كنت قد وعدتكم بأن أتواصل معكم حول موضوع التأمين الصحي وملاحظات النقابات العامة التي أبرزت أهم العيوب للانتقاص من الحقوق المكتسبة، حيث أن المشروع الحالي المنظور أمام لجنتي القوى العاملة والصحة والسكان قد ورد فيه بعض الانتقاص من الحقوق المكتسبة بموجب نص القانون ولوائح وأنظمة معمول بها.
وطالب رؤساء النقابات العامة بضرورة، تعديل المادة "2" في المشروع والتي تشير إلى جهة العلاج، حيث طالبت النقابات بأن تلغى كلمة التأمينية على اعتبار أن التأمينية المراد منها حصر مقدمي الخدمة في الجهات المعتمدة في الصندوق فيما يجب أن تكون الفرص متساوية وسيختار المؤمن عليه الجهة الأحسن خدمة وإضافة كلمة "داخل اليمن وخارجه" وذلك لوجود حالات لا يمكن معالجتها محلياً وخاصة إصابات العمل.
وأيضاً أكد المشروع على قيام الصندوق بالاستقطاع على المؤمن عليهم يعد بعد صدور القانون بستة أشهر.
ولم يشر القانون صراحة إلى مدة بدء تقديم الخدمة للمؤمن عليهم وفي حالة عدم تقديم الخدمة خلال تلك الفترة هل سيتم الخصم.
ورأت النقابات إضافة فقرة للمادة "6" تنص على الآتي: في حالة تأخر الصندوق عن تقديم الخدمة في الستة الشهور الأولى من بدء الاستقطاع عن أي جهة مؤمنة لدى الصندوق ـ يحق لها أن توقف تحويل الاستقطاعات الخاصة بالتأمين لحساب الصندوق على أن تستغلها في توفير تأمين صحي ملائم بإشراف هيئة التأمين.
كانت تلك الملاحظات التي قدمتها النقابات مع إني كنت أتمنى أن تطالب النقابات بأن يتم أخذ استفتاء حول مشروع قانون التأمين الصحي، لأن الموضوع يتعلق بالمواطن وبحصته وله حق إبداء الرأي والموافقة وهذا حق من الحقوق المشروعة.
بقيت نقطة مهمة جداً وهي أين حق المرضى الفقراء ؟!! فهذه الفئة لم يذكرها المشروع، هل تعلم عزيزي القارئ أن جمهورية مصر العربية تناقش الآن لائحة جديدة لقانون التأمين الصحي وتم إضافة المريض الفقير المعدم حيث خصصت 40% من الأسرة المجانية للمريض الفقير، يعامل كما يعامل المرضى القادرون؟.. وهل تعلم أن مصر صرفت 2 مليار جنيه من أجل تطوير المستشفيات وإنشاء وحدات طبية جاهزة ومكتملة في الأرياف!! ومن تتبع قناة المحور المصرية وكذا القناة المصرية الأولى سيعلم جيداً الفرق الواضح بين قانون التأمين الصحي الشامل المعمول به في الدول العربية وكذا الغربية وبين مشروع قانون التأمين الصحي الخاص بنا نحن اليمنيين، فمشروعنا لم يأت لخدمة المواطن إطلاقاً ، فكلنا يعلم أن أبناء المناطق الريفية في كافة أنحاء الجمهورية لا توجد لديهم وحدات صحية ملائمة ولا مستشفيات لتقديم الخدمات الطبية وكل من يعاني من أهالي المناطق الريفية عليه أن يتوجه إلى العاصمة صنعاء أو عدن، على حسب القرب الجغرافي وبالتالي كيف سيخدم التأمين الصحي الأهالي في الأرياف والمحافظات التي لا يوجد بها مستشفيات ولا وحدات صحية تلبي متطلبات علاجهم، إذا كانت العاصمة "صنعاء ـ أو محافظة عدن" تشكوان من النقص في التجهيزات الطبية التقنية الحديثة والمتطورة ولازالت تعمل بأجهزة عفى عليها الزمن!!
والنقطة المهمة التي يجب أن تنتبه لها وزارة الصحة هي أن الدولة تسعى إلى خصصة القطاع العام وتنادي بالاستثمار والمستثمرين، فكيف نطلب من القطاع الخاص المساعدة؟ وفي نفس الوقت نفرض عليه قيوداً وشروطاً وغرامات؟!! إن هذا لا يعقل إطلاقاً وللمرة المليون أقول من الخطأ أن يتم إغفال دور القطاع الخاص في مسألة التأمين الصحي!! طالما وأنه موجود وبقوة على أرض الواقع، فيجب أن يكون مشاركاً أساسيًا إلى جانب الدولة والمسألة أولاً وأخيراً هي لخدمة الوطن والمواطن.
كروان عبد الهادي الشرجبي
التأمين الصحي "2" 2065