الشيباني
نشرات الأخبار العالمية إلا متبوعة بعدة صفات سيئة ، كل واحدة أسوا من الأخرى ، ولن
نستطرد في تعداد تلك النعوت وترديدها حتى لا تثبت علينا وعلى أجيالنا من بعدنا
وتصبح وصمة الدهر على جبين كل يمني في الداخل والخارج ، ولكن سنأخذ أخفّها على
سبيل الذكر لا الحصر وهي صفة ( البلد الأكثر فقرا في شبه الجزيرة ). . فهل نحن فقراء
فعلا إلى هذا
الحد الذي ينعتنا به الآخرون ؟؟ نعم نحن فقراء فعلا ، ولكن ليس فقر موارد وثروات
وخيرات طبيعية وبقية مصادر الدخل المعروفة. . بل فقر إرادات وهمم عالية
ونفوس شامخة وكبيرة بكبر الوطن. . معظم مسؤولونا ليسوا بعظمة ( مهاتير محمد ) في
ماليزيا ويفتقرون لحب أوطانهم ك ( السلطان قابوس بن سعيد ) وفقراء إدارة : ( محمد
بن راشد في دبي ) وقبل ذلك فقراء ذمم كذمة ( سوار الذهب في السودان ) في منتصف
الثمانينات.
غالبية مسؤولينا فقراء نفوس عظيمة كعظمة الزعيم الصيني الراحل (ماو
تسونج ) الذي قاد شعبه من قعر المخدرات والدعارة إلى ثاني اكبر دولة اقتصادية في
العالم اليوم ، بعد أن كانت مدينة واحدة في الصين مثل ( شنغهاي ) وحدها يوجد بها
أكثر من ( أربعين مليون عاهرة !!! ). .
إذن نحن فقراء لأن معظم يديرون أمورنا
وليس الكل في هذه البلاد وأسندت إليهم المناصب والمسؤوليات للتحكم في رقاب ومصائر
وأرزاق العباد ، أكثرهم من أصحاب النفوس الصغيرة ، والإرادات الميتة ، والضمائر
الواسعة ، والوجوه التي فقدت حيائها وكبريائها والشعور بانتمائها لهذه التربة وهذا
الوطن الكريم بين الأمم. .
نحن فقراء بسبب هؤلاء الذين يذهبون يستجدون الشعوب
والأمم اسم أكثر من ( 22 ) مليون نسمة وهم يحكمون وطن تقدر مساحتة بأكثر من ( 55 )
ألف كيلو متر مربع معظمها أرضه ( بكر ) غير مستغلة تنتظر من يفجر فيها الأنهار
والمشاريع التنموية لتفيض بخيرها رخاء وعسلا من الخيرات والعطايا الكريمة تجسيدا
لقوله تعالى ( كلوا من رزق ربكم واشكروا له * بلدة طيبة ورب غفور ). .
نعم نحن من
يملك وطنا من أغنى الأوطان بثروته السمكية المهولة وبثلاثة مناخات زراعية على مدار
العام وبثروات جوفية بكميات وفيرة وفوق ذلك ، نحن أغنياء بثروة بشرية فتية أكثر من
نصف تعداد السكان هم تحت سن الثلاثين سنة من العمر وهو ما لم تملكه حتى أغنى الدول
في منطقة شبه الجزيرة والخليج. .
ولكن كل ذلك كما يقول المثل ( جواهر بيد فحام )
لا يستفاد منها وليس هناك أي أمل يلوح في الأفق بقرب الاستفادة منها في ظل حكومة
عاجزة وكسيحة معظم كل همها استجداء المعونات والإعانات إلى جانب فرض المزيد من
الضرائب المجحفة والموجعة على المصنعين والتجار وهم يعرفون قبل غيرهم أن كل هذه
الأعباء والأوزار ستضاف فوق ظهر مواطني هذه الدولة المنكوبة بحكومتها وبتصرفاتها
الحمقاء غير المسئولة أو الواعية. .
حيث استقبلت هذا الشهر الكريم وقبل العام
الميلادي الجديد بانهيار العملة الوطنية ورفع تسعيرة الخدمات الأساسية الهامة
المعدومة أصلا مثل الماء والكهرباء والمحروقات وغيرها لا لتقليل العجز في الميزانية
ولكن لتغطية متطلبات الإنفاق الباذخ والفاجر على ملذاتها ومهرجاناتها وسفرياتها
ومؤتمراتها الاحتفالية دون أي قيمة يستفيد منها الوطن.
لو كان مسؤولونا يفقهون
شيئا من التعامل مع الدول المانحة لكانوا طلبوا من هذه الدول بناء عدة محطات توليد
كهرباء لسد العجز في مجال الطاقة التي عوقت التنمية ونفرت المستثمرين وانحدرت
بالناتج القومي المحلي إلى درجة غير مسبوقة ، ولكانت استفادت من ساعات الإطفاء
المهدورة التي تصل في أجمالييها إلى أكثر من اثني عشر ساعة يوميا وهي ساعات ثمينة
تقدر قيمتها منذ أكثر من خمسة عشر سنة من الإظلام ( المبرمج ) كانت كفيلة برفد
الخزينة العامة بعشرات مليارات الريالات شهريا ولساعدت في رفع الناتج القومي المحلي
للوطن وأغرت الكثير من رجال الأعمال باستثمار أموالهم في الداخل بدلا من تهريبها
بشكل عملات صعبة إلى الخارج حيث الأرباح مضمونة والكرامة والحقوق مصونة. .
وشعار
( بلادك حيث ترزق لا حيث تخلق ) كما يقول المثل الذي لا أحبه ولكنها الضرورات التي
تبيح كل المحظورات في وطن يتحكم به ثلة أسندت إليهم الأمانة فلم يكونوا قدر تحملها
فظهروا على الساحة فجأة مدعومين بنفوذ فأفسدوا البلاد بعقيلاتهم بعد أن تخلى الرجال
الرجال عنها ، قهرا وكمداً وإقصاء. .
ترهيبا وترغيبا ومحاربة معنوية ومادية
.
شر البلية : في الوقت الذي تتناوش الذئاب هذا الوطن من كل حدب صوب ومن
اتجاهاته الأربع مهددة بالإفلاس والانهيار التام تطالعنا حكومة القهر الوطني بقانون
شركات الحماية الخاصة وكأننا قد أنجزنا كل شيء ولم يبق معنا سوى كيف ننشئ مثل هذه
الشركات دون أن تدري هذه الحكومة أن ذلك يعني سحب السيادة الأمنية منها لصالح هذه
الشركات ، الحكومة ركنت إلى أن كل هذه الشركات هي أساسا مملوكة لبعض الوزراء
والقيادات الأمنية ذات النفوذ من العيار الثقيل بينما كان الأولى بها إيجاد فرض عمل
لجيشها الجرار من أفراد الأمن الذين تحول غالبيتهم إلى بيع القات وتركوا مرتباتهم
لمن يقوم بالتغطية عنهم.
آخر السطور : خالص التعازي القلبية للأخ العزيز / محمد
عبد السلام الدهبلي مدير عام الثروة السمكية فرع تعز وأولاده بوفاة زوجته الفاضلة
التي أختارها الحق سبحانه وتعالى إلى جواره الكريم في أول أيام الشهر الفضيل كبشارة
خير لها ولنا على حسن الخاتمة والقبول ، سائلين المولى عز وجل أن يعصم قلوب أولادها
وزوجها وأهلها من بعدها بالصبر والسلوان وان ينزل عليها شآبيب رحمته ويسكنها فسيح
جناته انه بها غفور رحيم وإنا لله وإنا إليه راجعون.