في إحدى سنوات الدراسة حدثنا البروفيسور الهندي -الذي كان يدرسنا بعض المقررات– حدثنا عن رحلته مع ابنته وزوجته إلى جزيرة سقطرى، حيث قام بالتخييم على أحد السواحل في الجزيرة وقضى أياماً جميلة هادئة ما بين الطبيعة الخلابة وموجات البحر المتلاطمة.
وقال إن تلك الرحلة كانت بالنسبة له وأسرته ذكرى جميلة ومناظر سلبت لبه وأخذت حيز من ذكرياته وسكنت أعماقه.. واني أتساءل هنا، من منا فكر بالذهاب في رحلة سياحية إلى هذه الجزيرة الخلابة ، الرائعة بكل ما تحويه من عجائب تدل على عظمة من أوجدها سبحانه ، تتجلى في الصورة المكتملة لجمال الطبيعة "اجتمع الماء والخضرة والطيور والأشجار النادرة والمناظر الساحرة وسكانها الطيبون"، كل هذا اجتمع في مكان واحد، الأجانب يأتون إلينا ليكتشفوا مناطقنا السياحية ، ونحن نفكر فقط في الذهاب لخارج الوطن قبل اكتشاف داخله!.
من منا فكر في زيارة لهذه الجزيرة الساحرة لسبر أغوارها واكتشاف خباياها، وقضاء أوقاتٌ جميلة ولحظات لا تُنسى..
يشكل أرخبيل "سقطرى" نظاماُ أيكولوجياً بحرياً مستقلاً، حيث أن أهمية بيئته الفريدة والتنوع البيولوجي الهائل والفريد ذو الأهمية العالمية الذي لا يقل أهمية عن جزر جالاباجوس. وقد وصفه الاتحاد الدولي لصون الطبيعة بأنه (جالاباجوس المحيط الهندي)، كما أن الجزيرة من أهم أربع جزر في العالم من ناحية التنوع الحيوي النباتي وتعتبر موطناً لآلاف النباتات والحيوانات والطيور المستوطنة وهي بذلك تعتبر أهم موطن لأشجار اللبان المشهورة في العصور القديمة ، حيث يوجد في العالم بأكمله 25 نوعاً من اللبان منها (9 ) أنواع مستوطنة في جزيرة سقطرى.  
سُجل في الجزيرة حوالي (850) نوعاً من النباتات منها حوالي (270 ) نوعاً مستوطنة في الجزيرة ولا توجد في أي مكان آخر من العالم.. من بين الأنواع الهامة والقيمة شجرة "دم الأخوين" وتجدر الإشارة إلى أن (10) من الأنواع الـ18 من النباتات النادرة والمهددة في اليمن موجودة في سقطرى، مما يتوجب ضرورة الاهتمام والمحافظة عليها، حيث وأن (7) أنواع منها مدرجة في الكتاب الأحمر للاتحاد الدولي لصون الطبيعةIUCN" " كنباتات نادرة ومهددة..
إن هناك ثمة إمكانية لم تكشف بعد لوجود أحياء بحرية مستوطنة ، وقد دللت الدراسات على تنوع كبير للشعاب المرجانية، انتشار أنواع من المرجان والتي كانت معروفة بكونها مستوطنة في مناطق أخرى. يعتبر الجزء الشمالي الغربي من خليج عدن والمنطقة المحيطة بأرخبيل سقطرى من بين أكثر المناطق البحرية إنتاجية في العالم وتقارن في إنتاجيتها سواحل البيرو وغرب أفريقيا.
أجزم أن من يذهب إليها لن ينساها يوماً وسيظل يشتاق لها طول حياته، كما هو الحال مع دكتورنا الهندي..
همسة أُنثى:
نظراً للحالة المُسيطرة عليَّ هذه الأيام في اليقظة و في المنام أيضاً..
تمنيت لو ذهبت إلى جزيرتي واسمحوا لي أن أصفها لكم: هي جزيرة ليست كبيرة جداً لكنها بعيدة جداً أذهب إليها صباحاً دائماً لا ترى منها أرضاً في أي اتجاه .. المياه حولها هادئة.. لا أمواج عالية أبداً الشمس فيها معتدلة .. لا هي الحارقة .. و لا هي الضعيفة التي تسمح ببرودة الجو أشجارها تتنوع في غابة صغيرة بين الارتفاع و القِصَر.. أزهارها البرية الجميلة تحتل خلفية بيتي و بيتي البسيط عليها .. لا هو "الفيلا" و لا هو الكوخ.. فهو حالة وسط.. يفي بالغرض فقط و لا يؤثر سلباً على إحساسي بالطبيعة التي أحيى في أحضانها أذهب هناك في رحلة عقلية بسيطة.. تستغرق فترة سفري الخمسة دقائق.. أغمض عيني وافرغ عقلي لأتخيلني هناك جزيرتي لم يشاركني فيها أحد كل ما أتمناه منها.. أن تحقق لي هدف واحد.. العُزلة المؤقتة..
بعيداً عن كل العالم.. لا "موبايل".. لا "كمبيوتر".. لا شاشات.. لا تكنولوجيا.. لا شيء يشغلني أبداً.. فأنا استلقى على الشاطئ ساعة.. و أسبح في المياه الدافئة ساعة أُخرى جزيرتي.. حيث لا يعلم مكانها في الأرض إلا أنا جزيرتي.. ليست منفى لكنها خير مكان للاستجمام.. يا ترى هل هناك أحد عنده جزيرة؟.