دع سمائي فسمائي محرقة        
وأحذر الأرض فأرضي صاعقة
دع سمائي دع سمائي
هذه أرضي أنا وأبي ضحى هنا      
وأبي قال لنا مزقوا أعداءنا
دع سمائي دع سمائي
هذه الأبيات كما أخبرني والدي أنه قالها أحد الشعراء عندما كان يحكم مصر أحد الظالمين.. فكانت كفيلة بأن تحرك الشعب المصري الحبيب في تلك الأيام.
تلكم الأبيات اللاتي حفظتها من صغري عندما كنت أدرس الابتدائية ظلت ساكنة أو محفورة في ذاكرتي ومع أني أحفظها لكني لم أذكرها إلا عندما أعلن الرئيس المخلوع "محمد حسني مبارك" التنحي عن الرئاسة حيث سمعت إحدى المتظاهرات في ميدان التحرير على التلفزيون تردد تلك الكلمات (دع سمائي... الخ) وهي تبكي والفرح والسرور يملأ عينيها عندها تذكرت الأبيات تماماً وعرفت قصد الشاعر وأدركت حجم الظلم والقهر الذي كان يعانيه الشاعر خاصة، والشعب المصري عامة.
واليوم رحل " مبارك" الرجل الأول الذي كان يراهن كثير من الناس على عدم مقدرة شعبه على إسقاطه وذلك لما اشتهر به المخلوع "محمد حسني مبارك" من شدة وغلظة وتبختر وتكبر.. ولكن الشاعر يقول:
من على الناس تكبر           
وتعالى وتبختر
سوف يهوي بحبال           
الوهم يوما ويعثر
وهذا ما مر به "مبارك" بعد أن ظل يساوم شعبه "3" أسابيع بعد أن خرجوا إلى الشارع وهو يعدهم بأن يعودوا إلى بيوتهم وهو سيقوم بالإصلاح والتغيير وبأن لا يخلف وعده مثل كل مرة، لكن الشعب أبى ذلك وظل يردد "الشعب يريد إسقاط النظام".
"محمد حسني مبارك" البالغ من العمر "85" عاماً.. عمره الرئاسي "30" عاماً خلال فترة رئاسته مارس كل أنواع الظلم والقهر ضد شعبه واستخدم كل أنواع الفساد من نفي وطوارئ وحضر وطرد العلماء والدعاة الذين لم يلبوا له رغباته في الفتاوى وتكفير الناس، كما استخدم المحاكم العسكرية لمصالحه وفتح المجال للفساد الأخلاقي بديلاً عن المبدأ الأخلاقي.. حسبنا الله ونعم الوكيل.
يا ترى هل سيغفر له التاريخ؟ وإذا غفر له التاريخ -مع أن ذلك مستحيل- هل سيسامحه العلماء والدعاة الذين شردهم أمثال الشيخ الدكتور/ القرضاوي والشيخ الدكتور/ وجدي غنيم والأستاذ/ عمرو خالد وغيرهم كثير؟، هناك كثير ممن كانوا على مبارك قبل تنحيه بأنه إذا هدأ شعبه سيعود لرشده.. لكننا نذكرهم بأن الله سبحانه وتعال قال (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما) النساء.
لقد تنحى مبارك ليس بإرادته وإنما بإرادة الله ثم شعبه.
استراحة:
لقد خزيت بفعلتها الحبور        
كذاك الدهر ذو صرف يدور
وذلك أنهم غدروا بشعب         
عظيم أمه أمر كبير
أخيراً نسأل من المولى عز وجل الإخلاص في كل قول وعمل وأن يبعدنا عن الفتن.. ولا تنسونا من خالص الدعاء.