كان يا مكان في سالف العصر والأوان أشياء جميلة حلوة بهيجة تعيش بيننا وتدخل البهجة على قلوبنا وترسم الأمل في غدنا وتضفي المرح على حياتنا.
والفرح هو أحد أهم الأشياء التي اختفت وحل محلها التعاسة والشقاء.. فما من شيء في حياتنا يجعلنا نفرح، فلازالت الرواتب ضئيلة، والأسعار ومرتفعة في تزايد مستمر، ولا زال هناك فقر وبطالة.
فالفرح لا يأتي هكذا وإنما ينبع من إحساسنا بالأمان من الغد المظلم الذي لا نعلم شيئاً عنه ولا حتى ما هي ملامحه.. فالأمان هو الآخر افتقدناه ـ فكل الأخبار لا تطمئن والكل يتهافت من أجل السلطة ولا شيء غيرها ولا يهنم لأمرنا أحد.. علماً بأن كل متحدث لا يتكلم إلا باسم الشعب، فذاك يريد إزاحة الظلم عن الشعب وذاك أيضاً يريد أن ينعم الشعب بالأمن والأمان والسلم، قبل أن يفعلوا ذلك هل سألوا الشعب ماذا يريد؟!! فلا أحد صادق من هؤلاء والكل يدورون حول فلك واحد" وهو كرسي السلطة" لا غير.. والصدق هو الآخر أصبح معدوماً فكم من آمال ووعود من أجل تحسين الأوضاع ولا شيء من ذلك يحدث.
فكم من خطب رنانة سمعنا وكم من أحاديث ينشرح لها الصدر ولكن تظل أحاديث وخطباً دون تنفيذ.. فالمتقاعدون يشتكون ويعانون مرارة وقسوة الحياة!! ولا أحد يحرك ساكناً من أجلهم، على الرغم من وجود الوعود والآمال من أجل تحسين أوضاعهم ومن أجل حفظ كرامتهم ولكن هل تم العمل بما ذكر.. طبعاً لا فلا مصداقية في تلك الوعود التي تعطى كحقن مهدأة.
فما من مسؤول يعتلي كرسي السلطة لدية أمانة.. الأمانة التي عرضها الله سبحانه وتعالى على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان.. حملها بثقلها وهمها.. وقلة قليلة هم أولئك الذين تمكنوا من حفظ الأمانة.. أما البقية الباقية فقد ماتت ضمائرهم وأغمضوا أعينهم وتغاضوا عن أشياء كثيرة ما كان ينبغي التغاضي عنها.. فسكتوا عن صفقات مشبوهة، وأموال مهدورة، وقرارات غير مدروسة، مجحفة بحق الشعب كتلك التي رفعت تسعيرة الكهرباء والماء والتي جعلت الشعب يعاني ويقاسي مرارة الحياة، لا أحد يرحمهم ويشعر بهم.. فقد انتفت الرحمة وحلت محلها القساوة وغشت قلوب المسؤولين فما عادوا يسمعون صرخات وأنين الشعب، ولم يعد يهزهم شيء ولا يهمهم أحد.
لقد ماتت الرحمة من القلوب فأين المتراحمين في الله؟!! أين المتراحمين في الأرض؟!! أليس المسؤولون بشر؟!! وإذا كان كذلك لماذا ماتت الرحمة في قلوبهم؟ لماذا لا يتأنون عندما يصدرون القرارات العشوائية؟!.
إن القرارات المجحفة والتي تثقل كاهل الشعب تقضي على الأحلام فلا تسمح للحلم بأن يتسلل إلينا.. وجعلنا الواقع المرير أن نعي بأن الأحلام ممنوعة في هذا الزمن الذي قسى علينا كثيراً فلم نعد نحتمل قساوته!! أين المفر؟!! أين المفر؟!! لم نعد نستطيع الاحتمال!!
كروان عبد الهادي الشرجبي
أين المفر!! 2008