا لا يسر
أبناءها، وهو مناسبة كي يلتفت أثرياء العرب الذين يبذّرون المال يمنة ويسرة إلى حال
إخوتهم في أكثر من بلد حيث ترتفع نسب الفقر والجوع ويهيمن الجفاف وتضيق الدنيا على
الطبقات الفقيرة والمسحوقة..
فالأزمات تخنق الصومال من كل ناحية، وهو يحتاج إلى
هبات الصدقات وأموال الزكاة كي ينقذ مواطنيه من الموت جوعا، ويستطيع أن يرفع صوته
في وجه الإرهاب الذي يأتي على الأخضر واليابس ويقطع الطريق أمام التدخل الخارجي
والتآمر على الأمة.
أين مليارات العرب التي تتكدس في البنوك الغربية واليمن،
مثلا، يبحث عمن يستثمر فيه من أبناء الأمة حتى يستطيع أن يوفر مواطن العمل والرزق
لشبابه ويمنع عنه داء الإرهاب ودعاة الانفصال والمرتهنين للخارج؟ ولا شك أن رمضان،
شهر الانتصارات التاريخية الكبيرة التي أعلت راية الأمة، يحيل مباشرة إلى معاناة
أهل فلسطين تحت الحصار الظالم وفي قبضة عدو لا يرحم ويريد طردهم وتشريدهم باتجاه
أصقاع الدنيا ويحول حياتهم إلى سلسلة نكبات مترابطة.
ماذا يمكن أن يفعل العرب
والمسلمون للتخفيف عن أهلهم في فلسطين التي كانت وما تزال عنوان الشرف والثبات كيف
لا وهي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وبها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
الذي يتآمر عليه الصهاينة ويُعدون العدة لهدم أجزائه وطرد المسلمين منه..
الخطوة
الأولى التي على المسلمين في مختلف أصقاع الدنيا أن يفعلوها هي الضغط على النظام
المصري كي يفك الحصار عن غزة بما يعنيه ذلك من إدخال الغذاء والدواء ومواد التجارة
والبناء وكل ما يسهل حياتهم حتى يقدروا على الثبات في وجه الاحتلال ويدافعوا عن
أرضهم، ولْيكفّ النظام المصري عن التنسيق الأمني مع إسرائيل وتنفيذ أوامرها في بناء
الجدار الفضيحة وتفجير الأنفاق وقتل مهربي الخبز والزيت والدقيق بغاز
الخردل.
هذه الخطوة مهمة لأنها ستنزل ولا شك على أهل غزة بردا وسلاما وتصفي
الأجواء بينهم وبين جارتهم مصر التي تريد أن تتحكم في مفاوضات المصالحة والحوار،
وشهر رمضان الكريم فرصة مواتية لنجاح المصالحة شريطة أن تكون أرضيتها واضحة ودقيقة
وتتأسس على ركائز أهمها الاحتفاظ بالحق في المقاومة وتحرير الأرض وعدم التذلل للعدو
والجلوس إليه في صغار وعجز وتسليم بقبضته وكأنها قضاء وقدر، هذا بالإضافة إلى وقف
التنسيق الأمني معه وإطلاق سراح كل المقاومين الذين تم سجنهم لإرضاء الجنرالات
الصهاينة والكف عن تعذيبهم وانتزاع الاعترافات منهم وتسليمها للعدو.
رمضان
الكريم فرصة لمصالحة حقيقية تستجيب للثوابت الوطنية الفلسطينية، وهذا ما يجعل
الفصائل وأولها حماس وفتح مطالبة بأن تقدّم التنازلات وأن تتخلى عن الشروط المسبقة،
فلا قيمة لسلطة "في غزة أو رام الله" تعطّل الوحدة وتؤجّل مهمة التحرير وتغرق في
تصفية الحساب.
إن هذا الشهر المليء بالخيرات والنعم الربانية مناسبة كي تقوى فيه
النفوس على الصغائر وتتخلى فيه الأمة على المناكفات وتغليب المصلحة الذاتية على
المصلحة العامة، والكف عن السلبية في التعاطي مع مختلف القضايا، فالعراق مثلا الذي
تآمرت عليه بعض الأنظمة العربية وزكّت غزوه وسكتت عما لحق به من تخريب وقتل عبثي
وصراعات طائفية، هذا البلد يعيش أسوأ فتراته بعد أن احتله الأمريكيون ونهبوه وفتتوه
ثم قدموه على طبق من ذهب لإيران تتحكم فيه كما تشاء.
إن الموقف العربي المطلوب
حاليا بالنسبة إلى الملف العراقي هو القطع مع السلبية وعدم انتظار الفائز في الصراع
بين واشنطن وطهران، والمبادرة إلى دعم المقاومة الوطنية التي تريد أن تعيد هذا
البلد إلى عروبته، وحتى إنْ كانت هذه المقاومة ضعيفة ومرهقة فالمفروض أن تُدعم
ماليا وسياسيا وعسكريا لتكون ورقة عربية يهابها الآخرون ويقرأون لها الحساب إذا
فكروا في الانسحاب وتوزيع الغنائم.
ولْيعلم الزعماء العرب أن ترك الوضع بالعراق
يمضي إلى ما نهاية يعني آليا القبول بتقسيمه إلى دويلات طائفية تكون مرتهنة سياسيا
واقتصاديا وعسكريا للاستعمار، وهو ما يعني أن الضحية القادمة ستكون واحدة من الدول
"الكبرى" عربيا، وربما يكون الدور على مصر أو السعودية أو الجزائر بعد أن تستوفي
المؤامرة مهمتها في السودان الذي يسير إلى التفتيت والتجزئة بمباركة من دول عربية
"مؤثرة" سرا وعلانية، ووقتها سيصيح هؤلاء مرددين "أكلنا يوم أكل الثور
الأبيض".
وفي الأخير نتمنى لقرائنا ولكل أبناء أمتنا أن يمثل هذا الشهر مناسبة
لمزيد التقرب إلى الله عز وجل ولكتابه الكريم وأن يقفوا على الوجه الحقيقي للدين
الحنيف؛ دين التسامح والكلمة الطيبة واحترام حرية الآخرين ومعتقداتهم وليس دين
التشدد وكراهية الناس والتضييق عليهم، دين العمل والبناء وليس دين الكسل
والتواكل
بد أن تحترم من كل الناس هذا ما أجمع عليه الحكماء ونادى به من قبلهم الأنبياء
والمرسلين ونهج نهجهم من بعدهم العلماء، ونحن اليمنيون قد نكون أكثر البشر على أرض
البسيطة تميزاً في التقنين والتشريع كيف لا وكل المجالس التشريعية منذ قيام
الجمهورية والوحدة المباركة وحتى اليوم لا هم يشغل برلمانيينا سوى إصدار ذلك الكم
الهائل من التشريعات والقوانين والتي لو كانت تسمن وتغني من جوع ما بات يمني
جائعاً ولأنها معطله تظل حبر على ورق فإذا ما تم تحريك تلك القوانين الجامدة
والمكومة أكواماً في أدراك المكاتب ورأيت النور بتنفيذها فعلاً لأقول حينها لا شك
أن أحوال الرعية ستتغير للأفضل على مختلف الأصعدة ولست مبالغاً إذا ما أسرفت في
التوقع والقول أننا سنكون من أكثر الشعوب تقدما ً ورخاء واستقراراً، وما يندى له
الجبين خزياً وعاراً أن الخروق القانونية لم تعد قاصرة على تلك الشريحة البسيطة من
معدومي التعليم وتلك القلة القليلة من همج المجتمع والذي لا يخلو مجتمع من
المجتمعات على أرض المعمورة من وجودهم ولكن مخالفة القانون والحط من قدره ومكانته
والأدهى من ذلك والأمر أن تلك النخبة جعلت من القانون لعبة بين أيديهم شأنه شأن آلة
القانون الموسيقية، وما تلك المشاكل والصعوبات التي يعاني منها غالبية المجتمع
اليمني اليوم إلا نتاج طبيعي لعدم تطبيق القوانين والأنظمة لأن القانون هو الملاذ
الآمن الذي يضمن للمجتمع كرامته وحقوقه المهدورة والمنهوبة وللدولة هيبتها والقانون
قدسيته واحترامه، وما هو مؤكد أنه لن يستقم لنا أمر أو يصلح علم ما لم يرى القانون
شمس الضحى وينفذ على الكبير والصغير دون تميز أو محاباة وسأضرب مثلاً عن إحدى
مخالفات القانون ذات الصلة بشأن الوظيفة العامة والمتعلق بشروط شغل الوظائف
القيادية حيث حرص قانون الخدمة المدنية على أهمية التعليم والمتعلمين في الحصول على
الوظيفة مشدداً على ضرورة حصول الموظف على مؤهل جامعي ليشغل منصب رئيس قسم فما فوق
ومع ذلك نجد أ ن المتربعين على عرش المسؤولية في كثير من الوزارات والمؤسسات
الحكومية هم من حملة الشهادات الدنيا كالابتدائية والإعدادية وفي أفضل الظروف
الثانوية ولو اقتصر هذا ا لأمر على من التحق في سلك الوظيفة العامة قبل أربعين أو
ثلاثين عاماً لهان الأمر على الجميع ولكن تظل نفس الآلية والطريقة متبعة حتى وقتنا
الحاضر فلا شك أن هذه مصيبة ما بعدها مصيبة، فمن يصدق أنه بعد مرور خمسين عاماً على
قيام الثورة المباركة منها عشرين عام من عمر الوحدة العديد قد ظهر خلال هذه الحقبة
الزمنية الطويلة أجيال انتهلت هذه الأجيال من منابع العلم والمعرفة وحصدت من
الشهادات والدرجات العلمية الرفيعة في مختلف المجالات والتخصصات ما يؤهلها للارتقاء
بالوظيفة العامة للمكانة المنشودة وبما يخدم المجتمع والمصلحة العامة ويلبي
الطموحات ومع ذلك فإن ما يحدث على أرض الواقع فعلاً أن من لا يعرفون الكوع من البوع
هم من يعينوا في مناصب القيادية مدراء إدارات ومدراء عموم وغيرها من المناصب
الرفيعة بينما أصحاب المؤهلات إما بدون وظائف القيادية مدراء إدارات ومدراء عموم
وغيرها من المناصب الرفيعة بينما أصحاب المؤهلات إما بدون وظائف أو موظفين مهمشين
في وظائفهم بل وأكثر موظفي الوحدات والأجهزة الإدارة عرضة للتعسف والظلم والقهر
ومصادرة للحقوق من قبل أولئك المسؤولين الفاشيين والفاشلين، وأتساءل ماذا يمكن
لأولئك أن يقدموه من خير وفائدة للمصلحة العامة أو مصلحة المجتمع والقاعدة العامة
تقول إن فاقد الشيء لا يعطيه؟؟ وأجزم سلفاً أن تلك الفئة من المسؤولين غير المؤهلين
هم أحد وراء الفساد المتفشي في المجتمع وأحد أهم أسباب تأخير المجتمع وفقره ووراء
كل مصيبة حلت أو ستحل بهذه الأمة وبقائهم يعد خيانة عظمى وجريمة نكراء ليس في حق
العلم والقانون فحسب وإنما في حق أولئك الرجال المخلصين الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً
عن الثورة والجمهورية والوحدة المباركة.
لا تحولوا شهر الانتصارات إلى شهر
للهزائم العرب أونلاينيستقبل المسلمون شهر رمضان الكريم هذا العام وكلهم أمل ودعاء
وتضرع إلى الله العلي القدير أن يجعله فاتحة خير على الأمة ومناسبة تعيد فيها
الزعامات العربية والإسلامية تقييم الواقع الذي نعيشه، واقع تغلب عليه الفرقة
والخلافات ويزداد فيه تكالب الأعداء وتآمرهم على شعائر الأمة ورموز
هويتها.
رمضان شهر الرحمة والتصدق والعفو، يهل علينا والأمة تعيش وضعا لا يسر
أبناءها، وهو مناسبة كي يلتفت أثرياء العرب الذين يبذّرون المال يمنة ويسرة إلى حال
إخوتهم في أكثر من بلد حيث ترتفع نسب الفقر والجوع ويهيمن الجفاف وتضيق الدنيا على
الطبقات الفقيرة والمسحوقة..
فالأزمات تخنق الصومال من كل ناحية، وهو يحتاج إلى
هبات الصدقات وأموال الزكاة كي ينقذ مواطنيه من الموت جوعا، ويستطيع أن يرفع صوته
في وجه الإرهاب الذي يأتي على الأخضر واليابس ويقطع الطريق أمام التدخل الخارجي
والتآمر على الأمة.
أين مليارات العرب التي تتكدس في البنوك الغربية واليمن،
مثلا، يبحث عمن يستثمر فيه من أبناء الأمة حتى يستطيع أن يوفر مواطن العمل والرزق
لشبابه ويمنع عنه داء الإرهاب ودعاة الانفصال والمرتهنين للخارج؟ ولا شك أن رمضان،
شهر الانتصارات التاريخية الكبيرة التي أعلت راية الأمة، يحيل مباشرة إلى معاناة
أهل فلسطين تحت الحصار الظالم وفي قبضة عدو لا يرحم ويريد طردهم وتشريدهم باتجاه
أصقاع الدنيا ويحول حياتهم إلى سلسلة نكبات مترابطة.
ماذا يمكن أن يفعل العرب
والمسلمون للتخفيف عن أهلهم في فلسطين التي كانت وما تزال عنوان الشرف والثبات كيف
لا وهي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وبها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
الذي يتآمر عليه الصهاينة ويُعدون العدة لهدم أجزائه وطرد المسلمين منه..
الخطوة
الأولى التي على المسلمين في مختلف أصقاع الدنيا أن يفعلوها هي الضغط على النظام
المصري كي يفك الحصار عن غزة بما يعنيه ذلك من إدخال الغذاء والدواء ومواد التجارة
والبناء وكل ما يسهل حياتهم حتى يقدروا على الثبات في وجه الاحتلال ويدافعوا عن
أرضهم، ولْيكفّ النظام المصري عن التنسيق الأمني مع إسرائيل وتنفيذ أوامرها في بناء
الجدار الفضيحة وتفجير الأنفاق وقتل مهربي الخبز والزيت والدقيق بغاز
الخردل.
هذه الخطوة مهمة لأنها ستنزل ولا شك على أهل غزة بردا وسلاما وتصفي
الأجواء بينهم وبين جارتهم مصر التي تريد أن تتحكم في مفاوضات المصالحة والحوار،
وشهر رمضان الكريم فرصة مواتية لنجاح المصالحة شريطة أن تكون أرضيتها واضحة ودقيقة
وتتأسس على ركائز أهمها الاحتفاظ بالحق في المقاومة وتحرير الأرض وعدم التذلل للعدو
والجلوس إليه في صغار وعجز وتسليم بقبضته وكأنها قضاء وقدر، هذا بالإضافة إلى وقف
التنسيق الأمني معه وإطلاق سراح كل المقاومين الذين تم سجنهم لإرضاء الجنرالات
الصهاينة والكف عن تعذيبهم وانتزاع الاعترافات منهم وتسليمها للعدو.
رمضان
الكريم فرصة لمصالحة حقيقية تستجيب للثوابت الوطنية الفلسطينية، وهذا ما يجعل
الفصائل وأولها حماس وفتح مطالبة بأن تقدّم التنازلات وأن تتخلى عن الشروط المسبقة،
فلا قيمة لسلطة "في غزة أو رام الله" تعطّل الوحدة وتؤجّل مهمة التحرير وتغرق في
تصفية الحساب.
إن هذا الشهر المليء بالخيرات والنعم الربانية مناسبة كي تقوى فيه
النفوس على الصغائر وتتخلى فيه الأمة على المناكفات وتغليب المصلحة الذاتية على
المصلحة العامة، والكف عن السلبية في التعاطي مع مختلف القضايا، فالعراق مثلا الذي
تآمرت عليه بعض الأنظمة العربية وزكّت غزوه وسكتت عما لحق به من تخريب وقتل عبثي
وصراعات طائفية، هذا البلد يعيش أسوأ فتراته بعد أن احتله الأمريكيون ونهبوه وفتتوه
ثم قدموه على طبق من ذهب لإيران تتحكم فيه كما تشاء.
إن الموقف العربي المطلوب
حاليا بالنسبة إلى الملف العراقي هو القطع مع السلبية وعدم انتظار الفائز في الصراع
بين واشنطن وطهران، والمبادرة إلى دعم المقاومة الوطنية التي تريد أن تعيد هذا
البلد إلى عروبته، وحتى إنْ كانت هذه المقاومة ضعيفة ومرهقة فالمفروض أن تُدعم
ماليا وسياسيا وعسكريا لتكون ورقة عربية يهابها الآخرون ويقرأون لها الحساب إذا
فكروا في الانسحاب وتوزيع الغنائم.
ولْيعلم الزعماء العرب أن ترك الوضع بالعراق
يمضي إلى ما نهاية يعني آليا القبول بتقسيمه إلى دويلات طائفية تكون مرتهنة سياسيا
واقتصاديا وعسكريا للاستعمار، وهو ما يعني أن الضحية القادمة ستكون واحدة من الدول
"الكبرى" عربيا، وربما يكون الدور على مصر أو السعودية أو الجزائر بعد أن تستوفي
المؤامرة مهمتها في السودان الذي يسير إلى التفتيت والتجزئة بمباركة من دول عربية
"مؤثرة" سرا وعلانية، ووقتها سيصيح هؤلاء مرددين "أكلنا يوم أكل الثور
الأبيض".
وفي الأخير نتمنى لقرائنا ولكل أبناء أمتنا أن يمثل هذا الشهر مناسبة
لمزيد التقرب إلى الله عز وجل ولكتابه الكريم وأن يقفوا على الوجه الحقيقي للدين
الحنيف؛ دين التسامح والكلمة الطيبة واحترام حرية الآخرين ومعتقداتهم وليس دين
التشدد وكراهية الناس والتضييق عليهم، دين العمل والبناء وليس دين الكسل
والتواكل