;

القاهرة..مدينة التناقضات 1754

2010-08-18 05:54:06

منيف
الهلالي


حين تضع قدماك على أرض قاهرة المعز
في جمهورية مصر العربية ينتابك من الوهلة الأولى شعور غريب ربما لم تعهده طيلة
حياتك السابقة .
تناقضات صارخة تهاجم ذهولك ، حياة باذخة ، تقابلها أخرى بائسة ،
تتقاطعان مع وجود غير مألوف لزائر يمني اعتاد على البؤس والعناء والتخلف والفوضى
"والحشمة..!!" وكل ما يمكن
تسميته جهل وتأخر عن مسايرة ركب الحضارة المنطلق بسرعة الصاروخ
..

هنا في هذه الأرض التي يحرسها أبو الهول وينام على أحد توابيتها فرعون
، وتقف على صدرها - بشموخ - إحدى عجائب الدنيا السبع ؛ يقتني الزائر سعادته من
أهلها الذين يقومون بتقديمها بكل رحابة وسعة (جيب).
هنا في هذا البلد ينال المرء
ما يريد ، ويسعد بالطريقة التي يحبها ، فالباحث عن العلاج يجد أمهر الأطباء وأبرع
المداوون وأكبر المستشفيات وأحدث الأجهزة ، والباحث عن العلم يجد أهم الجامعات
وأغزر المناهل العلمية ، والقادم للسياحة يجد أبرز المعالم التاريخية في العالم ،
وحتى القادم للترفيه الروحي "وهم الأكثر حسب مشاهدتي" فإنهم يحضون بإقامة مليئة بكل
ما تشتهيه أنفسهم ..
عموماً فإن قاهرة المعز ليست كسواها من العواصم العربية
الأخرى أو بمعنى أوضح للقارئ فهي لا تشبه مدينة صنعاء سوى بتراكم القاذورات في أغلب
أحيائها الشعبية لكنها أكثر انفتاحاً وأشد ازدحاماً ، والأمن فيها "ميه ميه" حسب
وصف إخواننا المصريين ، وأهلها أفضل ثقافتاً ورقياً ، كما أن بنيتها التحتية تدل
على المجهود الكبير الذي تبذله قيادة البلاد بهدف جعلها بهذا الحضور المتألق عكس
مدينة صنعاء تماماً .
ما أود قوله هنا أن الزائر حين يقف في هذه المدينة شديدة
التناقض لا يستطيع أن يصفها لسرعة التغيير في مشاهدها.
فالأزهر الشريف مكتظ
بالمصليين وطلاب العلم ، وأيضاً الحسين الذي يقف على مقربة منه وكلاً يسقي مريديه
بطريقته الخاصة ، بينما هناك على مسافة ليست بالبعيدة منهما يجثم النادي المتحرك
المسمى "فرايديس" والذي ينام في حضن النيل ويقصده عدد كبير من شباب الأمة العربية
أغلبهم من دول النفط المجاورة..
لم تكن زيارتي لهذا المكان مخططاً لها ولم أسمع
عنه من قبل غير أنها الصدفة أوجدتني بالقرب من هذا الألم .
كان بجواري أحد
الأصدقاء الذي يملك من الفضول أو النقل من حب الاستطلاع نفس القدر الذي أملكه ،
فبعد أن شاهدنا الأنوار تتلألأ في خاصرة النيل القاهري وقد كنا نتمشى راجلين على
"الكورنيش" حاولنا الولوج لمعرفة ما يحويه هذا المبنى المتحرك بيد أننا تفاجئنا
بعدم السماح لنا بالدخول بحجة عدم الحجز المسبق ..
لم نغادر المكان بل استمرينا
بالمشاهدة من مسافة قريبة منه حيث كان للألم أن يصرخ بملء وجعه وكان للجبين أن يندى
وللعين أن تذرف دموع الحسرة والقهر ..
شباب يرتدون الأساور الذهبية على أعناقهم
وفي معاصمهم ويضعون مساحيق التجميل "الميكئب" على وجوههم ، ملابسهم لا تليق
بالإنسان العربي أن يرتديها ، حركاتهم مائلة لا تمت لأمة محمد بأي صلة مطلقاً ، لا
فرق بينهم وبين النساء سوى أنهن أصبحنا عبارة عن أجساد شبه عارية نزع منها الحياء
وتفجرت فيها معالم الوقاحة وقلت الأدب ..
صديقي فور مشاهدته لهذه المناظر
المزرية قال : الآن تستطيع إسرائيل أن تنام بأمان " فهل لهؤلاء أن يحرروا القدس
المغتصبة أو حتى يفكروا بقضايا الأمة العربية والإسلامية مجرد تفكير..؟؟ قبيل
مغادرتنا الحزينة للمكان كنت قد تخيلت الصحابي الجليل عمر بن العاص قادماً على
حصانة وهو ممسكاً بسيفه الذي فتح به أرض مصر ليقف على هذا الانحطاط الذي يشهده هذا
البلد الذي كان في يوماً ما أميراً عليه ..
بالله عليك أيها القارئ الكريم تخيل
معي ماذا سيقول حين يراهم بهذا الحال ..؟ كيف سيخاطب أحفاد المهاجرين والأنصار وقد
ضاق بتواجدهم المكان ..؟ ما الحكم الذي سينفذه بحق هؤلاء خصوصاً وأن أغلبهم من أرض
الحرمين بعد أن اختلط ذكورهم مع الإناث ولم يعد هنالك فرق بينهم ..؟ أسئلة كثيرة قد
لا يتسع المكان لسردها ولكن نسأل الله العفو والعافية والسلامة وألا يؤاخذنا بما
فعله السفهاء منا وأن يغفر لنا ويرحمنا ويتجاوز عن خطايانا إنه على كل شيء قدير
..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد